محددات المنهجية العامة للتقرير:
تمثل عملية طلب الكلمة والتفاعل مع الأداءات البرلمانية عبر الجلسات العامة أحد أهم المدخلات لرصد وتقييم الأداءات البرلمانية والتعرف علي طبيعة العمل النيابي ومدي حرص النواب علي الاستفادة من كافة الأدوات التي كفلها لهم الدستور في العمل والتأثير في القرار التنفيذي أو في تطوير وصياغة المقترحات البرلمانية بصورة تتوافق مع معطيات وتفاصيل المهام الواجبة عليهم في إطار الأدوار ( الخمسة ) المنصوص عليها ضمن المادة ( 101 ) والتي تنص علي أن ( يتولى مجلس النواب سلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وذلك كله على النحو المبين في الدستور).
لذا فقد كان من المهم أن نتعامل مع أداءات المجلس الحالي ونرصد طريقة ممارسة نوابه لمهام الرقابة والتشريع في إطار عمليات الرقابة الشعبية علي تلك الأداءات والعمل علي المساهمة في تطويرها وتعزيز الوعي الجمعي بتفاصيلها انطلاقا من عدد من المحددات الرئيسية التي تحددها النقاط التالية :

أولاً: تنطلق الورقة في عمليات رصد وقياس أداءات النواب من محددات كونها عملية رصدية ورقابية تساهم في تحقيق الوعي الشعبي بما يتم من ممارسات وتعزيز صورة ومكانة النائب وفق ما يقدمه من أدوار وتفاصيل في الجلسات العامة باعتبارها المنصة الرئيسية ودائرة صنع واتخاذ القرار التشريعي وهو ما يكمل الكثير من تفاصيل المشهد لدي المواطنين في ظل غياب التغطية المباشرة من قبل التلفزيون الرسمي للدولة بعد القرار الذي اتخذه مجلس النواب خلال الجلسة (الرابعة) من دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السابق بتاريخ (11) يناير 2016 بوقف البث التلفزيوني المباشر للجلسات بناء علي الاقتراح المقدم من عدد (40) نائب نتيجة لما وصفه رئيس المجلس وقتها بأن (البث التلفزيوني ربما أعطي لبعض النواب الأريحية لاستعراض بعض المواقف اللائحية الخاطئة اعتقادا منهم أن تفسير اللائحة أصبح حكرا لهم)
ثانيا : اعتمدت الورقة في عملية قياس الفعالية لأداءات النواب علي تحليل الجلسات ال ( 20 ) الأولي من دور الانعقاد الثاني ( الحالي ) للمجلس بما يسمح بتكوين وجهة نظر شبه متكاملة حول تلك الأداءات بالقياس لكونها ربما تمثل ( ثلث ) إجمالي عدد الجلسات التي سبق وعقدها المجلس خلال دور الانعقاد الأول كاملا بالإضافة لكونها تغطي فترة زمنية تمتد من موعد انعقاد الجلسة الافتتاحية ( 2 ) أكتوبر 2021 وتنتهي بنهاية الجلسة ( 20 ) بتاريخ ( 14 ) ديسمبر 2021 مما يجعلها مدة كافية لتعطي مؤشر حيادي وعلمي حول الأداءات البرلمانية وتوجهاتها علي المستويين الجغرافي والسياسي .
ثالثا : انطلقت عملية تحليل ( الداتا ) ومعطيات الممارسة المباشرة للنواب من واقع قراءة وتحليل الملخصات ( الرسمية ) التي تصدرها الأمانة العامة للمجلس وتتيحها لأعضائه خلال مدة زمنية قصيرة من انتهاء الجلسات التزاما بنص المادة ( 331 ) التي تلزم بأن ( تعد أمانة المجلس في نهاية كل جلسة وخلال ثمان وأربعين ساعة من انعقادها موجزا لمضبطتها تبين به بصفة عامة الموضوعات التي عرضت على المجلس وموجز ما دار فيها من مناقشات وما اتخذ من قرارات ) وذلك نظرا للتأخر الشديد في عمليات إقرار وإتاحة المضابط الرسمية للمجلس ـ وحجب بعضها ـ بما قد يحول دون القدرة علي الاعتماد عليها مباشرة ( المضابط ) في عمليات الاستقراء أو التحليل ورغم التحديات التي قد يؤدي إليها افتقاد تلك الملخصات المتاحة للجلسات للدقة الواجبة للرصد أو تجاهلها لبعض المواقف والكلمات المؤثرة من قبل بعض النواب في عملية الإلمام الموضوعي بممارسات العديد منهم وهو ما نري واجبا علينا في إطار الأمانة العلمية أن ندققه هنا منعا للبس أو الاختلال .
غير أنه يبقي ضرورة للوقوف أمام ضعف التزام الأمانة العامة بالقواعد المنظمة لصياغة وإتاحة مضابط الجلسات باعتبارها الوثيقة الأدق والأكثر تكاملا والتزاما بمحتوي وتفاصيل الجلسات وفق ما ورد بنصوص اللائحة الداخلية للمجلس حيث نصت المادة ( 332 ) علي أن ( تحرر الأمانة لكل جلسة مضبطة يدون بها تفصيلا جميع إجراءات الجلسة وما عرض فيها من موضوعات وما دار من مناقشات وما صدر من قرارات وأسماء الأعضاء الذين أبدوا الرأي في كل اقتراح بالنداء بالاسم ورأى كل منهم ) بينما نصت المادة ( 333 ) أنه ( على أمانة المجلس إتاحة المضبطة للأعضاء بمجرد إعدادها، ويجب الانتهاء من ذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجلسة ثم يعرضها الرئيس بعد توزيعها على المجلس للتصديق عليها في أول جلسة تالية ولكل عضو كان حاضرا الجلسة المعروض التصديق على مضبطتها أن يطلب كتابةً إجراء ما يراه من تصحيح فيها من رئيس المجلس قبل موعد انعقاد الجلسة ويعرض الرئيس التصحيح الذي يطلبه العضو على المجلس للموافقة عليه ويجوز له أن يأذن للعضو بإبداء اقتراحه بالتصحيح فإذا أقر المجلس التصحيح يثبَت في مضبطة الجلسة وتصحح بمقتضاه المضبطة السابقة )

رابعا : تعتمد عمليات الرصد والتحليل الحالية للأداءات البرلمانية لأعضاء المجلس علي التحليل الرقمي المباشر لمداخلاتهم خلال الجلسات العامة دون الذهاب لقراءات نوعية لمحتوي تلك المداخلات ومدي تأثيرها في القرار البرلماني والتنفيذي باعتبار ذلك الأمر يتجاوز حدود وطبيعة العينة البحثية ويتطلب الرجوع لنصوص المضابط الرسمية الموثقة ضمانا لعدم اختلال عمليات القياس أو إبداء الانحيازات إضافة لكونها عملية شاملة يتطلب القيام بها اعتماد آلية زمنية ( أوسع ) للقياس تمتد لدور الانعقاد السنوي المكتمل وربما تتجاوزه لتشمل الفصل التشريعي بكافة جلساته بما يسمح بمواقف وتحليلات أكثر موضوعية وقدرة علي القياس الحيادي لتلك الممارسات ( وهو ما نسعي بالفعل للقيام به )
خامسا : خلال عمليات جمع وتحليل المداخلات الخاصة بالنواب ثارت قضية الوقوف بها عند حدود الجلسات العامة والتي يتطلب الحديث خلالها اعتماد إجراءات ومراعاة قواعد لائحية تنظمها هيئة مكتب المجلس حفاظا علي موضوعية النقاش والاستماع لكافة وجهات النظر الأمر الذي قد يحول بين بعض النواب وبين ممارسة الحق في الحديث خلال الجلسات العامة بعكس اجتماعات اللجان النوعية التي تكون فرص الحديث خلالها أكثر تنوعا وتكاملا في التعبير عن قناعات وتوجهات النواب بل وممارستهم للتأثير الحقيقي في صياغة مقترحات التشريع والرقابة وهي ملاحظة حقيقية وهامة في مجال الدراسات البرلمانية غير أن ما يصعب من ممكنات الأخذ بها هو عدم وجود مضابط موثقة لجلسات اللجان وعدم القدرة علي التوثق مما تم خلالها من مواقف مع الاعتراف بأهميتها بل وضرورة السعي لإيجاد آلية تنظم توثيقها والرجوع لمحتواها عند قراءة الأداءات البرلمانية وبما ينصف عدد من النواب الذين لا تظهر الجلسات العامة طبيعة ممارستهم البرلمانية .
الضوابط التشريعية واللائحية لمداخلات النواب
تمثل الضوابط الدستورية والتشريعية لنظام عمل البرلمان في إطار الوفاء بأدواره المنصوص عليها دستوريا إضافة لما نظمته اللائحة الداخلية للمجلس والصادرة بالقانون رقم ( 1 ) لسنة 2016 فيما يتعلق بنظام طلب الكلمة والحديث خلال الجلسات العامة مدخلا بالغ الأهمية لبيان ما يوضح مدي فعالية أداء النواب وهل توجد أي عوائق تحول بينهم وبين ممارسة أدوارهم الرقابية والتشريعية واستخدام المنصة النيابية في إبداء وجهات نظر وانحيازات تسهم في تطوير السياسات العامة والتشريعات المقترحة باعتبار أن تلك هي الغاية الرئيسية من وراء ظهور واستقرار السلطة التشريعية وتفويضها باختصاصات وأدوار التعبير عن الإرادة الشعبية فيما يتعلق بقضايا ومجالات العمل علي إقرار القواعد العامة أو السعي لتطويرها .
وبالنظر لما نص عليه الدستور من محددات نجد أن المادة ( 112 ) قد نصت علي أنه ( لا يسأل عضو مجلس النواب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله في المجلس أو في لجانه ) وذلك لضمان سيادة ورسوخ هذا المبدأ كقاعدة عامة تسبغ حمايتها علي الأداءات والممارسات التي يلجأ لها نواب البرلمان في إطار دورهم الرقابي علي سلطة التنفيذ وهو ما فسرته المادة ( 129 ) التي نصت علي أنه ( لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم أسئلة في أي موضوع يدخل في اختصاصاتهم وعليهم الإجابة عن هذه الأسئلة في دور الانعقاد ذاته ) ولضمان قدرة وكفاءة وتأثير أكبر لصالح البرلمان في سبيل تحقيق تلك الغايات فقد نصت المادة ( 130 ) علي أنه ( لكل عضو في مجلس النواب توجيه استجواب لرئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم لمحاسبتهم عن الشئون التي تدخل في اختصاصاتهم ) كما نصت المادة ( 133 ) علي أنه ( لكل عضو من أعضاء مجلس النواب إبداء اقتراح برغبة في موضوع عام إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم ) لتنتهي الأدوات الفردية المباشرة لعضو مجلس النواب بالمادة ( 134 ) والتي نصت علي أنه ( لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يقدم طلب إحاطة أو بيانًا عاجلاً إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم في الأمور العامة العاجلة ذات الأهمية ) بينما ذهبت المادة ( 132 ) لنموذج الأدوات الجمعية التي تستخدم علي مستوي الدور الرقابي بالنص علي أنه ( يجوز لعشرين عضواً من مجلس النواب على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه ) دون أن ينال كل ذلك من الدور الرئيسي لمجلس النواب والذي تضمنته المادة ( 122 ) بالنص علي أنه ( لرئيس الجمهورية ولمجلس الوزراء ولكل عضو في مجلس النواب اقتراح القوانين )
ولضمان كفاءة ممارسة واستخدام تلك الأدوات وتنظيم عمليات الحوار والتشابك حولها فقد نظمت اللائحة الداخلية نظام الكلام خلال الجلسات العامة للمجلس فنصت المادة ( 290 ) علي أنه ( لا يجوز لأحد أن يتكلم في الجلسة إلا بعد أن يطلب الكلمة ويأذن له الرئيس في ذلك ولا يجوز للرئيس أن يرفض الإذن في الكلام إلا لسبب تقتضيه أحكام هذه اللائحة ) بينما نصت المادة ( 291 ) علي أنه ( يجوز لكل عضو أن يقدم كتابةً إلى رئيس المجلس طلب استيضاح في أي موضوع يود العضو الاستفسار عنه من شئون المجلس ) ولتنظيم تلك الممارسة فقد نصت المادة ( 292 ) علي أنه ( مع مراعاة حكم المادة ( 215 ) من هذه اللائحة لا تجوز المناقشة في موضوع غير وارد فى جدول الأعمال إلا بناءً على طلب الحكومة أو رئيس المجلس أو بناء على طلب كتابي مسبب يقدم إلى رئيس المجلس من أحد ممثلي الهيئات البرلمانية أو من عشرين عضوا على الأقل ولا يجوز الكلام لمقدم الطلب إلا بعد موافقة المجلس عليه بناء على ما يعرضه الرئيس ويصدر قرار المجلس في ذلك دون مناقشة ومع ذلك يجوز للرئيس أن يأذن بالكلام لواحد من مؤيدي الطلب وواحد من معارضيه لمدة لا تزيد على خمس دقائق ما لم يقرر المجلس غير ذلك )
ولضمان كفاءة وموضوعية تلك الممارسة فقد نصت المادة ( 294 ) أنه ( مع مراعاة ما ورد في شأنه نص خاص في هذه اللائحة عن الأولوية في الكلام يأذن الرئيس بالكلام لطالبيه حسب ترتيب تقديم طلباتهم مع مراعاة صالح المناقشة ويراعى إعطاء الأولوية للمسجلين لطلب الكلمة إلكترونيا ما لم يقتض صالح النقاش غير ذلك وعند تشعب الآراء يراعى الرئيس قدر الإمكان أن يتناوب الكلام المؤيدون والمعارضون للموضوعات المعروضة للمناقشة ) كما نصت المادة ( 296 ) علي أنه ( مع مراعاة ما ورد بشأنه نص خاص في هذه اللائحة لا يجوز للعضو أن يتكلم أكثر من خمس عشرة دقيقة كما لا يجوز له الكلام أكثر من مرتين في ذات الموضوع إلا إذا أجاز المجلس ذلك ) لذا فقد تضمنت المادة ( 297 ) تحديد الحالات التي يحق للنواب الحديث فيها فنصت علي أنه ( يجوز طلب الكلام دائما في أحد الأحوال الآتية :
أولاً : الدفع بعدم جواز المناقشة في الموضوع المطروح لتعارضه مع الدستور .
ثانياً : توجيه النظر إلى مراعاة أحكام قانون مجلس النواب أو أحكام اللائحة الداخلية للمجلس ولا يجوز للعضو في هذه الحالة أن يتكلم في الموضوع المعروض على المجلس أو أن يقدم طلبًا .
ثالثاً : تصحيح واقعة محددة مدعى بها أو الرد على قول يمس طالب الكلام .
رابعاً : طلب التأجيل أو إرجاء النظر في الموضوع المطروح للبحث إلى ما بعد الفصل في موضوع آخر يجب البت فيه أولا ولهذه الطلبات أولوية على الموضوع الأصلي ويترتب عليها وقف المناقشة فيه حتى يصدر قرار المجلس في شأنها ولا يجوز لطالب الكلام في هذه الأحوال التكلم قبل أن يتم المتكلم الأصلي كلمته إلا إذا أذن له الرئيس بذلك وكان مبنى طلب الكلام أحد الأسباب المبينة بالبندين ( أولا و ثانيا ) ويجب قبل الإذن بالكلام في الأحوال المحددة في البندين أولا و ثانيا أن يحدد العضو المادة التي يستند إليها في الدستور أو قانون مجلس النواب أو هذه اللائحة وأن يبين للمجلس وجه المخالفة كما يجب في الأحوال المبينة في البندين ثالثا و رابعا تحديد الواقعة أو القول أو الموضوع المشار إليه في هذين البندين بطلب كتابي يقدم لرئيس المجلس )
أما فيما يتعلق بالخروج على قواعد الكلام في الجلسة فقد نصت المادة ( 302 ) علي أنه ( يجب على المتكلم التعبير عن رأيه ووجهة نظره مع المحافظة على كرامة وهيبة المؤسسات الدستورية بالدولة وكرامة المجلس وكرامة رئيس وأعضاء المجلس كما يجب على المتكلم ألا يكرر أقواله ولا أقوال غيره ولا يجوز له أن يخرج عن الموضوع المطروح للبحث ولا أن يأتي بصفة عامة أمرا مخلا بالنظام والوقار الواجب للجلسة وفى جميع الأحوال يحظر على المتكلم استخدام السباب أو الألفاظ النابية في عباراته وكل مخالفة لذلك تُحال إلى لجنة القيم ) كما نصت المادة ( 303 ) علي أنه ( لا يجوز لأحد غير رئيس المجلس مقاطعة المتكلم ولا إبداء أية ملاحظة إليه وللرئيس وحده الحق في أن ينبه المتكلم في أية لحظة أثناء كلامه إلى مخالفته لأحكام المادة ( 302 ) من هذه اللائحة أو غيرها من أحكام هذه اللائحة أو إلى أن رأيه قد وضح وضوحا كافيا وأنه لا محل لاسترساله في الكلام )
ولتنظيم سبل التعامل مع إخلال أعضاء المجلس بقواعد تنظيم الكلام خلال الجلسات العامة فقد نصت المادة ( 304 ) أنه ( للرئيس أن يلفت نظر المتكلم للمحافظة على نظام الكلام فإن لم يمتثل فله أن يوجه إليه تحذيرا بعدم الخروج على النظام ) بينما نصت المادة ( 305 ) أنه ( للرئيس أن يأمر بحذف أي كلام يصدر من أحد الأعضاء مخالفا لأحكام هذه اللائحة من مضبطة الجلسة وعند الاعتراض على ذلك يعرض الأمر على المجلس الذي يصدر قراره في هذا الشأن دون مناقشة ) وأوضحت المادة ( 306 ) أنه ( إذا ارتكب المتكلم ما يمس كرامة وهيبة المؤسسات الدستورية للدولة أو كرامة المجلس أو رئيسه أو أي من أعضائه كان للرئيس أن يناديه باسمه ويحذره من الخروج على النظام أو يمنعه من الاستمرار في الكلام فإذا اعترض العضو على قرار الرئيس أخذ الرئيس رأى المجلس ويصدر قرار المجلس في ذلك دون مناقشة ) كما نصت المادة ( 307 ) أنه ( إذا وجه الرئيس تحذيرا للمتكلم طبقًا لأحكام المواد السابقة ثم عاد في ذات الجلسة إلى الخروج على نظام الكلام فللرئيس أن يعرض على المجلس منعه من الكلام في ذات الموضوع أو حتى انتهاء الجلسة ويصدر قرار المجلس في ذلك دون مناقشة ) بل أنه في إطار الحسم في التعامل مع تلك الخروقات فقد نصت المادة ( 308 ) أنه ( للمجلس بناءً على اقتراح رئيسه أن يوقع على العضو الذي أخل بالنظام أثناء الجلسة أو لم يمتثل لقرار المجلس بمنعه من الكلام أحد التدابير الآتية :
أولاً : المنع من الكلام بقية الجلسة .
ثانيًا : اللوم .
ثالثًا : الحرمان من الحضور في قاعة الاجتماع لجلسة واحدة .
رابعًا : الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس ولجانه لمدة لا تجاوز جلستين .
خامسًا : الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس ولجانه لمدة لا تزيد على خمس جلسات .
ويجوز أن تتخذ التدابير المنصوص عليها في البنود أولاً وثانيًا وثالثًا من رئيس المجلس مباشرة )
تحليل المعاملات الرقمية للجلسات العامة
تمثل عملية تحليل أزمنة انعقاد الجلسات ومدي التزام النواب بمواعيد الانعقاد المحددة في قرارات رئيس الجلسة برفع الجلسات السابقة مصدرا شديد الأهمية في رصد وتحليل أحد المداخل الهامة لانضباط المجلس والتزام نوابه بالمهام الملقاة علي عاتقهم خاصة فيما يتعلق بانضباط بدايات الجلسات والذي كان أحد أهم مثالب الفصل التشريعي الأول الذي كان من النادر أن تبدأ جلساته في موعدها المقرر بل ووصل الأمر لاستدعاء النواب من الغرف والقاعات والبهو لإكمال النصاب القانوني المطلوب لبدء الجلسة رغم التنبيهات والتهديدات المتوالية والمتكررة لرئيس المجلس بضرورات الالتزام قبل إعمال اللوائح وتطبيق قواعد المحاسبة عليهم .
إلا أن المجلس الحالي ومع بدء تولي المستشار حنفي جبالي رئاسته قد اعتمد نمط شديد الصرامة فيما يتعلق ببدء جلسات المجلس وفق مواعيدها المقررة ووفق ما يعلن عنه رئيسه الذي أعلن خلال الجلسة الافتتاحية للفصل التشريعي الثاني ( وبمجرد انتخابه ) عن تطبيق تلك القواعد بحسم شديد ودون أي إخلال أو تجاوز لنجد أن جلسات المجلس جميعها ـ خلال دور الانعقاد الحالي ـ قد بدأت وفق الموعد المحدد لها دون أي تأخير حيث انعقدت ( 18 ) جلسة في تمام الساعة ( 11,00 ) صباحا وفق أيام الانعقاد بينما انعقدت ( جلستان ) في توقيتات مسائية وذلك نظرا لارتباطهما بقواعد وآليات لائحية مع بدء أدوار الانعقاد السنوية للمجلس ترتبط بإعلان كشوف عضوية اللجان النوعية ودعوتها لانتخاب هيئات مكاتبها وإعلان النتائج بما يتناسب مع طبيعة المهام والقضايا المطروحة علي المجلس وهو أمر يستحق التحية لالتزام المجلس الوقتي وانتظام جلساته دون أي خلل لا يليق بصورته أو طبيعة أدواره بل ويعطي مؤشر واضح علي نمط الممارسة الجدية الذي يعتمده النواب في تعاملاتهم .
أما فيما يتعلق بأيام انعقاد الجلسات أسبوعيا ومدي دوريتها في ظل وجود غرفة ثانية للتشريع ( مجلس الشيوخ ) فقد أعلن رئيس المجلس خلال الجلسة ( الافتتاحية ) لدور الانعقاد الثاني بتاريخ 2 أكتوبر 2021 أنه التزاما بالمادة ( 277 ) من اللائحة الداخلية فقد تم اختيار أيام ( الأحد ـ الاثنين ـ الثلاثاء ) لانعقاد تلك الجلسات ـ بمعدل مرة كل أسبوعين ـ وهو ما تم الالتزام به بصورة شديدة الانضباط حيث شهد يوم ( السبت ) انعقاد جلسة ( وحيدة ) هي الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد ـ والتي جري خلالها تحديد أيام الانعقاد الأسبوعية ـ بينما شهد يوم ( الأحد ) انعقاد ( 8 ) جلسات ويوم ( الاثنين ) انعقاد ( 6 ) جلسات ويوم ( الثلاثاء ) انعقاد ( 5 ) جلسات بينما تركت باقي أيام الأسبوع أو الأيام اللاحقة في الأسبوع التالي لكي تكون الفرصة متاحة أمام اللجان النوعية من أجل إعداد التقارير أو التوسع في المناقشات والاجتماعات لضمان كفاءة ما يصدر عنها وما يعرض علي الجلسات العامة لإقراره وهي في مجملها أطر تنظيمية أعطت المزيد من الفعالية والتكثيف لطبيعة الممارسات النيابية أو تكوين الصورة الذهنية الايجابية للمجلس الحالي لدي المواطنين .
وفيما يتعلق بالأطر والقواعد الخاصة بزمن الجلسات ال ( 20 ) الأولي من دور الانعقاد الحالي فقد بلغ إجمالي زمن انعقاد تلك الجلسات ( 61,10 ) ساعة بمتوسط عام يعادل ( 3,04 ) ساعة لكل جلسة في متوسط عام يشير لمدي الفعالية والايجابية في الممارسة وتنوع القضايا المطروحة علي القاعة حيث كانت أقصر الجلسات زمنا هي الجلسة الثانية بزمن قدره ( 10 ) دقائق فقط الأمر الذي يمكن تفهمه بكونها جلسة مخصصة لمجرد الإعلان عن قوائم الترشيحات لعضوية اللجان النوعية بينما كانت الجلسة رقم ( 20 ) هي أطول الجلسات بزمن قدره ( 5,25 ) ساعة نظرا لكون جدول أعمالها قد احتوي علي أخذ الرأي النهائي في مشروعي قانونين ومناقشة تقارير اللجان النوعية عن ( ثلاثة ) مشروعات بقوانين وأيضا الموافقة علي ( قرارين ) لرئيس الجمهورية .
تحليل زمن الجلسات |
||||
الجلسة | التاريخ | بداية | نهاية | زمن |
1 | السبت 2 أكتوبر 2021 | 11,00 | 11,30 | 0,30 |
2 | الأحد 3 أكتوبر 2021 | 11,00 | 11,10 | 0,10 |
3 | الأحد 3 أكتوبر 2021 | 12,00 | 12,15 | 0,15 |
4 | الأحد 3 أكتوبر 2021 | 2,30 | 2,55 | 0,25 |
5 | الاثنين 4 أكتوبر 2021 | 11,00 | 1,10 | 2,10 |
6 | الأحد 17 أكتوبر 2021 | 11,00 | 2,30 | 3,30 |
7 | الاثنين 18 أكتوبر 2021 | 11,00 | 2,35 | 3,35 |
8 | الثلاثاء 19 أكتوبر 2021 | 11,00 | 3,15 | 4,15 |
9 | الأحد 31 أكتوبر 2021 | 11,00 | 3,35 | 4,35 |
10 | الاثنين 1 نوفمبر 2021 | 11,00 | 3,00 | 4,00 |
11 | الثلاثاء 2 نوفمبر 2021 | 11,00 | 1,50 | 2,50 |
12 | الأحد 14 نوفمبر 2021 | 11,00 | 2,55 | 3,55 |
13 | الاثنين 15 نوفمبر 2021 | 11,00 | 2,05 | 3,05 |
14 | الثلاثاء 16 نوفمبر 2021 | 11,00 | 1,35 | 2,35 |
15 | الأحد 28 نوفمبر 2021 | 11,00 | 2,25 | 3,25 |
16 | الاثنين 29 نوفمبر 2021 | 11,00 | 4,00 | 5,00 |
17 | الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 | 11,00 | 2,35 | 3,35 |
18 | الأحد 12 ديسمبر 2021 | 11,00 | 3,30 | 4,30 |
19 | الاثنين 13 ديسمبر 2021 | 11,00 | 2,25 | 3,25 |
20 | الثلاثاء 14 ديسمبر 2021 | 11,00 | 4,25 | 5,25 |
إجمالي الزمن | 61,10 |
والواقع أن تلك المدد الزمنية التي قد استغرقتها الجلسات العامة للمجلس والتي يمكن القول بأنه رغم تناسبها وواقعيتها بالنظر لما شهدته الجلسات من تفاعلات إلا أنها بمقياس حجم المعروض عليها من مهام وقضايا تضمنتها جداول أعمالها كانت تستوجب المزيد من المساحات الزمنية للحوارات وتبادل وجهات النظر وتنوع المطروح من بدائل وسياسات تتسق مع الأدوار والغايات التي استدعت النظر فيها وطرحها علي الجلسة للعامة .
فعبر الجلسات ال ( 20 ) الأولي لمجلس النواب في دور انعقاده الحالي فقد تعرض المجلس ـ وتضمنت جداول أعمال جلساته ـ العديد من الموضوعات الهامة والرئيسية في إطار الأداءات التشريعية والرقابية للمجلس حيث عرض عليه ( 45 ) قرار جمهوري بينها ( 25 ) قرار للإحالة للجان المختصة للنظر وإبداء الرأي وعدد ( 20 ) قرار جمهوري للإقرار والتفعيل بالإضافة لتلقي المجلس في إطار دوره التشريعي لعدد ( 64 ) مشروع قانون للإحالة للجان المختصة بينها ( 40 ) قانون مقدمة من الحكومة وأيضا عدد ( 24 ) قانون مقدم من نواب المجلس بعد استيفاء ( شرط العشر ) المنصوص عليه ضمن المادة ( 122 ) من الدستور وهو ما أدي لطرح تقارير اللجان المختصة للنقاش وإبداء الرأي حول عدد ( 48 ) تقرير لمشروع قانون ـ بينها ( 19 ) قرار جمهوري ـ إضافة لإبداء الرأي النهائي في عدد ( 7 ) قوانين بينها ( 3 ) تشريعات مكملة للدستور بما يستوجب موافقة أغلبية ( الثلثين ) أما علي مستوي أدوات الرقابة المتاحة للأعضاء فقد شهدت الجلسات العامة إلقاء النواب لعدد ( 6 ) بيانات عاجلة إضافة لتقديم ( 34 ) طلب مناقشة بغرض تحديد موعد وإحالة عدد ( 51 ) اقتراح برغبة للجان المختصة للنظر وإعداد تقارير حولها .
تحليل المداخلات الإجمالية للجلسات
كلمات النواب ليست مجرد جمل أو عبارات الغرض منها مجرد إثبات التواجد خلال جلسات المجلس أو الظهور أمام أهالي الدائرة والناخبين باعتبار أن النائب الذي يمثلهم لديه حظوة أو مكانة تدعمه عند الرغبة في قول ما يشاء وإنما هي بالأساس تعبير عن انحيازات وقيم ومبادئ يعتنقها النائب ويدافع عنها خلال ممارسة دوره بالإضافة لكونها واحدة من بين وسائل إثبات جدية النائب وجدارته بالتعبير عن المواطنين والدفاع عن مصالحهم وهو ما يجعل من رصد تلك المداخلات وبيان أعدادها واتجاهاتها الجغرافية والسياسية مدخلا بالغ الأهمية لفهم الأداءات البرلمانية وتقييم ممارسات وخطوات الفاعلين في المشهد النيابي .
وبالنظر إلي تأثيرات الفلسفة السابقة علي عمليات الحوار وطلب الكلمة خلال جلسات دور الانعقاد ( الثاني ) من الفصل التشريعي ( الحالي ) لمجلس النواب نجد أن المداخلات التي قام بها النواب خلال الجلسات ال ( 20 ) قد بلغ عددها الإجمالي ( 892 ) مداخلة قام بهم عدد ( 285 ) نائب يمثلون ( 48 % ) من إجمالي عضوية المجلس بينما بلغ عدد النواب الذين لم يتقدموا بأي طلب للكلمة خلال ذات المدة ( 306 ) نائب بنسبة ( 52 % ) الأمر الذي يدق ناقوس خطر حقيقي حول ضعف معدل التفاعل والمشاركة خلال دور الانعقاد الحالي واستخدام النواب لعدد من البدائل في طلب الكلمة والحديث خلال الجلسات العامة لإنهاء مصالح ناخبيهم ودوائرهم بعيدا عن احتمالات الخطر أو السقوط في فخاخ الحديث غير المقبول وهو ما يمثل منهجية نفعية متميزة لدي الكثير من النواب أصحاب الخبرات والمهارات الانتخابية لكنها تضعف كثيرا من كفاءة الجلسات العامة وعمليات إنتاج التشريعات وتطويرها أو الرقابة الحقيقية علي أداءات السلطة التنفيذية المختلفة .
فعلي مدار الجلسات المحددة للعينة فقد شهدت ( 4 ) جلسات ( 1 : 4 ) غياب أي مداخلات من النواب أو مشاركتهم في الحديث الأمر الذي يمكن فهم مبرراته بكونها جلسات إجرائية ترتبط بإعلان دعوة المجلس وتنظيم عضوية لجانه النوعية وانتخاب هيئات مكاتبها كمرحلة تأسيسية تبني عليها ووفق نتائجها كافة المسارات والأنشطة البرلمانية خلال الجلسات اللاحقة لذا فقد استقرت التقاليد البرلمانية علي عدم السماح بأي مداخلات تخل بهذا السياق التنظيمي أو تفتح الباب لجدال يحول بين المجلس وبين عملية استكمال بنيته المؤسسية .
في المقابل فقد شهدت الجلسات التالية وعددها ( 16 ) جلسة وهي ( 5 : 20 ) تنوع في عدد وطبيعة مداخلات النواب بإجمالي ( 892 ) مداخلة بمتوسط عام للمداخلات ( 56 ) مداخلة لكل جلسة وهو ما تجاوزته فعليا ( 8 ) جلسات حيث كانت أعلي الجلسات من حيث عدد المداخلات والكلمات التي أبداها النواب هي الجلسة رقم ( 8 ) بعدد ( 96 ) مداخلة خلال زمن قدره ( 4,15 ) ساعة في معدل للمشاركة عالي الكفاءة والفعالية خاصة وأن الجلسة العديد من الموضوعات الهامة والساخنة مثل أخذ الرأي النهائي علي مشروع القانون الذي تقدم به النائب محمد مصطفي السلاب بتعديل بعض أحكام القانون رقم ( 10 ) لسنة 2018 بإصدار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأيضا مناقشة تقارير اللجان النوعية حول ( 5 ) قرارات لرئيس الجمهورية تتعلق بعدد من الاتفاقيات والتعاقدات والمنح بين مصر وبعض الدول والمنظمات الدولية وأيضا تقرير لجنة الشباب عن مشروع قانون تقدم به النائب محمود حسين بشأن مد المدة المقررة لتوجيه الدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية للهيئات الرياضية نهاية بالتقرير المثير للجدل حول الطلب المقدم من النائب العام للإذن برفع الحصانة عن النائب تامر عبد القادر وذلك لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضده في القضية رقم ( 2033 ) لسنة 2021 .

أما أقل الجلسات من حيث عدد المداخلات فقد كانت الجلسة رقم ( 13 ) بعدد ( 7 ) مداخلات فقط ـ كانت من بينها مداخلتان متكررتان لذات المتحدثين ـ لكونها قد خصصت لإقرار مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة رقم ( 67 ) لسنة 2010 وأيضا استمرار مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة بشأن إصدار قانون المالية العامة الموحد غير أن المثير بشأن تلك الجلسة ومحدودية المداخلات بها يرتبط بالأساس بزمنها الذي امتد ( 3,05 ) ساعة وهي مدة طويلة تتيح للنواب فرص أكبر للمداخلات خاصة لو قارناها بالجلسة رقم ( 7 ) التي امتدت ( 3،35 ) ساعة وشهدت رغم ذلك ( 87 ) مداخلة.
التحليل الجغرافي لفعالية ومداخلات النواب
تمثل الجغرافيا مدخلا بالغ الأهمية عند صياغة النظام الانتخابي أو تحديد الحصص الفعلية للمحافظات في المجالس النيابية بما قد يكون أحد أهم محددات صياغة المادة الدستورية ( 102 ) والتي تضمنت النص علي أنه ( ويُبين القانون شروط الترشح الأخرى ونظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يُراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات ) وهو ما انعكس في تقسيم شديد الكفاءة لمقاعد المجلس بحسب طبيعة التركيبة الجغرافية للدوائر وأيضا تحديد النصاب العادل لها من مقاعد حيث أتت محافظة القاهرة هي الأعلى في عدد ممثليها برقم ( 62 ) نائب بينما توزعت الحصة الأقل بعدد ( 4 ) مقاعد بين ( 4 ) محافظات جغرافية هي ( بورسعيد ـ السويس ـ الوادي الجديد ـ جنوب سيناء )
ورغم أن المعايير العلمية والأكاديمية ـ بل ومحددات التشريع ـ تتعامل مع كافة النواب علي قدم المساواة وأن طبيعة ممارستهم لأدوارهم وحجم تعاطيهم مع قضايا العمل البرلماني لا تختلف إلا بمقدار ما تتفاوت العوامل الذاتية والمهارات الخاصة وكفاءة الأداء من عنصر لأخر إلا أن البعض يعتبر طبيعة الدائرة الجغرافية وعلاقة النائب بدوائر السلطة المركزية وشبكات المصالح والتأثير الذي يرتبط بها ضمن المحددات التي تلعب دورا حاسما ومؤثرا في اتجاهات عمله وتفاعله مع الجلسات أو طلبه للكلمة واقتراحه للتشريعات .
تحليل الفعالية وفقا للتصنيف الجغرافي |
|||||||||
م | المحافظة | متحدث | صامت | إجمالي | م | المحافظة | متحدث | صامت | إجمالي |
1 | المعينون | 13 | 14 | 27 | 15 | قنا | 10 | 8 | 18 |
2 | القاهرة | 32 | 29 | 61 | 16 | الأقصر | 4 | 3 | 7 |
3 | القليوبية | 18 | 11 | 29 | 17 | أسوان | 4 | 5 | 9 |
4 | الدقهلية | 21 | 17 | 38 | 18 | البحر الأحمر | 4 | 2 | 6 |
5 | الغربية | 11 | 19 | 30 | 19 | الشرقية | 16 | 26 | 42 |
6 | المنوفية | 13 | 11 | 24 | 20 | دمياط | 4 | 6 | 10 |
7 | كفر الشيخ | 11 | 8 | 19 | 21 | السويس | ـ | 3 | 3 |
8 | الجيزة | 29 | 19 | 48 | 22 | الإسماعيلية | 6 | 3 | 9 |
9 | الفيوم | 4 | 15 | 19 | 23 | بورسعيد | 3 | 1 | 4 |
10 | بني سويف | 4 | 12 | 16 | 24 | شمال سيناء | 2 | 5 | 7 |
11 | المنيا | 15 | 14 | 29 | 25 | جنوب سيناء | 2 | 2 | 4 |
12 | أسيوط | 13 | 10 | 23 | 26 | الإسكندرية | 11 | 23 | 34 |
13 | الوادي الجديد | 3 | 1 | 4 | 27 | البحيرة | 19 | 19 | 38 |
14 | سوهاج | 11 | 16 | 27 | 28 | مرسي مطروح | 2 | 4 | 6 |
الإجمالي | 285 | 306 | 591 |
وبإعمال تلك المحددات السابقة نجد أن المداخلات التي أبداها النواب قد توزعت بين ( 26 ) محافظة إضافة للمعينين في مؤشر علي انتشار عمليات التفاعل وتوزعها بين المحافظات المختلفة وعدم تمركزها في قطاع جغرافي معين بما يشير أيضا لموضوعية الطرح والميل نحو نقاشات لقضايا تتسم بالعمومية وتنوع وجهات النظر حولها حيث احتلت القاهرة المركز الأول من حيث عدد المتحدثين بإجمالي ( 32 ) متحدث تليها محافظة الجيزة ( 29 ) متحدث والدقهلية ( 21 ) والبحيرة ( 19 ) بينما علي الجانب الأخر فقد كانت أقل المحافظات من حيث عدد المتحدثين بإجمالي متحدثين ( اثنين ) لصالح ( 3 ) محافظات هي ( شمال سيناء ـ جنوب سيناء ـ مرسي مطروح ) الأمر الذي يمكن تفسيره في الحالين ـ سواء كثرة عدد المتحدثين أو محدوديتهم ـ بكونه يرتبط بالأساس بالعدد والنصاب المحدد لكل محافظة فالمحافظات الأكثر تفاعلا كانت هي الأعلى تمثيلا في المجلس ـ رغم غياب محافظة الشرقية التي تحتل المركز الثالث من حيث حصة المقاعد ـ بينما كانت المحافظات الأقل تفاعلا هي صاحبة العدد الأقل أيضا في عضوية المجلس .
أما من حيث عدد المداخلات ـ وبالتأكيد علي أن المبرر السابق حول الفعالية العددية جغرافيا يصعب التحجج به هنا خاصة وأن التقييم سيتم علي تفاعل وعدد مداخلات المتحدثين ـ فقد استمرت هيمنة المحافظات الرئيسية في السيطرة علي المراكز المتقدمة مع تفوق نسبي لصالح محافظة الجيزة بعدد ( 115 ) مداخلة تليها القاهرة ( 110 ) مداخلة والدقهلية ( 64 ) والبحيرة ( 57 ) مقابل توسع وزيادة في عدد المحافظات الأقل من حيث عدد المداخلات حيث انفردت محافظتان بعدد مداخلتين ( اثنين ) هما ( شمال سيناء ـ مرسي مطروح ) تليهما محافظتان بعدد ( 4 ) مداخلات هما ( بورسعيد ـ جنوب سيناء ) ومحافظتان بعدد ( 5 ) مداخلات هما ( أسوان ـ الوادي الجديد ) بما قد يؤشر لمخاطر هيمنة العشائرية والقبلية علي عمليات اختيار النواب حتي لو أتت علي حساب الكفاءة أو مهارة التطبيق البرلماني كقضية تستحق الدراسة والتحليل واعتماد عدد من سياسات التطوير المختلفة .
غير أنه تبقي حالة خاصة بمحافظة السويس التي تفردت بكونها المحافظة الوحيدة التي لم يتقدم أي من نوابها الثلاثة ـ بعد وفاة النائب حسن عيد ـ بأي مداخلة أو طلب كلمة خلال الجلسات المحددة للدراسة وهو أمر يستدعي التوقف خصوصا بالنظر لكون بعض القضايا والتقارير قد ارتبطت مباشرة بطبيعة النشاط الاقتصادي والتنموي بالمحافظة وضرورة وجود وجهة نظر تتعلق بها لدي نواب الإقليم إضافة لما يتعلق بخبرات هؤلاء النواب ومعارفهم المرتبطة بالعمل البرلماني المباشر خاصة مع كون التركيبة البرلمانية الممثلة للمحافظة تأتي عبر نواب جدد يحتاجون للتفاعل مع الأجندة البرلمانية ولديهم الرغبة في اثبات التواجد والمهارة الداعمة لحظوظهم في العمل العام .
تحليل مداخلات النواب ( التصنيف الجغرافي ) |
|||||||
م | المحافظة | المتحدثون | المداخلات | م | المحافظة | المتحدثون | المداخلات |
1 | المعينون | 13 | 44 | 15 | قنا | 10 | 50 |
2 | القاهرة | 32 | 110 | 16 | الأقصر | 4 | 12 |
3 | القليوبية | 18 | 40 | 17 | أسوان | 4 | 5 |
4 | الدقهلية | 21 | 64 | 18 | البحر الأحمر | 4 | 11 |
5 | الغربية | 11 | 44 | 19 | الشرقية | 16 | 53 |
6 | المنوفية | 13 | 33 | 20 | دمياط | 4 | 22 |
7 | كفر الشيخ | 11 | 34 | 21 | السويس | ـ | ـ |
8 | الجيزة | 29 | 115 | 22 | الإسماعيلية | 6 | 14 |
9 | الفيوم | 4 | 6 | 23 | بورسعيد | 3 | 4 |
10 | بني سويف | 4 | 10 | 24 | شمال سيناء | 2 | 2 |
11 | المنيا | 15 | 46 | 25 | جنوب سيناء | 2 | 4 |
12 | أسيوط | 13 | 34 | 26 | الإسكندرية | 11 | 36 |
13 | الوادي الجديد | 3 | 5 | 27 | البحيرة | 19 | 57 |
14 | سوهاج | 11 | 37 | 28 | مرسي مطروح | 2 | 2 |
الإجمالي | 285 | 894 |
وباستقراء الأداءات الجغرافية وفق معايير القياس والتحليل المرتبط بنواب كل محافظة ومدي التزام كل منهم بالدفاع أو بالتدخل في القضايا النوعية المرتبطة بطبيعة نشاط أهالي المنطقة أو تأثيرات السياسات العامة وأساليب تقديم الخدمات عليهم فقد كان من الغريب افتقاد العديد من النواب لمهارات التفاعل البرلماني المرتبط بالمكان وما يستدعيه من نشاط وعمل لنجد أن العديد من المحافظات لم يستطع نوابها الظهور أو التأثير الذي يتناسب مع حجم السعي والصراع لانتزاع المقعد أو مع ما أعلنوه في حملاتهم ومؤتمراتهم الانتخابية من قضايا وملفات بل ووصل الأمر لأن نجد أن أبرز أداءات بعض نواب لمحافظات كانت لمجرد حديثهم لمرة ( واحدة ) فقط خلال ( 20 ) جلسة وبما يثير الدهشة فان كان هؤلاء هم الأنشط والأكثر فعالية فما هو حال الآخرين وماذا فعلوا في فترات عملهم البرلماني إن لم يكونوا يتحدثون .
أما علي مستوي التحليل المباشر فقد أتي أفضل الأداءات الجغرافية لمحافظة الغربية عبر النائب عبد المنعم إمام بعدد ( 18 ) مداخلة تليها محافظة قنا بعدد ( 17 ) مداخلة للنائب أشرف رشاد الشريف فيما أتت محافظة الجيزة في المركز الثالث بعدد ( 15 ) مداخلة للنائب محمد صلاح أبو هميلة وهي المحافظات التي اعتمدت في شغل مواقعها المتقدمة علي تمايز نوعي نابع من نشاط هؤلاء النواب بصفة خاصة فمحافظة الغربية مثلا تقدمت السباق بسبب تمايز النائب عبد المنعم إمام لكن بمجموع مداخلات نوابها تتراجع لتحل المركز ( التاسع ) لأنه بمفرده قدم ما يقارب نصف مداخلات المحافظة مجتمعة وهو ما يتكرر في حالة محافظة قنا التي يضعها مجموع مداخلات نوابها في المركز ( السادس ) بل إن محافظة القاهرة التي تأتي كأكثر المحافظات نوابا لو تم توزيع عدد مداخلاتها علي مجموع عدد ممثليها في المجلس فلن يتجاوز نصيب كل نائب ( مداخلتان )
أما علي مستوي أقل درجات التفاعل البرلماني في عدد المداخلات ـ وبعيدا عن محافظة السويس ( التي لم يتحدث عنها نائب خلال جلسات دور الانعقاد الثاني ) باعتبارها حالة متفردة تخرج من أطر القياس الأساسية للدراسة فسنجد أن محافظتي ( شمال سيناء ـ مرسي مطروح ) قد توقف عداد الكلمات للنشطاء من نوابهما عند مداخلة ( واحدة لكل نائب ) في تجاهل واضح لطباع وحجم الاحتياجات في المناطق الحدودية وما يرتبط منها بمكافحة الهجرة غير الشرعية أو بالحزب علي الإرهاب من مسائل وتحديات تستوجب إعمال تدخلات أو إتباع سياسات تيسر حياة المواطنين وتدعم اندماجهم النوعي والمركزي في الشأن الوطني وفق ما استهدفه النص الدستوري الذي عزز من فرص تواجدهم ورفع نسب التمثيل في المجالس النيابية لصالحهم بأكثر مما تحتمل القاعدة الحسابية للتمثيل وبما كان يستوجب سلوكا مختلفا من ممثليهم علي مستويات الأداء أو استخدام الأدوات البرلمانية المتاحة .

وبتحليل التفاعل الحزبي من حيث عدد المتحدثين وإجمالي ما يقدمونه من مداخلات ( وفق تركيبة القوي السياسية ) نجد أن كافة القوي السياسية المتواجدة داخل المجلس قد تفاعلت وقدمت متحدثين خلال الجلسات العامة دون غياب أو تقاعس أي منها كمؤشر ايجابي علي التواجد والتأثير في المناقشات رغم أن تحليل النسب المرتبطة بتلك الأداءات يشير لأن ( 7 ) أحزاب منها قد تناسب حجم مشاركتها مع عدد ممثليها منها الأحزاب الخمسة الكبري من حيث التمثيل ( مستقبل وطن ـ الشعب الجمهوري ـ الوفد ـ حماة وطن ـ مصر الحديثة ) إضافة للحزبين الأقل تمثيلا ( العدل ـ إرادة جيل ) وذلك في مقابل تفوق وحراك ايجابي فاعل لعدد ( 4 ) أحزاب من حيث المشاركة وفقا لنسب تمثيلها ( الديمقراطي الاجتماعي ـ النور ـ الحرية ـ التجمع ) ليبقي في النهاية حزبان فقط كان أداءهما الفعلي أقل من نسب تمثيلها ( الإصلاح والتنمية ـ المؤتمر ) وهي مدلولات تؤشر لثبات واستقرار في التركيبة البرلمانية وانسجام عناصرها .
وقد تمايز حزب مستقبل وطن بين كافة القوي السياسية بالنصيب الأكبر من عدد المتحدثين ( 144 ) متحدث وأيضا من المداخلات ( 397 ) مداخلة بما يتسق وكونه الحزب صاحب الأغلبية المطلقة داخل المجلس وصاحب التأثير الأكبر علي الأجندة البرلمانية وبما يظهر اهتمامه بترسيخ صورته الذهنية لدي كافة القطاعات والمؤسسات باعتباره المحرك والفاعل في رسم السياسات والتوجهات العامة للمجلس وامتلاكه للعديد من الكوادر التي تستطيع أن تدافع عن أطروحاتها أو تسهم في صياغة البدائل المناسبة لها وهو ما افتقده البرلمان خلال العقد السابق الذي غلبت الارتجالية والانطباعات الذاتية علي أداءات الفاعلين في المشهد الجمعي للمجلس .
كما كان من اللافت الأداء المتطور والفائق لصالح حزب العدل الذي تمايز عن كافة القوي السياسية بتفاعل كافة نوابه في الجلسات العامة ومشاركتهم بمداخلات نوعية وطلبات للكلمة ( رغم كون الحزب يمتلك نائبين فقط داخل المجلس ) وهو ما لم يتكرر من أي تيار سياسي أخر يمتلك ذات العدد من النواب أو يزيد عليه إضافة لعدد المداخلات الكبير التي قدمها نواب العدل والذي بلغ ( 20 ) مداخلة تضعه في المركز ( 8 ) من حيث إجمالي المداخلات وهو ترتيب يتفوق به علي ( 5 ) أحزاب سياسية تمتلك عدد من المقاعد داخل المجلس ربما بأضعاف ما يمتلك وهو أمر يعود الفضل فيه للنائب عبد المنعم إمام رئيس الحزب الذي تقدم وحده بعدد ( 18 ) مداخلة ساهمت في رفع نسب تمثيل الحزب وتفوقه في مؤشر الأداء البرلماني بقدر ما أظهر التأثير الواضح للكادر البرلماني المؤهل والفاعل وهو أمر سنراه متكرر في أكثر من تصنيف داخل الدراسة تجعله حالة جديرة بالمتابعة بل والتقليد السلوكي وفق ما سنراه لاحقا .

وبنظرة أكثر تدقيقا علي العناصر الأنشط داخل القوي السياسية والأكثر تفاعلا مع القضايا والحوارات في الجلسات العامة نجد أن هناك ( 10 ) أحزاب كان نوابها الأبرز هم رؤساء هيئاتها البرلمانية ( مستقبل وطن ـ الشعب الجمهوري ـ الوفد ـ حماة وطن ـ مصر الحديثة ـ الإصلاح والتنمية ـ النور ـ التجمع ـ العدل ـ إرادة جيل ) بسبب الدعم اللائحي الذي نصت عليه المادة ( 106 ) بأن ( يعبر ممثل الهيئة البرلمانية عنها في كل ما يتعلق بشئونها المتصلة بالمجلس ونشاطها كما تكون له الأولوية في الكلام في المجلس ولجانه على باقي أعضاء المجلس المنتمين إليها ) الأمر الذي يمنحهم أفضلية عند الحديث في قضايا وتقارير اللجان أو عند طلب إبداء الرأي في العديد من القضايا القومية المطروحة علي البرلمان لضمان التنوع والاستماع لكافة وجهات النظر بينما بقيت ( 3 ) أحزاب سياسية استطاع نواب من هيئاتها البرلمانية تقديم تفاعل وأداء وكلمات تتجاوز ممثليها في المجلس ( المؤتمر ـ الديمقراطي الاجتماعي ـ الحرية ) الأمر الذي يؤكد علي أن طبيعة النائب وحجم اهتمامه المعرفي ودراسته للملفات المعروضة تظل هي الأساس في بيان دوره وقدرته علي تطوير ممارساته واستهداف تعظيم مكانته خلال الجلسات العامة .
يضاف لما سبق ما يكشف عنه التحليل من تفاوت بالغ في حجم المداخلات بين المتحدثين من النواب والذين يفترض أنهم يسعون للدفاع عن رؤاهم وعن قناعاتهم تجاه القضايا المختلفة إضافة لإبراز تمايز تلك القوي السياسية ومكانتها كوسيط بين مطالب الجماهير وبين مؤسسات الرقابة والتشريع والتنفيذ وهو ما يصعب اكتشافه أو توثيقه عبر التحليل النوعي أو الرقمي لمدي استجابتهم أو تعبيرهم عن تلك الرؤية خلال الجلسات فشتان الفارق بين عدد المداخلات التي قدمها النائب عبد المنعم إمام رئيس الهيئة البرلمانية وأنشط نواب حزب العدل والذي بلغ ( 18 ) مداخلة وبين ما قدمه النائب محمد تيسير مطر رئيس الهيئة البرلمانية لحزب إرادة جيل والذي توقف عند مداخلة ( واحدة ) الأمر الذي يشير لضرورة تطوير أداءات القوي السياسية داخل البرلمان وبحث آلية تضمن دفعها نحو أداء أكثر تقدما وبما يليق بالصورة الجمعية للمجلس ولدور القوي السياسية الممثلة داخلة من أداءات ومواقف .

المتحدثون الأبرز والأكثر تفاعلا
عبر تاريخ الحياة النيابية المصرية استطاع عدد من النواب أن يرسخوا لوجودهم ومكانتهم باعتبارهم الأبرز والأكفأ في الممارسات والتفاعل مع قضايا الشأن العام الوطني سواء بني ذلك علي استخدامهم لأدوات التشريع وصياغة التشريعات أو تم اعتمادا علي طريقة وأسلوب تعاملهم مع أدوات الرقابة ومساءلة مسئولي السلطة التنفيذية غير أنه في كل تلك الحالات وغيرها كان للكلمة داخل القاعة العامة والخطاب البرلماني المدعوم بمهارات ومواهب الإلقاء والتأثير الدور الحاسم في صناعة شعبية النواب وحفظ مكانتهم عبر التاريخي البرلماني .
لذا فقد كان من الضروري تحليل وتصنيف المداخلات والكلمات التي تمت خلال جلسات دور الانعقاد الثاني وفقا لطبيعة المتحدثين ومدي اهتمام كل منهم بالتواجد الفعلي في النقاشات العامة بما يظهر حجم ومساحات التأثير والتطور الذي يقدمونه خلال مشاركتهم ويعزز مشاركة الآخرين وفق ما يقدمونه من تحفيز ورؤى وهو أمر شديد الأهمية في تحليل أداءات المجلس ويتيح فرصة حقيقية للتعرف علي نجوم العمل في المجلس الحالي وتتبع سياقات أدائهم واتجاهات العمل والتغيير المحتمل في السياسات البرلمانية التي يلعب هؤلاء النواب دورا مؤثرا وحقيقيا في صياغتها وتحديد توجهاتها إضافة لما يعطيه من دلالات حول طبيعة الهوية البرلمانية وصورة النائب ( المثلي ) لدي هيئات ومكاتب المجلس والتي تمتلك قدرة حقيقية في التأثير علي السياسات الحكومية المتبعة .
وبنظرة أكثر قربا من التحليل المباشر لأداءات النواب نجد أن كافة المتحدثين خلال الجلسات العامة والذين بلغ عددهم الإجمالي ( 285 ) نائب قد تراوحت مداخلاتهم بين ( 18 ) مداخلة كأعلى رقم للتفاعل خلال جلسات العينة وبين مداخلة ( واحدة ) كأقل رقم لهذا التفاعل حيث نجد أن المداخلات برقم إجمالي ( 18 / 17 / 15 / 13 / 12 ) قد قدم كل منها ( نائب ) فقط بينما تقدم ( نائبان ) بعدد ( 14 ) مداخلة لكل منهما و ( 4 ) نواب بعدد ( 11 ) مداخلة لكل منهم و( نائبان ) بعدد ( 10 ) مداخلات لكل منهما و ( 5 ) نواب بعدد ( 9 ) مداخلات لكل منهم و ( 4 ) نواب بعدد ( 8 ) مداخلات لكل منهم و ( 16 ) نائب بعدد ( 7 ) مداخلات لكل منهم و ( 9 ) نواب بعدد ( 6 ) مداخلات لكل منهم و ( 13 ) نائب بعدد ( 5 ) مداخلات لكل منهم و ( 24 ) نائب بعدد ( 4 ) مداخلات لكل منهم و ( 32 ) نائب بعدد ( 3 ) مداخلات لكل منهم و ( 58 ) نائب بعدد ( مداخلتان ) لكل منهم نهاية بعدد ( 111 ) نائب قام كل منهم بمداخلة ( واحدة ) خلال الجلسات السابقة بما يشير لحجم التنوع والانتشار في شكل عمليات التفاعل داخل المجلس الحالي .

أما بالنظر لطبيعة المتحدثين الأعلى مشاركة نجد أن النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل قد أتي كأكثر النواب تفاعلا وحديثا خلال الجلسات العامة بعدد ( 18 ) مداخلة كان من اللافت كونها جميعا قد أتت عبر نقاشات للتشريع واستعراض تقارير اللجان المختلفة الأمر الذي يعطي مؤشر شديد الايجابية حول مدي التطور الذي وصل له النائب خلال دور الانعقاد الحالي قياسا بما سبقه يليه من حيث الترتيب النائب أشرف رشاد الشريف نائب رئيس حزب مستقبل وطن ورئيس هيئته البرلمانية وأحد أبرز نواب البرلمان الحالي والسابق بعدد ( 17 ) مداخلة تميزت بكونها أتت عن رغبة في التأثير وإعادة توجيه المناقشات لكونها تصدر من زعيم الأغلبية البرلمانية وأحد أهم مراكز الثقل في البرلمان الحالي يليه النائب محمد صلاح أبو هميلة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري والذي يحتل المركز الثاني من حيث عدد النواب بالمجلس بعدد ( 15 ) في استمرار لحالة التفاعل والايجابية التي يقدمها النائب طوال الفصل التشريعي تبعه في الترتيب النائب سليمان وهدان وكيل المجلس السابق ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بعدد ( 14 ) مداخلة تميزت بانتقائيتها وتنوعها واستهدافها لقضايا محددة تظهر اهتمام ودراسة واستعداد النائب لما سيطرحه أمام المجلس .
ولو اعتبرنا أن المراكز الرئيسية في عمليات التفاعل والحوار قد ذهبت لصالح عدد من رؤساء الهيئات البرلمانية الأكبر والأبرز داخل المجلس مستفيدين من طبيعة نصوص اللائحة الداخلية التي تمنحهم تمايز وأولوية في الحديث خلال الجلسات فقد تبعهم عدد من النواب النشطاء والمتميزين الذين اعتمدوا بالأساس علي مهارتهم وإتقانهم للجوانب التنظيمية في طلب الكلمة ودراستهم للموضوعات المطروحة علي أجندة المجلس تصدرهم النائب محمد الحسيني بعدد ( 14 ) مداخلة تليه النائبة مها عبد الناصر بعدد ( 13 ) مداخلة والنائب إيهاب الطماوي بعدد ( 12 ) مداخلة قبل أن يظهر النائب أحمد العوضي رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة وطن بعدد ( 11 ) مداخلة وهو الرقم الذي يشاركه معه النواب ( أميرة أبو شقة ـ جمال السعيد ـ فخري الفقي ) لتنتهي المراكز الرئيسية للأكثر تفاعلا بعدد ( 10 ) مداخلات للنواب ( علاء قريطم ـ هاني أباظة )
وبالنظر للتحليل السياسي للنواب الأبرز نجد أن حزب مستقبل وطن قد تصدر كافة القوي بعدد ( 4 ) نواب يليه حزب الوفد ( 3 ) نواب والمستقلون ( 2 ) ثم نائب ( واحد ) لكل من ( الشعب الجمهوري ـ حماة وطن ـ الديمقراطي الاجتماعي ـ العدل ) بينما غابت ( 7 ) أحزاب سياسية عن التواجد في قائمة الأكثر تفاعلا بأي من نوابها ( مصر الحديثة ـ الإصلاح والتنمية ـ المؤتمر ـ الحرية ـ النور ـ التجمع ـ إرادة جيل ) أما علي المستوي الجغرافي فقد تصدرت محافظة الجيزة الترتيب بعدد ( 3 ) نواب تليها ( الشرقية ـ المعينون ) بعدد ( نائبين ) لكل منهما بينما توزعت باقي المواقع بين ( 6 ) محافظات ( القاهرة ـ الدقهلية ـ الغربية ـ البحيرة ـ المنيا ـ قنا ) فيما غابت ( 19 ) محافظة أخري عن التواجد في دائرة التفاعل والتأثير .
تحليل المداخلات وفقا للنوع الاجتماعي
شهدت التركيبة البرلمانية تطورا بالغا فيما يتعلق بتمثيل الفئات والقطاعات والشرائح المجتمعية المختلفة أتي في معظمه متجها لأعلي بعد عقود طويلة من التجاهل والتهميش الذي استدعي للذهنية الجمعية قيم الإقصاء والتمييز المرتبط بطبيعة فئات المجتمع أو تطلعاتهم للاندماج والتأثير في القرار السياسي المرتبط بهم أو برؤيتهم لشكل إدارة الدولة وتوزيع عوائدها بين مختلف الجماعات وهو أمر يمكن لنا رصده بدقة شديدة عند استهداف التحليل لتواجد بعض تلك الفئات ( المرأة ـ الشباب ـ المسيحيون ـ ذوو الإعاقة ) وما ارتبط بهما من فئات في مراحل لاحقة ( العمال ـ الفلاحون ـ المصريون المقيمون بالخارج ) الأمر الذي جعل أحد أهم مستهدفات النظام الانتخابي المأمول هو قدرته علي الوفاء بتمثيل ( مقبول ) لصالح تلك الفئات .
وبالنظر للمرأة باعتبارها أحد أهم مستهدفات تطوير النظام الانتخابي الوطني بما تكفله لها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من مبررات للدعم والمساندة حيث نصت المادة ( 2 ) من الاتفاقية الدولية للمشاركة السياسية للمرأة 1952 علي أن ( للنساء الأهلية في أن ينتخبن لجميع الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام المنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز ) إضافة لاتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( السيداو ) 1979 والتي نصت المادة ( 4 ) منها علي أنه ( لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية ولكنه يجب ألا يستتبع على أي نحو الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة ) بينما نصت المادة ( 7 ) علي أن ( تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد وبوجه خاص تكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام والمشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفى تنفيذ هذه السياسة وفى شغل الوظائف العامة وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد ) وهي عينة محدودة قياسا بحجم وعدد الاتفاقيات التي تناولت قضية تمكين النساء سياسيا أو بعدد التوصيات التي تلقتها مصر من الدول الأطراف خلال جلسات الاستعراض الدوري الشامل حول تلك القضية أيضا .
ولقد انعكست تلك النصوص الداعمة في محدد رقمي تضمنه الدستور المصري 2014 والذي نصت المادة ( 102 ) المعدلة علي أن ( يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوا يُنتخبون بالاقتراع العام السري المباشر على أن يُخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد المقاعد ) لتتغير التركيبة البرلمانية بصورة هائلة عما كان سائدا في المجالس السابقة فقد بلغ عدد المقاعد الإجمالية التي استحوذت عليها النائبات ( 165 ) مقعد تمثل ( 27,9 % ) من إجمالي مقاعد المجلس الحالي والتي تبلغ ( 592 ) مقعد أتت من ( 3 ) روافد متنوعة حيث حصدت النائبات ( 142 ) مقعد عبر نظام القوائم إضافة لعدد ( 6 ) مقاعد بالنظام الفردي نهاية بالحصة المنصوص عليها ضمن النسبة المخصصة للتعيين بقرار رئيس الجمهورية حيث نصت المادة ( 27 ) من قانون مجلس النواب رقم ( 46 ) لسنة 2014 علي أنه ( يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء في المجلس لا يجاوز نسبة ( 5 % ) من عدد الأعضاء المنتخبين نصفهم على الأقل من النساء لتمثيل الخبراء وأصحاب الإنجازات العلمية والعملية في المجالات المختلفة والفئات التي يرى تمثيلها في المجلس )
وهو ما تمت ترجمته عدديا بتعيين ( 14 ) نائبة ضمن القرار الجمهوري رقم ( 4 ) لسنة 2021 بتحديد أسماء المعينين بمجلس النواب فيما استفادت ( 3 ) نائبات أخريات كن مترشحات علي قوائم الاحتياط للقوائم الفائزة بعضوية مجلس النواب من نص المادة ( 25 ) من قانون مجلس النواب والتي تنص علي أنه ( إذا خلا مكان أحد الأعضاء المنتخبين بالنظام الفردي قبل انتهاء مدة عضويته بستة أشهر على الأقل أُجري انتخاب تكميلي فإن كان الخلو لمكان أحد الأعضاء المنتخبين بنظام القوائم حل محله أحد المترشحين الاحتياطيين وفق ترتيب الأسماء الاحتياطية من ذات صفة من خلا مكانه ليكمل العدد المقرر فإن كان مكان الاحتياطي من ذات الصفة خالياً، يصعد أي من الاحتياطيين وفق أسبقية الترتيب أيا كانت صفته ) وهي الحالة التي تكررت في ( 3 ) حالات خلال الفترة الماضية من عمل المجلس حيث حلت النائبة أية فوزي فتي ( الدقهلية ) محل النائب فوزي فتي بينما حلت النائبة أسماء سعد الجمال ( الجيزة ) محل النائب سعد الجمال كما حلت النائبة هبة الله محمد العوضي ( القاهرة ) محل النائب كمال عامر لتكون تلك التركيبة العددية هي الأكبر والأكثر تنوعا علي المستويين ( السياسي ـ الجغرافي ) لتمثيل المرأة في كافة المجالس النيابية عبر تاريخ الحياة النيابية المصرية .
في ضوء تلك المحددات فقد كان من الضروري النظر في حجم وطبيعة التفاعل والحوار البرلماني من منظور مقدمي تلك المداخلات ومدي تأثير وتفاعل تلك الأطراف في معالجة القضايا البرلمانية وتعزيز الصورة الذهنية والمكانة التشريعية لصالح تلك الأطراف حيث نجد أن نواب البرلمان من الذكور قد تقدموا بعدد ( 699 ) مداخلة خلال جلسات العينة تمثل ( 78,36 % ) من إجمالي عدد المتحدثين بينما أتت حصة النائبات بعدد ( 193 ) مداخلة بنسبة ( 21,64 % ) وهو معدل موضوعي وقريب من معدلات التمثيل الفعلية للنواب رغم بعض التراجع في مدي الفعالية والمشاركة للنائبات الأمر الذي يمكن تفهم أسبابه بالنظر لكونها التجربة الأولي للعديد منهن إضافة لضعف إجادة استخدام وإتباع الضوابط الفنية لنظام طلب الكلمة بالمجلس والتي تحولت لنمط الكتروني ( كامل ) خلال عمل المجلس الحالي .

ومع قياس تلك الفعالية حسب الجلسات نجد أن اعلي الجلسات تفاعلا من النواب كانت الجلسة رقم ( 8 ) بعدد ( 74 ) مداخلة وهي ذاتها الجلسة التي شهدت العدد الأكبر ( أيضا ) من مداخلات النائبات بعدد ( 22 ) مداخلة باعتبارها الجلسة التي تضمنت استعراض تقارير عدد من اللجان حول مشروعات القوانين والتي كان أبرزها تعديلات قانون الأشخاص ذوي الإعاقة وأخذ الرأي النهائي حوله ومشروع القانون الخاص بمد مهلة انعقاد الجمعيات العمومية للهيئات الرياضية وعدد من القرارات الجمهورية بالتوقيع علي اتفاقيات تعاون بينما أتي العدد الأقل في مداخلات النواب بالجلسة رقم ( 13 ) بعدد ( 6 ) مداخلات فيما كان أقل عدد لمداخلات النائبات هو مداخلة ( واحدة ) فقط وهو ما تكرر في الجلستين ( 13 ـ 17 ) بما قد يثيره الأمر من ضرورات للتدخل وتكثيف برامج التوعية وبناء القدرات علي الحوار والمناقشة لدي النائبات وعمليات تحليل التشريعات وتطويرها علي المستوي الفني بما يعزز مهارتهن ويدعم فرصهم في طلب الكلمة وتطوير التشريعات .
أما علي مستوي عدد المتحدثين من النائبات ودرجات التفاعل مع الحوارات خلال الجلسات فقد قدمت النائبات أداءا متمايزا قياسا بحداثة تجربة العدد الأكبر منهم وعدم امتلاكهم لسوابق في عضوية المجالس النيابية أو امتلاك خبرات برلمانية تعزز قدراتهم ومهاراتهم في التعامل مع التقاليد البرلمانية أو النسق المستحدث لطلب الكلمة عبر وسيط الكتروني متكامل وهي في مجموعها تحديات تجاوزتها النائبات وتمكنت من اثبات كفاءتها بمشاركة عدد ( 78 ) نائبة في عمليات طلب الكلمة والحديث في الجلسات العامة بنسبة ( 27,4 % ) من مجموع تفاعلات النواب كان من الملفت أن من بينهم ( 3 ) نائبات أتوا ضمن أكثر نواب البرلمان تفاعلا وطلبا للكلمات في سلوك يعزز من قيمة ومكانة وتأثير المرأة علي المستوي النيابي ويؤكد علي أن ارتفاع نسب تمثيلهم في المجلس الحالي بما لا يقل عن ( 25 % ) من إجمالي عضوية المجلس لم يتوقف عند محددات الزيادة الرقمية بل تبعه تطور في الأداء والتفاعل سواء بمزاحمة عمليات طلب الكلمة أو بمجموع المداخلات بما يتسق مع نسبتهم العامة وهي أمور ربما ستترك العديد من متغيراتها علي طبيعة تشكيل المجالس القادمة ودرجات التنافسية لشغل مقاعدها علي كافة مستويات التمثيل الممكنة .
وبتحليل أداء النائبات نجد أن النائبة مها عبد الناصر قد أتت كأكثر النائبات فعالية ومشاركة في الحوارات بعدد ( 13 ) مداخلة أظهرت ما لديها من مهارات واستعداد للتفاعل مع القضايا البرلمانية خاصة وأن العديد من مداخلاتها أتت من منصة المعارضة والرفض للتقارير والتشريعات المقترحة بعدد ( 5 ) مداخلات وضعتها أيضا في موقع ( الوصيف ) بين كافة نواب المجلس بينما أتت من بعدها النائبة أميرة بهاء أبو شقة التي قدمت عدد ( 11 ) مداخلة وامتلكت قدرة جيدة للغاية علي التفاعل مع القضايا المطروحة وتقديم بدائل سياساتية لها لتصبح إضافة بالغة الأهمية علي كافة المستويات كامتداد مباشر لتجربة بالغة الثراء قدمها والدها النائب بهاء أبو شقة رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول قبل أن ينتقل لعضوية مجلس الشيوخ الحالي بما يعكس تأثيرات الامتداد العائلي علي كفاءة الممارسة خاصة بالنظر لصاحبة المركز الثالث في التفاعل الحواري بالجلسات وهي النائبة رحاب عبد الرحيم الغول بعدد ( 9 ) مداخلات والتي يمثل والدها أحد العلامات البرلمانية البارزة في تاريخ ممثلي الصعيد وصاحب التجربة البرلمانية بالغة الثراء حيث أظهرت النائبة كفاءة عالية في الحوارات وعناية بانتقاء القضايا التي تتفاعل معها والمقترحات التي تطرحها كبدائل وتوصيات يتوجب النظر في مبرراتها تبعتها نائبة حزب الحرية جيهان البيومي بعدد ( 7 ) مداخلات شاركتها فيها النائبات ( مرفت ألكسان مطر ـ هناء أحمد فاروق )
علي أن الملفت في أداء النائبات وفعاليتهم أنه عبر بشكل بالغ الوضوح عن تنوع سياسي وحزبي بالغ التميز حيث توزعت المراكز ( الخمسة ) الأولي بين ( 5 ) أحزاب برلمانية مختلفة ( الديمقراطي الاجتماعي ـ الوفد ـ مستقبل وطن ـ الحرية ـ حماة وطن ) بما يمثله من دلالة علي تأثيرات الشخصية ومدي اهتمام النائبات بتحسين صورة أدائهم والعمل علي إثبات الجدارة واستحقاق المقعد البرلماني وامتلاك رؤية حاكمة للمواقف وموجهة للتفاعلات .

تحليلات مواقف الرفض والاعتراض
ينظر البعض للمواقف الاعتراضية أو الرافضة للسياسات العامة باعتبارها التعبير الأكثر ايجابية في العمل العام باعتباره يأتي مقرونا بالأدلة والأسانيد التي تؤسس للموقف وتبين درجة إلمام المتحدث وإحاطته بالموضوع أو القضية المطروحة للنقاش بل واستعداده لتفنيد المقترح وبيان مثالبه أمام أصحابه ومناصريه وهي مهارة تستدعي درجة من الإتقان والقدرة علي الحديث وجذب انتباه المشاركين في النقاشات وتعديل مواقفهم تستوجب المزيد من العناية والمتابعة لأصحاب تلك المواقف والظروف التي صاحبت ذهابهم لها وعلاقتها بمدي تفاعلهم واشتباكهم مع الأداءات البرلمانية خاصة فيما يتعلق بالخلفيات السياسية والجغرافية التي ينتمون لها باعتبارها مؤشرات يمكن الاستدلال بها والبناء عليها فيما يتعلق بقياس أداءات النخب ومقترحات تطويرها .
وبالمجمل فقد مارس ( 44 ) نائب من جملة النواب المتفاعلين بالمجلس وبنسبة ( 15,4 % ) سلوكيات الاعتراض أو الرفض لعدد من التقارير ومشروعات القوانين المعروضة علي المجلس خلال الجلسات العامة مستخدمين في ذلك ( 69 ) مداخلة بنسبة ( 7,7 % ) من جملة المداخلات بما يعطي مؤشر حول حالة نسبية من الحيوية واستقلالية القرار والإرادة لدي نواب البرلمان رغم وجود حالة من التوافق بين القوي خلال عمليات التصويت والانتخاب خصوصا فيما يتعلق بالقوائم والتمثيل الحزبي عليها والذي أكد علي الفرضية التي أعلن عنها خلال الانتخابات من أن التحالف الحزبي هو تحالف انتخابي بالأساس ليس مقصودا به أن يتحول أو يتقوقع كتحالف سياسي خلال الفصل التشريعي بل سيبقي لكل حزب استقلاليته وحريته في العمل وإبداء وجهات النظر المختلفة تجاه كافة القضايا المعروضة .
وبتحليل طبيعة القضايا والموضوعات التي اشتبك معها النواب وأبدوا تحفظا أو رفضا لمسببات إصدارها أو طبيعة التدخلات المقترحة حولها نجد أن هناك ( 17 ) تقريرا صادرة عن اللجان المختلفة حول تشريعات أو قرارات هي مجمل ما تم الاعتراض عليها حيث أتي مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة رقم ( 111 ) لسنة 1980 والقانون رقم ( 147 ) لسنة 1984 بفرض رسم تنمية موارد والقانون رقم ( 24 ) لسنة 1999 بفرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها كأكثر المشروعات تلقيا لاعتراضات النواب بعدد ( 15 ) اعتراض يليه قرار رئيس الجمهورية رقم ( 324 ) لسنة 2021 بشأن الموافقة علي الخطابات المتبادلة بين مصر واليابان بشأن تقديم وكالة اليابان للتعاون الدولي ( جايكا ) قرض تنمية لسياسات تطوير الكهرباء بقيمة ( 25 ) مليار ين ياباني بعدد ( 10 ) اعتراضات ومشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون إنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد في التعليم والتدريب التقني والفني والمهني بعدد ( 7 ) اعتراضات .
أما علي مستوي التحليل الجغرافي لنواب الرفض والاعتراض حيث نجد أنهم قد توزعوا بين ( 16 ) محافظة إضافة للمعينين الذين لا يتم احتسابهم وفق أي معامل جغرافي بما قد يخل بعدالة التوزيع العادل للمقاعد وفق نصوص القانون وهي ( القاهرة ـ القليوبية ـ الدقهلية ـ المنوفية ـ الغربية ـ كفر الشيخ ـ الجيزة ـ بني سويف ـ المنيا ـ أسيوط ـ قنا ـ الأقصر ـ الشرقية ـ دمياط ـ بورسعيد ـ البحيرة ) حيث أتت محافظة المنيا في مقدمة المحافظات بعدد ( 5 ) نواب تليها ( 3 ) محافظات بعدد ( 4 ) نواب من كل محافظة ( الجيزة ـ الشرقية ـ المنوفية ) ثم ( 5 ) محافظات بعدد ( 3 ) نواب من كل محافظة ( القاهرة ـ القليوبية ـ الغربية ـ أسيوط ـ الأقصر ) وعدد ( 3 ) محافظات بإجمالي ( نائبان ) عن كل محافظة ( البحيرة ـ كفر الشيخ ـ بني سويف ) وأخيرا ( 4 ) محافظات بعدد ( نائب ) عن كل محافظة ( الدقهلية ـ دمياط ـ بورسعيد ـ قنا ) لتبقي في النهاية ( 11 ) محافظة خلت مداخلات المتحدثين منها من أي اعتراض أو رفض لمشروعات القوانين أو القرارات المعروضة علي البرلمان ( الفيوم ـ أسوان ـ الوادي الجديد ـ البحر الأحمر ـ الإسماعيلية ـ السويس ـ شمال سيناء ـ جنوب سيناء ـ الإسكندرية ـ مرسي مطروح )
وعلي المستوي السياسي ورغم أن العديد من القوي السياسية تعتمد علي كلمات ومواقف رؤساء هيئاتها البرلمانية في التعليق علي التقارير والتشريعات واعتمادها كمعبر عنهم وعن قناعاتهم في إطار الالتزام السلوكي والتنظيمي الحزبي نجد أن نواب كافة القوي السياسية الممثلة في البرلمان قد عبروا عن مواقف متحفظة أو رافضة لبعض القضايا المطروحة برلمانيا عدا حزبي ( النور ـ إرادة جيل ) الذين لم يرد في مداخلات أو كلمات ممثليهم ما قد يوحي بوجهات نظر مخالفة حول الأجندات التشريعية والرقابية حيث أتي المستقلون في صدارة نواب الرفض بعدد ( 15 ) نائب يمثلون ما يزيد علي ( ثلث ) العدد الإجمالي لمداخلات الرفض في سلوك يمكن تفسيره بإحساس هؤلاء النواب بقوة القاعدة الجماهيرية والارتباط المباشر بأصوات الناخبين دون محددات تنظيمية حزبية ملزمة لهم في مواقفهم يليه حزب مستقبل وطن صاحب الأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب بعدد ( 7 ) نواب ثم الوفد ( 5 ) والديمقراطي الاجتماعي ( 4 ) وأحزاب ( حماة وطن ـ الشعب الجمهوري ـ التجمع ـ العدل ) بعدد ( نائبين ) وأخيرا ( مصر الحديثة ـ الإصلاح والتنمية ـ المؤتمر ـ الحرية ) بعدد ( نائب ) لكل حزب الأمر الذي يشير لعدم وجود منهجية أو رؤية متماسكة لدي تلك القوي السياسية حول طبيعة دورها وما ينبغي أن تطرحه من مواقف أو تشريعات تتسق مع رؤيتها وأجندتها البرلمانية سواء بالقبول بما هو مطروح من نصوص أو تقديم بدائل وسياسات مغايرة تعالج تلك القضايا وبما يعزز من صورة النائب ومكانة التنظيم السياسي لدي الجماهير .
نواب الرفض |
||||
م | النائب | المداخلات | المحافظة | الحزب |
1 | عبد المنعم على عبد المنعم إمام | 8 | الغربية | العدل |
2 | مها رزق عبد الناصر الطرهوني | 5 | المنيا | الديمقراطي الاجتماعي |
3 | ضياء الدين عصام الدين محمد داود | 4 | دمياط | مستقل |
4 | عاطف محمد المغاورى السيد عبد الفتاح | 4 | الشرقية | التجمع |
5 | احمد محمد سلام الشرقاوي | 3 | الدقهلية | مستقل |
6 | محمد عبد العليم احمد خليفة داود | 3 | كفر الشيخ | الوفد |
7 | علاء حسن عبد الواحد جعفر | 2 | المنوفية | مستقل |
8 | محمد عبد الحميد محمد هاشم | 2 | كفر الشيخ | مستقل |
9 | هاني مصطفى احمد خضر | 2 | المنوفية | مستقل |
10 | هشام هلال عبد المنعم إبراهيم | 2 | القاهرة | مصر الحديثة |
11 | إيهاب عادل رمزي حنا | 1 | المنيا | الشعب الجمهوري |
12 | احمد محمد عبد المنعم إسماعيل | 1 | المنيا | مستقل |
13 | أماني إميل جرس ميخائيل الشعولى | 1 | الأقصر | مستقبل وطن |
14 | احمد حلمي خليل الشيشينى | 1 | البحيرة | مستقل |
15 | إحسان شوقى عبد السلام على | 1 | الغربية | مستقبل وطن |
16 | سليمان حميد وهدان عمارة | 1 | الشرقية | الوفد |
17 | احمد حسين جودة احمد | 1 | أسيوط | مستقبل وطن |
18 | إيهاب منصور بسطاوي منصور | 1 | الجيزة | الديمقراطي الاجتماعي |
19 | أميرة صابر السيد محمد | 1 | القاهرة | الديمقراطي الاجتماعي |
20 | احمد بلال سعد البرلسى | 1 | الغربية | التجمع |
21 | احمد على حسن محمد مقلد | 1 | الشرقية | المؤتمر |
22 | احمد محمد احمد فرغل | 1 | بورسعيد | مستقل |
23 | احمد بهاء الدين احمد شلبي | 1 | المنوفية | حماة وطن |
24 | أيمن احمد حسين أبو العلا | 1 | الجيزة | الإصلاح والتنمية |
25 | بهاء الدين أبو الحمد عثمان | 1 | الأقصر | مستقل |
26 | حسن عمر محمد حسنين | 1 | القليوبية | مستقبل وطن |
27 | حسام محمود احمد أبو زيد | 1 | المنيا | مستقل |
28 | خالد عبد الوهاب محمدين أبو نحول | 1 | قنا | الشعب الجمهوري |
29 | داليا السيد محمد السيد السعدنى | 1 | معين | مستقل |
30 | رياض عبد الستار حسن إبراهيم | 1 | المنيا | مستقبل وطن |
31 | زينب محمد بغدادي احمد السلايمي | 1 | الأقصر | العدل |
32 | خالد احمد محمد بدوى | 1 | البحيرة | مستقل |
33 | سحر عبد المنعم محمد عطية | 1 | معين | مستقل |
34 | سناء احمد محمد جمال الدين السعيد | 1 | أسيوط | الديمقراطي الاجتماعي |
35 | شيرين رضا عبد القوى طايل | 1 | المنوفية | الوفد |
36 | أميرة بهاء الدين بدر أبو شقه | 1 | الجيزة | الوفد |
37 | محمد ( هاني ) درى عبد الغفار أباظة | 1 | الشرقية | الوفد |
38 | على على محمد بدر | 1 | بني سويف | مستقبل وطن |
39 | محمد مصطفى بكرى محمد | 1 | الجيزة | مستقل |
40 | مصطفى بدران مهني مصطفى | 1 | أسيوط | حماة وطن |
41 | محمود إسماعيل منصور بدر | 1 | القاهرة | مستقل |
42 | محمد احمد عبد العزيز على | 1 | القليوبية | مستقل |
43 | محمد عطية إبراهيم الفيومي | 1 | القليوبية | الحرية |
44 | طه محمد بهجت الناظر | 1 | بني سويف | مستقبل وطن |
وبتحليل الأداءات المباشرة للنواب أنفسهم الذين امتلكوا وجهات نظر تختلف مع التقارير الموجودة خلال الجلسات العامة نجد أن النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل قد أتي في مقدمة هؤلاء النواب بعدد ( 8 ) مداخلات اعتراضية تكاد تقترب من ( نصف ) تفاعلاته مع الجلسات العامة خلال فترة العينة تليه النائبة مها عبد الناصر عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي بعدد ( 5 ) مداخلات رغم أنها ليست المتحدث باسم هيئته البرلمانية بما يعطيه الأمر من دلالة علي تمايزها الشخصي ومواقفها المتفردة ثم النواب ( ضياء الدين داود ـ عاطف المغاورى ) بعدد ( 4 ) مداخلات لكل منهما لتتوالي الأسماء والمداخلات في مؤشر علي مساحات أمنة للحوار ومحدودية لمساحات الاختلاف والاعتراض ربما يرجعها البعض لكون غالبية تلك التدخلات التشريعية أو القرارات المعروضة علي البرلمان تأتي كاستجابات مباشرة لواقع معيشي ضاغط لا يحمل انحيازا واضحا علي منهجية اقتصادية أو اجتماعية تسمح بالاختلاف حولها أو تباين وجهات النظر بين أصحاب المرجعيات الفكرية بل إن العديد من تلك السياسات المقدمة مثلت بالأساس فجوات في السياسات التنفيذية تتطلب إصلاح أو استجابة من أجل ضمان استمرار وثبات آليات الخدمة العامة وما يرتبط بها من قرارات تنفيذية .
نواب الصمت … قراءة مغايرة وفرص مستمرة
في علم السياسية والدراسات الأكاديمية يجري التعامل ( أحيانا ) مع الصمت والامتناع عن الحديث باعتباره تعبير ايجابيا عن موقف وانحياز سلوكي من القضايا المطروحة للحوار بمثل ما يتم التعامل مع الكلمات والمواقف المعلنة بالكلمة الرنانة أو بالحوارات الزاعقة من منطلق كونه تعبير عن رفض القضية بذاتها واعتراض علي مجرد إثارتها للنقاش بغض النظر عن طبيعة المقترحات المقدمة أو مدي تأثير تلك السياسات علي إحداث متغير ملموس في بيئتها حال اعتمادها أو الأخذ بتطبيقاتها غير أنه في تحليلات الأداءات البرلمانية يصعب اعتماد تلك الفرضيات النظرية أو الأخذ بمدلولاتها عند تحليل فعالية الأداءات البرلمانية من منطلق أن طبيعة دور ومهام النائب باعتباره ممثلا للإرادة الشعبية ومفوضا عن دوائر وقطاعات جماهيرية جغرافية وفكرية تستوجب دفاعه عن مصالح ناخبيه والعمل من أجل إتاحة التمتع بالحقوق أو تطوير بيئتها لصالحهم وهو لم لن يتحقق بالصمت وإنما يتطلب الحديث ـ وربما الصراخ في بعض الحالات ـ من أجل انتزاع تلك المكاسب وتحقيق تلك الغايات التي يترقبها المواطنون من نوابهم .
ورغم أن عمليات التدقيق والمراجعة لعمليات التفاعل وطلب الكلمات من النواب خلال الجلسات ال ( 20 ) الأولي من دور الانعقاد الثاني قد اعتمدت علي ( الموجز الرسمي ) للجلسات الصادر عن الأمانة العامة لمجلس النواب كتلخيص لأبرز ما دار في الجلسات من قضايا وموضوعات دون التزام حرفي بمنطوق كلمات النواب عند النقاشات وذلك كبديل ( متاح ) للمضابط البرلماني التي عجز المجلس عن إيجاد آلية منضبطة ودورية لإتاحتها تسمح باعتمادها والبناء عليها في مثل تلك الدراسات التقيمية للأداءات البرلمانية ( حتي تاريخه لم تتح الأمانة العامة سوي ( 10 ) مضابط فقط لدور الانعقاد الحالي ) الأمر الذي يعوق عمليات المتابعة والتحفيز علي تطوير الأداءات البرلمانية والسماح للنواب بالتعرف الدوري علي تحليل معطيات مشاركتهم واكتشاف النواقص التي تحتاج لمزيد من الاهتمام بغية تطويرها أو مناطق النفاذ والشعبية من أجل التركيز عليها ودعم نواتجها .
ومع الوضع في الاعتبار عدم التساوي ( الحسابي ) في حصص المقاعد بين المحافظات المختلفة نتيجة تفاوت تلك الحصص نتيجة إعمال القاعدة المنصوص عليها ضمن المادة ( 102 ) من الدستور والتي تتحدث عن ( التمثيل العادل للسكان والمحافظات ) فقد بلغ عدد النواب الذين لم يتقدموا بأي مداخلة أو حديث خلال الجلسات العامة لدور الانعقاد الثاني ( 306 ) نائب بنسبة ( 51,4 % ) من إجمالي عضوية البرلمان في رقم مثير للقلق ومحفز علي التدخل لاحتوائه خاصة وأن التحليل الرقمي والتكراري لطبيعة تفاعل النواب مع معطيات المشاركة يصعب معها توقع ارتفاع أكبر في نسب المشاركة لدي النواب تتقارب مع دور الانعقاد الأول للمجلس والتي بلغت ( 532 ) نائب بنسبة ( 89,4 % ) من إجمالي عضوية المجلس .
حيث نجد أن محافظة القاهرة قد أتت كأكثر المحافظات من حيث عدد النواب الصامتين ( مثلما أتت في صدارة المحافظات من حيث عدد المتحدثين ) وذلك بعدد ( 29 ) نائب يمثلون قرابة ( نصف ) نواب العاصمة في سلوك يحتاج لمزيد من الدراسة في ظل شراسة المعارك الانتخابية بغية الفوز بالمقعد وأيضا ما تمتاز به العواصم من كفاءة في طبيعة ممثليها في مجالس التشريع كمجتمعات للنخبة وأصحاب الصلات الوثيقة بصناع ومتخذي القرار في الدول المركزية إضافة لما يمتلكه هؤلاء النواب من مهارات أو أنشطة مجتمعية ومهنية تعزز من قدراتهم علي المشاركة والتأثير في قرارات المجلس .
تبعتها محافظة الشرقية ( ثالثة ) المحافظات من حيث عدد النواب داخل مجلس النواب والتي بلغ عدد النواب الصامتين منها ( 26 ) يتجاوزون نصف عدد ممثليها في المجلس رغم ما تمتاز به المحافظة من وعي وامتلاك للمهارات البرلمانية بل ووجود عدد ( مؤثر ) من رؤساء الأحزاب السياسية الرئيسية من بين أبناء وممثلي المحافظة في المجالس النيابية الأمر الذي يحتاج للتعرف علي محددات دور النائب وطبيعة عمليات تقييمه في البيئات الريفية باعتبارها جزء مؤثر من طبيعة محفزات النشاط وتحديد أولوياته لدي هؤلاء النواب رغم أن المراكز التالية قد عادت لتظهر فيها المحافظات ذات الطابع الحضري والمزاج التصويتي غير العشائري حيث احتلت الإسكندرية المركز الثالث بعدد ( 23 ) نائب يمثلون قرابة ( ثلثي ) نواب المحافظة تليها محافظة الجيزة بعدد ( 19 ) نائب قبل تعود للمشهد مجموعة المحافظات الريفية ذات التمثيل البرلماني الكثيف مثل الغربية ( 19 ) والبحيرة ( 19 ) والدقهلية ( 17 ) نائب وهي في مجموعها دلائل علي مدي احتياج المجلس الحالي لنوع متطور من برامج رفع كفاءة الأداءات وتطوير والمعارف والمهارات حول طرق استخدام أدوات العمل البرلماني بشقيه التشريعي والرقابي وكيفية التواصل مع المجلس والحديث خلال الجلسات العامة وهي مهام وأدوار ينبغي ( ويفترض ) أن يقوم بها ( معهد التدريب البرلماني ) المنصوص عليه في اللائحة الداخلية للمجلس والتي نصت المادة ( 418 ) منها علي أن ( ينشأ بمجلس النواب معهد يسمى ( معهد التدريب البرلماني ) يهدف إلى المعاونة في تطوير العمل في المجلس وتدريب أعضائه والعاملين فيه والارتقاء بمهاراتهم وترسيخ وتطوير وتدوين التقاليد والسوابق البرلمانية المصرية ونشرها ودعم وتوثيق أطر التعاون مع البرلمانات في الدول الأخرى وتبادل الخبرات البرلمانية معها ويكون مقره مجلس النواب ويشار إليه فيما يلي بالمعهد ) بينما نصت المادة ( 419 ) علي أن ( يتولى المعهد وفق خطة سنوية المهام الآتية : 1 ـ تدريب أعضاء مجلس النواب وتطوير مهاراتهم التشريعية والرقابية والارتقاء بها من خلال المحاضرات وبرامج التدريب وورش العمل وغيرها . 2 ـ تأهيل موظفي الأمانة العامة فنيًا وإداريًا وتدريبهم وإعداد المعاونين البرلمانيين وإمدادهم بما يلزم من تأهيل علمي وعملي لمعاونة النواب في أداء مهامهم . 3 ـ التعاون مع مسئولي البرلمانات في الدول الأخرى طبقا لاتفاقيات التعاون المشترك التي تُبرم في هذا الخصوص ) خاصة بالنظر للتركيبة البرلمانية التي يغلب عليها تواجد العديد من العناصر الجديدة من غير أصحاب الخبرات والسوابق البرلمانية مع انخفاض واضح في متوسطات العمر لدي قطاع واسعة من بين نواب المجلس الحالي .

أما علي المستوي السياسي والحزبي والذي يصعب معه التحجج بغياب برامج التأهيل ورفع الكفاءة باعتبار أن كوادر الأحزاب يفترض كونها مؤهلة ومدربة علي التعامل مع الجماهير والتأثير في دوائر السلطة عبر أبنيتها وفضاءتها الحزبية وأيضا امتلاكها لمكاتب للدعم البرلماني تتولي عمليات تحليل التشريعات وقراءة التقارير المقدمة للجلسات العامة قراءة نقدية تتسق مع المرجعيات الفكرية لتلك القوي وترسم لنواب هيئاتها البرلمانية مسارات للعمل والتفاعل وتحدد لهم مواضع الضعف أو الخلاف مع المواد المقترحة وتعيد توزيعها علي هؤلاء النواب لضمان الانسجام والتكامل في تقديم الموقف الحزبي عبر المجلس التشريعي لا يمكن معه تبرير أو تقديم تفسيرات لصمت بعض نوابها أو غيابهم عن المشاركة وطلب الكلمة خلال ما يقرب من ( ثلث ) جلسات دور الانعقاد الحالي .
فقد كان من اللافت أن الحزب الوحيد الذي قدم نوابه أداءا ( رقميا ) وتفاعليا متكاملا كان هو حزب العدل الذي وصلت نسبة تفاعله لدرجة الكمال ( 100 % ) دون وجود للصمت بين ممثليه لتختلف بعدها أعداد ونسب الصمت بين كافة القوي السياسية حيث امتلك حزب مستقبل وطن أكبر عدد من نواب الصمت ( باعتباره الحزب صاحب الأغلبية المطلقة داخل المجلس التشريعي ) بعدد ( 173 ) نائب يليه المستقلون ( 53 ) والشعب الجمهوري ( 30 ) وحماة وطن ( 13 ) والوفد ( 10 ) وهي أرقام تتسق وحجم عضوية تلك الكيانات الحزبية ونسب تواجدها داخل المجلس أو مؤشرات الأداء العامة دون خلل جوهري يستوجب أدوات مختلفة للتعامل والتحليل .
وإن كان من المهم الإشارة هنا إلي أن كفاءة الأداء في المشهد البرلماني وجوانب التطور في تلك الأداءات البرلمانية تحتاج لامتداد أثارها لتشمل القوي السياسية المكونة لها وأساليب إدارة هيئاتها البرلمانية التي يصعب رصد وجود تنظيمي فاعل لها في أداءات الكثير من تلك القوي حتي أن استقراء وتحليل بعض المشاهد التفصيلية المرتبطة ببعض القضايا المطروحة علي أجندة المجلس تكشف بعض التناقضات والتصويتات المتضاربة بين نواب بعض الهيئات البرلمانية إضافة لافتقاد بعضها للقدرة علي طرح بدائل للسياسات المقترحة أو للتشريعات المطلوب إصدارها بما يحول الاعتراض أو الرفض لموسيقي صوتية تفتقد للمايسترو الذي يوجهها أو يضبط إيقاعاتها لتخرج في إطار لحن جاذب للأسماع ( وهي عملية تحليلية يصعب تقديم أمثلة أو نماذج محددة لها في دراسة لعينة بحثية محدودة الزمن والعدد لما تحتاجه من تكامل وموضوعية نأمل لها أن تتحقق بنهاية دور الانعقاد السنوي الحالي )

التوصيات الرئيسية
يصعب الخروج من مثل تلك الدراسات التحليلية لأداءات النخب التشريعية أو تفاعلات الممارسة المباشرة للقوي السياسية والجغرافية داخل المجالس النيابية دون تقديم عدد من النصائح والتوصيات التي تستهدف بشكل مباشر الوصول إلي نمط من أنماط تحسين الأداءات الذاتية المباشرة لدي أعضاء المجالس التشريعية سواء في إطار عمليات تقويم وتطوير أساليب العمل أو لتعزيز الصورة العامة والذهنية لدي القطاعات الجماهيرية الواسعة تجاه الأفنية والفضاءات المؤسسية الداعمة لفكرة الاندماج القوي والالتفاف حول النظام السياسي باعتباره ممثلا لطموحاتهم وفاعلا في التعبير عن مصالحهم والدفاع عنها الأمر الذي يمكن معه الوقوف أمام التوصيات التالية :
أولا : العمل علي إيجاد آلية حقيقية للتواصل الجماهيري وتعزيز صورة البرلمان لدي تلك القطاعات سواء باستعادة آلية البث التلفزيوني المباشر للجلسات أو بتحديد توقيتات لاحقة ( وملزمة ) لبثها لإعطاء مصداقية لما يعلن والتأكيد علي أنه ليس هناك ما هو مخفي من ممارسات مع التوسع في استخدام أدوات ومواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بإبراز نواتج الأداء وتفاصيل النقاشات والحوارات حول الأداءات البرلمانية .
ثانيا : إعادة النظر في الآلية التي تتعامل بها الأمانة العامة مع المضابط الرسمية للجلسات وتطوير عمليات إصدارها خاصة في ظل وجود ضوابط ( مهملة ) تستوجب الانتهاء منها وإتاحتها للنواب للمراجعة والإقرار وفق محددات زمنية واضحة وهو أمر يعاني المجلس من غياب أو تباطؤ في الالتزام به لدرجة أن دور الانعقاد الحالي لم تصدر منه سوي ( 10 ) مضابط فقط تمثل ( ( ثلث ) الجلسات التي عقدها المجلس خلال الفترة السابقة والتي بلغت ( 28 ) جلسة بل إن دور الانعقاد الأول ( نفسه ) مازالت تغيب عنه عديد من مضابط الجلسات تصل إلي ( 20 ) مضبطة تقريبا.
ثالثا : تحتاج الآلية المعتمدة لصياغة موجز جلسات البرلمان لإعادة مراجعة للضوابط الحاكمة للصياغة والإصدار في ظل كونها مصادر ( رسمية ) للبيانات والمعلومات المتعلقة بالجلسات وما يدور فيها من تفاعلات خصوصا وأن عمليات التدقيق والمراجعة تكشف عن كم مرعب من الأخطاء بداية من أسماء النواب التي تكتب بشكل غير صحيح مرورا بأعداد المتحدثين وطبيعة ما جري النقاش حوله من قضايا والموضوعات في الجلسات أو ما أبداه النواب من مواقف وما يقود له ذلك من تناقضات بين الموجز كوثيقة من جانب وبين المشاهدات وأدوات التوثق من الممارسة البرلمانية من جانب أخر .
رابعا : الحاجة الماسة والبالغة لتفعيل دور مركز التدريب البرلماني في إطار اختصاصاته وأدواره المنصوص عليها في اللائحة الداخلية للمجلس وخروجه من دائرة الأداء ( الشكلي ) لممارسة حية تكشف نواقص الأداء ومناطق الضعف في العمل النيابي وتطوير برامج ( حقيقية ) تستهدف رفع كفاءة النواب وتمكينهم من الأدوات الأساسية والمهارات الواجبة للأداء الفاعل والحقيقي داخل المجلس وخارجه بما يعكس صورة ذات ثقل وكفاءة للنائب البرلماني في الذهنية العامة علي مختلف الأصعدة والمستويات .
خامسا : ضرورة اهتمام النواب ـ باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقية في صناعة رأي مجتمعي ايجابي تجاه البرلمان ـ بوجود آلية حقيقية في مكاتبهم لتتبع ممارستهم ورصد طبيعة الأنشطة والتدخلات التي يقومون بها وإعلانها في الدوائر الانتخابية بصورة منتظمة تبين الأثر والمجهود الذي يقومون به علي المستوي القومي والإقليمي لما لذلك من تأثيرات علي حجم المتابعة الجماهيرية أو تقليص فجوة الامتعاض وعدم الرضي حول أداءات البعض ( وهو ما نجد أن بعض النواب يعتمدون عليه ويمارسونه بشكل حقيقي فعليا )
سادسا : اعتماد منهجية مشابهة للحوارات المجتمعية حول التشريعات والقوانين الرئيسية علي مستوي دوري فيما يتعلق بتقييمات الأداءات البرلمانية ورؤية القوي المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني لها انطلاقا من تقارير الرصد والمتابعة الصادرة عن الأمانة العامة للبرلمان ( وتحت مظلتها ) للتعرف علي رؤية المجتمع ونظرته للمجلس وحجم الاختلافات أو عدم الرضا عن تلك الأداءات واقتراح سبل لمعالجتها كجزء من عملية صناعة وعي نخبوي مدرك لطبيعة الأداءات وحجم الانجاز وأساليب التقدم في تلك الممارسات.
في ظل تلك الرؤية العامة وبالنظر للتوصيات المرفقة وممكنات اعتمادها والأخذ بها كجزء من عمليات تقويم الممارسة البرلمانية وتطوير مخرجاتها فان تأثيراتها علي المشهد العام ستكون بالغة القيمة والتأثير سواء من حيث النظرة المجتمعية للمجلس وطبيعة العمل النيابي بما يعزز من حجم الرضاء الشعبي والمشاركة في عمليات التصويت وصناعة النخبة البرلمانية أو من حيث طبيعة ممارسة النائب وتطويره للأدوات التي يستخدمها في تلك الممارسة أو خلقه لقنوات ونوافذ للترويج لها وتوعية الجماهير بمقاصدها .
وعلي المستوي الوطني فان وجود مجلس فاعل ومؤثر في عمليات صناع السياسات العامة سيساهم بقوة في تحسين تلك السياسات والقدرة علي الدعاية لها وإقناع القطاعات الجماهيرية بجدواها في إطار دعم المؤسسية الوطنية وإكسابها الثقل المطلوب علي المستوي الإقليمي والدولي بما يحقق تغيير في النظرة الأممية لحجم التطور والانجاز الذي يتم داخل الدولة المصرية وفي إطار الصورة الشاملة للجمهورية الجديدة وفقا للمستهدف من ورائها علي مستوي خطط وبرامج التنمية الشاملة التي يلعب البرلمان دورا مؤثرا في صياغتها وتطويرها والرقابة علي العمليات التنفيذية المرتبطة بها .
إعداد وتحليل
عبدالناصر قنديل
نائب مدير مركز جسور للدراسات الإستراتيجية
الباحث في الشئون البرلمانيه والسياسية
