يُعد التغير المناخي أكبر تحدي يواجه الكرة الأرضية منذ معرفة البشرية بالمناخ، وهو من أبرز مواضيع القرن الـ21 من حيث الأهمية، لكونه متعلقًا بتحديد مصير مستقبل كوكب الأرض، وترجع بداية الأزمة إلى الثورة الصناعية فهي النقطة التي يبدأ بعدها علماء المناخ في رؤية تحول عالمي في درجة الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حيث عندما بدأت المصانع التي تعمل بالفحم في أواخر القرن الـ18 في إنتاج الصلب والمنسوجات، بدأت الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى في ضخ النفايات الهوائية والمائية، حيث أن الفحم وقود غني بالكربون، لذلك عندما يحترق مع الأكسجين، فإنه ينتج الحرارة مع ثاني أكسيد الكربون، وتقوم أنواع أخرى من الوقود الكربوني مثل الغاز الطبيعي، بنفس الشيء بنسب مختلفة، وعندما دخلت هذه الانبعاثات في الغلاف الجوي، تصرفت مثل بطانية عازلة، تمنع حرارة الشمس من الهروب إلى الفضاء.
وكنتيجة لما سبق ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض 1.1 درجة مئوية منذ أواخر القرن الـ19، لكنها تذهب إلى أبعد من ذلك، إذن الثورة الصناعية والثورات التي جاءت بها الصناعة والخدمات تسببت في التغير المناخي، ولا يوجد ركن في الكوكب بمنأى عن الآثار المدمرة لتغير المناخ، ويدعو اتفاق باريس لعام 2015 بشأن تغير المناخ إلى الاحتفاظ بالاحترار المحتمل في مستوى أقل بكثير من درجتين مئويتين، وإلى مواصلة الجهود الرامية إلى الحد أكثر من الاحترار، في مستوى 1.5 درجات.
وجاء مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الأطارية حول تغير المناخ «كوب 26» في نوفمبر 2021، ليكون بمثابة أول تقييم حقيقي لما أسفر عنه اتفاق باريس للمناخ، حيث وافقت 196 حكومة – كجزء من اتفاق باريس- على إجراء تقييم دوري لتقدمها على الصعيدين الوطني والجماعي، وتحديث تعهداتهم، لبحث سبل التقليل من الانبعاثات بحلول عام 2030 والمساعدة في تحسين الحياة على الكوكب، بإجراءات عاجلة.
وتمحورت أهداف المؤتمر في العمل على تحقيق أهداف خفض الانبعاثات التي تتماشى مع الوصول إلى صفر بحلول منتصف القرن، وتسريع المرحلة من خلال التشجيع على الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، والحد من إزالة الغابات، وتسريع التحول إلى المركبات الكهربائية، والعمل الجماعي من أجل تسريع الإنجاز والارتقاء إلى مستوى تحديات التغير المناخي، وأيضًا تسريع التعاون بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني لتحقيق أهداف المناخ، وحشد التمويل، والعمل بالوعود المقدمة من الدول الغنية بتقديم 100 مليار دولار سنويًا.
وكما سبق توضيحه، بأنه لا يوجد ركن في الكوكب بمنأى عن الآثار المدمرة لتغير المناخ، لذلك شاركت مصر في «كوب 26»، وركزت مصر خلال أعمال القمة على الموضوعات التي تهم الدول النامية بشكل عام والأفريقية على وجه الخصوص، خاصة فيما يتعلق بتعزيز الجهود لدفع عمل المناخ الدولي، فضلًا عن التأكيد على ضرورة التزام الدول الصناعية بتعهداتها في إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ.
وفي ضوء الاهتمام المصري بالقضية، أطلقت مصر استراتجيتها الوطنية لعام 2050، كما أعلنت مصر رسميًا عن استضافة مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ القادم «كوب 27» بشرم الشيخ في 2022، وستاخذ مصر على عاتقها قيادة المنطقة في العمل المناخي وتوحيد جهود العالم في مواجهة آثار تغير المناخ، وكان الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» أكد في قمة قادة العالم المناخية في الأول من نوفمبر أن «كوب 27» سيكون مؤتمرًا إفريقيًا حقيقيًا، مشددًا على الأمل في تحقيق تقدمًا في الموضوعات ذات الأولوية مثل تمويل المناخ والتكيف والخسارة والأضرار، لمواكبة التقدم الذي يأمل العالم أن يحققه في جهود التخفيف والوصول إلى الحياد الكربوني.
وتصطدم استضافة مصر للمؤتمر بعدد من التحديات، أهمها أن مؤتمر «كوب 26» الذي غاب عن حضوره الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والرئيس الصيني «شي جين بينغ»، أصطدم بواقع مغايرة لما تم الاتفاق عليه، حيث أن الصين التي كانت حريصة على توضيح موقفها من القضية رغم غياب الرئيس، ناقضت تعهداتها بالعمل على انخفاض الفحم الذي يعد أحد أهم أسباب الاحتباس الحراري، حيث سعت الصين إلى التغلب على ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وانعكاسها على أسعار الوقود المحلية، إضافة إلى انخفاض وارداتها النفطية، بزيادة إنتاج الفحم، كما أن الهند الذي أكدت عزمها الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2070، أكد الخبراء أنها ستظل في حاجة للفحم لتلبية الطلب على الطاقة خلال العقود الـ5 المقبلة، حيث تعتمد الهند على الفحم بنسبة 70% لتلبية الطلب على قطاع الكهرباء؛ ما يجعل تحوّلها نحو وقود غير أحفوري بنسبة 50% بحلول 2030 تحديًا كبيرًا.
وفضلًا عن التحديات الخاصة بتعهدات الدول، تواجه مصر تحدى من نوع آخر حيث أن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية سيلقي بظلاله، فروسيا التي تأتي بين أكثر خمس دول في الانبعاثات، سيكون من الصعب حضورها بسبب الخلافات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، كما أن العالم يعاني من أزمة اقتصادية ستجعل الالتزام بالتعهدات أكثر صعوبة.
وفي ضوء ما سبق تهدف هذه الورقة إلى معرفة ما هو التغير المناخي وملامحه العالمية، ثم الانتقال إلى الاهتمام الدولي بالقضية، وبعد ذلك سيتم التركيز على الحالة المصرية وكيف تهددها التغيرات المناخية، فضلًا عن التطرق لمحاولات وجهود الدولة المصرية لمواجهة هذه التهديدات، بالإضافة إلى تقديم بعض التوصيات التي يمكن أن تساهم في التعامل مع الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية.
ماهية التغيرات المناخية:

جاء تعريف التغيرات المناخية في بأكثر من طريقة، ولكن جميعهم يتفق على الشيء نفسه في النهاية، وذلك كالأتي:
– تعريف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: تغير في حالة المناخ والذي يمكن معرفته عبر تغييرات في المعدل أو المتغيرات في خصائصها والتي تدوم لفترة طويلة، عادة لعقود أو أكثر، ويشير إلى أي تغير في المناخ على مر الزمن، سواء كان ذلك نتيجة للتغيرات الطبيعية أو الناجمة عن النشاط البشري.
– تعريف اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ: تغير في المناخ يرجع بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري، والذي يفضي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي للأرض.
– تعريف تقرير حالة البيئة في مصر عام 2008: هو اختلال التوازن السائد في الظروف المناخية كالحرارة وأنماط الرياح وتوزيعات الأمطار المميزة للمنطقة، مما ينعكس في المدى الطويل على الأنظمة الحيوية القائمة.
ومما سبق نخلص إلى أن التغير المناخي عبارة عن التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس أي أنه اضطراب في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة، واتجاه الرياح، ومنسوب تساقط الأمطار لكل منطقة من مناطق الأرض، وقد تكون هذه التحولات طبيعية فتحدث، على سبيل المثال، من خلال التغيرات في الدورة الشمسية، ولكن منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، ما يزيد من مستويات غازات الاحتباس الحراري التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي للأرض، ومن ثم ترفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض.
وبذلك يختلف تغير المناخ عن الاحتباس الحراري، فالاحتباس الحراري يعد بمثابة جانب واحد من جوانب تغير المناخ، حيث يشير مصطلح الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية؛ نتيجة لتزايد تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، وبحسب وكالة ناسا، فإن الاحتباس الحراري هو الاحترار طويل المدى لنظام مناخ الأرض، الذي لوحظ منذ فترة ما قبل الصناعة (1850-1900) بسبب الأنشطة البشرية، ومنذ فترة ما قبل الصناعة، تشير التقديرات إلى أن الأنشطة البشرية أدت إلى زيادة متوسط درجة حرارة الأرض العالمية بنحو 1 درجة مئوية، وهو رقم يتزايد حاليًا بمقدار 0.2 درجة مئوية كل عقد، وتشمل الغازات التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري ما يلي: بخار الماء، ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الميثان (CH4)، أكسيد النيتروز (N2O)، ومركبات الكلورفلوركربون.
ملامح التغيرات المناخية عالميًا:

يوجد عدد من المؤشرات التي توضح ملامح التغيرات المناخية العالمية، مثل: تركيزات الغازات الدفيئة، وارتفاع درجات الحرارة، ومحتوى حرارة المحيط، ودرجة الحموضة في المحيطات، والمتوسط العالمي لمستوى سطح البحر، والكتلة الجليدية ومدى الجليد البحري، وذلك كالأتي:
أ. غازات الأحتباس الحراري:
وصل تركيز غازات الاحتباس الحراري في عام 2020 إلى مستوى غير مسبوق، إذ بلغ تركيز ثاني أكسيد الكربون 413.2 جزء في المليون، وتركيز الميثان 1889 جزءًا في البليون، وتركيز أكسيد النيتروز 333.2 جزء في البليون، وهو ما يعادل 149% و262% و123% من مستويات ما قبل العصر الصناعي، واستمرت الزيادة في عام 2021، وذلك وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021، حيث أن التقرير النهائي للمنظمة سيصدر في أبريل 2022.
ب. درجات الحرارة:
كان متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2021، استنادًا إلى بيانات الفترة الممتدة من يناير إلى سبتمبر، أعلى من متوسط الفترة 1850-1900 بنحو 1.09 درجة مئوية، ويحتل عام 2021 المرتبة السادسة أو السابعة من بين أدفأ الأعوام في التاريخ المسجل، وبذلك تصبح الأعوام من 2015 إلى 2021 هي أدفأ سبعة أعوام في التاريخ المسجل، وذلك وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021.
ويعتبر عام 2021 أقل دفئًا من الأعوام الماضية بسبب تأثير ظاهرة نينيا معتدلة حدثت في بداية العام، ولظاهرة النينيا تأثير تبريدي مؤقت في متوسط درجة الحرارة العالمي وهي تؤثر في الطقس والمناخ الإقليميين، وتجلى تأثير ظاهرة النينيا في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ في عام 2021؛ علمًا بأن أحدث ظاهرة نينيا قوية كانت في عام 2011، وإن عام 2021 أدفأ من عام 2011 بمقدار يتراوح تقريبًا بين 0.18 و0.26 درجة مئوية.
ج. المحيطات:
تخزن في المحيطات 90% من الحرارة المتراكمة في نظام الأرض والتي تقاس بالمحتوى الحراري للمحيطات، واستمر ارتفاع المحتوى الحراري للمحيط في الجزء العلوي على عمق 2000 متر في عام 2019 حتى وصل إلى مستوى قياسي جديد، ويشير تحليل أولي يستند إلى سبع مجموعات بيانات عالمية إلى أن عام 2020 قد تجاوز هذا المستوى القياسي، ووفقًا لجميع مجموعات البيانات، فإن معدلات احترار المحيطات قد زادت بشدة على مدى العقدين الماضيين، ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع درجة حرارة المحيطات في المستقبل، وذلك وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021.
شهد جزء كبير من المحيطات موجة واحدة على الأقل من موجات الحر البحرية «القوية» في وقت معين من عام 2021، وذلك باستثناء المنطقة الاستوائية الشرقية من المحيط الهادئ (بسبب ظاهرة النينيا) وجزء كبير من المحيط الجنوبي، وشهد بحر لابتيف وبحر بوفورت في المنطقة القطبية الشمالية موجات حر بحرية «شديدة» و»متطرفة» في الفترة من يناير إلى أبريل 2021.
تزيد نسبة تحمض المحيطات لأنها تمتص نحو 23% من الانبعاثات السنوية لثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي، وانخفض الأس الهيدروجيني لسطح المحيط المفتوح على مستوى العالم على مدى الأربعين عامًا الماضية حتى بلغ اليوم أدنى مستوياته منذ 26000 عام على الأقل، وتجدر الإشارة إلى أن المعدلات الحالية لتغير الأس الهيدروجيني غير مسبوقة منذ هذه الفترة على أقل تقدير، وكلما انخفض الأس الهيدروجيني في المحيطات، انخفضت قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
د. مستوى سطح البحر:
تنشأ التغيرات في متوسط مستوى سطح البحر العالمي في الأساس نتيجة ارتفاع درجات حرارة المحيطات بفعل التمدد الحراري لمياه البحر وذوبان الجليد الأرضي، وقيس متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي بسواتل عالية الدقة لمقياس الارتفاع، وبلغ 2.1 ملم سنويًا في الفترة بين عامي 1993 و2002 و4.4 ملم سنويًا في الفترة بين عامي 2013 و2021، أي زاد إلى الضعف بين الفترتين، ويرجع ذلك إلى تسارع وتيرة فقدان الكتلة الجليدية من الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، وذلك وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021.
هـ. الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية:
تسارعت وتيرة فقدان الكتل الجليدية من الأنهار الجليدية في أمريكا الشمالية على مدى العقدين الماضيين بمقدار الضعف تقريبًا في الفترة 2015-2019 مقارنة بالفترة 2000-2004، وألحق الصيف الاستثنائي الحرارة والجفاف الذي شهده غرب أمريكا الشمالية في عام 2021 اضرارًا بالغة بالأنهار الجليدية الجبلية في المنطقة، وذلك وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021.
وكانت رقعة انصهار الصفيحة الجليدية في غرينلاند قريبة من المتوسط الطويل الأجل لأوائل فصل الصيف، إلا أن معدلات درجات الحرارة وجريان المياه الذائبة كانت أعلى بكثير من معدلاتها الطبيعية في أغسطس 2021 بسبب تدفق كميات كبيرة من الهواء الدافئ الرطب في منتصف شهر أغسطس، وفي 14 أغسطس، رصد هطول أمطار لعدة ساعات في محطة القمة، وهي أعلى نقطة على صفيحة غرينلاند الجليدية (3216 مترًا)، وظلت درجات حرارة الهواء فوق درجة التجمد لمدة تسع ساعات تقريبًا، ولم يبلغ قبل ذلك عن أي هطول للأمطار في القمة، وهذه هي المرة الثالثة في غضون السنوات التسع الماضية التي تشهد فيها القمة ظروفًا مؤاتية للانصهار، ووفقًا للسجلات الأساسية الخاصة بالجليد، لم تحدث سوى ظاهرة انصهار واحدة في القرن العشرين.
و. الجليد البحري:
كان الجليد البحري في المنطقة القطبية الشمالية أقل من متوسط الفترة 1981-2010 عندما كان في أعلى مستوياته في مارس 2021، وانحسرت رقعة الجليد البحري بعد ذلك بسرعة في يونيو وأوائل يوليو في منطقتي بحر لابتيف وبحر شرق غرينلاند، ونتيجة لذلك، كانت رقعة الجليد البحري على مستوى المنطقة القطبية الشمالية ضئيلة ضآلة قياسية في النصف الأول من شهر يوليو، وذلك وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021.
ثم حدث تباطؤ في ذوبان الجليد في شهر أغسطس، وكانت رقعة الجليد البحري الدنيا في شهر سبتمبر (بعد موسم الصيف) أكبر مما كانت عليه في السنوات الماضية إذ بلغت 4.72 مليون كيلومتر مربع؛ فاحتلت بذلك المرتبة الثانية عشرة من بين أدنى رقاع الجليد البحري المسجلة في السجلات الساتلية التي تغطي 43 عامًا، وكانت أضأل بكثير من متوسط الفترة 1981-2010، وكانت رقعة الجليد البحري في بحر شرق غرينلاند ضئيلة ضآلة غير مسبوقة، وكانت رقعة الجليد البحري في المنطقة القطبية الجنوبية قريبة عامة من متوسط الفترة 1981-2010، وبلغت أقصاها مبكرًا في أواخر شهر أغسطس.
وفي ضوء ما سبق، شهد العالم موجات طقس متطرفة، وفيما يلي أبرزها، وفقًا للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية:
أ. درجات حرارة استثنائية ارتفاعًا وانخفاضًا:
– موجات حر استثنائية: شهد غرب أمريكا الشمالية موجات حر استثنائية في شهرَي يونيو ويوليو 2021، وسجلت العديد من الأماكن درجات حرارة تجاوزت أعلى درجات الحرارة المسجلة في المحطات بمقدار يتراوح بين 4 و6 درجات مئوية، وتسببت في وفاة المئات من الأشخاص، ووصلت درجة الحرارة في بلدة ليتون الواقعة في جنوب وسط مقاطعة كولومبيا البريطانية إلى 49.6 درجة مئوية في 29 يونيو، أي أعلى 4.6 درجة مئوية من أعلى درجة حرارة مسجلة في تاريخ كندا، ثم اندلع حريق في اليوم التالي دمر البلدة.
حدثت أيضًا موجات حر متعددة في جنوب غرب الولايات المتحدة، ووصلت درجة الحرارة في وادي الموت بولاية كاليفورنيا إلى 54.4 درجة مئوية في 9 يوليو، متعادلة بذلك مع درجة حرارة مماثلة مسجلة في عام 2020 كأعلى درجة حرارة مسجلة في العالم منذ ثلاثينيات القرن الماضي على الأقل، وكان هذا الصيف أحر صيف في التاريخ المسجل في المتوسط على مستوى الولايات المتحدة بأكملها، واندلعت العديد من حرائق الغابات الكبرى، فقد تسبب حريق ديكسي في شمال كاليفورنيا، الذي اندلع في 13 يوليو، في حرق قرابة 390000 هكتار بحلول 7 أكتوبر، وهو أكبر حريق منفرد في تاريخ كاليفورنيا المسجل.
وأثرت الحرارة الشديدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع نطاقًا، ففي 11 أغسطس، وصلت درجة الحرارة في إحدى محطات الأرصاد الجوية الزراعية في صقلية إلى 48.8 درجة مئوية، وكانت حينها رقمًا قياسيًا أوروبيًا، في حين وصلت درجة الحرارة في القيروان (تونس) إلى 50.3 درجة مئوية، وسجلت مونتورو رقمًا قياسيًا وطنيًا في إسبانيا في 14 أغسطس بدرجة حرارة 47.4 درجة مئوية، في حين سجلت مدريد في اليوم نفسه أحر أيامها على الإطلاق إذ بلغت درجة الحرارة فيها 42.7 درجة مئوية.
وفي 20 يوليو، سجلت جزيرة ابن عمر رقمًا قياسيًا وطنيًا تركيًا بدرجة حرارة 49.1 درجة مئوية، وشهدت تبليسي (جورجيا) أحر أيامها في التاريخ المسجل 40.6 درجة مئوية، واندلعت حرائق غابات كبيرة في أجزاء كثيرة من المنطقة حيث كانت الجزائر وجنوب تركيا واليونان أشد المناطق تضررًا.
– موجات الصقيع: أثرت الظروف الباردة غير الطبيعية في أجزاء كثيرة من وسط الولايات المتحدة وشمال المكسيك في فبراير 2021، وكانت أشد التأثيرات حدة في ولاية تكساس، التي شهدت عمومًا أدنى درجات حرارة لها منذ عام 1989 على أقل تقدير، وقد أثر تفشي برد الربيع غير الطبيعي في أجزاء كثيرة من أوروبا في أوائل أبريل.
ب. الهطول:
– الفيضانات: تساقطت أمطار غزيرة في مقاطعة خنان الصينية في الفترة من 17 إلى 21 يوليو 2021، وفي 20 يوليو، وتساقطت في مدينة تشنغتشو 201.9 ملم من الأمطار في ساعة واحدة (رقم قياسي وطني صيني)، و382 ملم في 6 ساعات، و720 ملم على مدى الظاهرة ككل، وهو هطول أعلى من المتوسط السنوي. وارتبطت الفيضانات الخاطفة بأكثر من 302 حالة وفاة وبخسائر اقتصادية قدرها 17.7 مليار دولار أمريكي.
وشهدت أوروبا الغربية، في منتصف شهر يوليو، بعضًا من أشد الفيضانات في التاريخ المسجل، إذ تساقط في منطقتي غرب ألمانيا وشرق بلجيكا ما يتراوح بين 100 و150 ملم على مساحة واسعة في يومي 14-15 يوليو فوق أرض مشبعة، مما تسبب في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية، ووقوع ما يزيد على 200 حالة وفاة، وكان أعلى معدل يومي لتساقط الأمطار هو 162.4 ملم في ويبرفورث-جارديناو (ألمانيا).
وأدى استمرار هطول الأمطار بمعدل فوق المتوسط في النصف الأول من العام في أجزاء من شمال أمريكا الجنوبية، وخاصة شمال حوض الأمازون، إلى حدوث فيضانات كبيرة وطويلة الأمد في المنطقة، وبلغ منسوب نهر ريو نيغرو في مانوس (البرازيل) أعلى مستوياته في التاريخ المسجل، وحدثت فيضانات أيضًا في أجزاء من شرق أفريقيا، وألحقت أضرارًا بالغة بجنوب السودان.
– الجفاف: أثر الجفاف الشديد في معظم المنطقة شبه الاستوائية في أمريكا الجنوبية للعام الثاني على التوالي، وكان معدل هطول الأمطار أقل بكثير من المتوسط في معظم مناطق جنوب البرازيل وباراغواي وأوروغواي وشمال الأرجنتين، وأدى الجفاف إلى خسائر زراعية كبيرة تفاقمت بفعل تفشي البرد في نهاية يوليو، مما أضر بالعديد من مناطق زراعة البن في البرازيل، وأدى انخفاض منسوب الأنهار أيضًا إلى خفض إنتاج الطاقة الكهرومائية وتعطيل النقل النهري.
وكانت الأشهر العشرون من يناير 2020 إلى أغسطس 2021 هي الأكثر جفافًا في تاريخ جنوب غرب الولايات المتحدة المسجل، أي أقل من الرقم القياسي السابق بأكثر من 10%، وقل الإنتاج المتوقع لمحاصيل القمح والكانولا في كندا في عام 2021 عن مستويات عام 2020 بنسبة تتراوح بين 30 و40%، واجتاحت أزمة سوء التغذية المرتبطة بالجفاف أجزاءً من جزيرة مدغشقر في المحيط الهندي.
الاهتمام الدولي بالقضية

وسيكون للملامح السابق ذكرها تأثيرات كبيرة على حياة ملايين البشر ومختلف الكائنات الحية ومختلف القطاعات، لذلك شغلت قضية تغير المناخ اهتمام المجتمع الدولي، وذلك منذ حقبة من الزمن، وفيما يلي أبرز وأهم جهود المجتمع الدولي:
أ. اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ:
تعد الأمم المتحدة في طليعة الجهود الرامية التي تهدف إلى إنقاذ الكوكب، وفي عام 1992، ومن خلال «قمة الأرض»، أنتجت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كخطوة أولى في التصدي لمشكلة تغير المناخ، واليوم تتمتع هذه الإتفاقية بعضوية شبه عالمية، وصدقت 197 دولة على الاتفاقية، ويعتبر الهدف النهائي للاتفاقية هو منع التدخل البشري الخطير في النظام المناخي.
ب. بروتوكول كيوتو:
هو برتوكول تم الإعلان عنه وتبنيه منذ عام 1997،» ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا في عام 2005م، ويعد هذا البروتوكول أول معاهدة دولية ملزمة لأطرافه، ومن خلاله تمت مطالبة جميع الدول بضرورة خفض انبعاثات الغازات لديها بمعدل 5% من مستوياتها التي كانت عليها في عام 1990م.
ج. اتفاق باريس:
تبنت 197 دولة اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف 21 في باريس في 12/12/2015، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد أقل من عام، ويهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
ويتضمن الاتفاق التزامات من جميع الدول لخفض انبعاثاتها والعمل معًا للتكيف مع آثار تغير المناخ، وتدعو الدول إلى تعزيز التزاماتها بمرور الوقت، ويوفر الاتفاق طريقًا للدول المتقدمة لمساعدة الدول النامية في جهود التخفيف من حدة المناخ والتكيف معها مع إنشاء إطار للرصد والإبلاغ الشفافين عن الأهداف المناخية للدول.
يوفر اتفاق باريس إطارًا دائمًا يوجه الجهد العالمي لعقود قادمة، والهدف هو رفع مستوى طموح الدول بشأن المناخ بمرور الوقت، ولتعزيز ذلك، نص الاتفاق على إجراء عمليتي مراجعة، كل واحدة على مدى خمس سنوات.
يمثل اتفاق باريس بداية تحول نحو عالم منخفض الكربون، ويعد تنفيذ الاتفاق أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لأنه يوفر خارطة طريق للإجراءات المناخية التي من شأنها تقليل الانبعاثات وبناء القدرة على الصمود مع تغير المناخ.
في عام 2018، اعتمدت الوفود المشاركة في الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، التي استضافتها كاتوفيتشي، بولندا، لائحة قواعد شاملة توضح التفاصيل التشغيلية لاتفاق باريس.
يُذكر أن مؤتمر الأمم المتحدة بشان تغيير المناخ هو قمة سنوية تحضرها 197 دولة من أجل مناقشة تغير المناخ، وما الذي تفعله هذه البلدان، والعالم أجمع، من أجل مواجهة هذه المشكلة ومعالجتها، ويعد المؤتمر جزءًا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها تقريبًا، جميع الدول والمناطق في العالم بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ.
د. مؤتمر القمة المعني بالمناخ 2019:
في 23 سبتمبر 2019، عقد الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش» قمة المناخ لتوحيد قادة العالم من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل دعم العملية المتعددة الأطراف وزيادة وتسريع العمل والطموح المناخي، وقام بتعين «لويس ألفونسو دي ألبا»، الدبلوماسي المكسيكي السابق، مبعوثه الخاص لقيادة القمة، وركزت القمة على القطاعات الرئيسة التي من الممكن أن تحقق الفرق الأكبر، كالصناعات الثقيلة والحلول القائمة على الطبيعة والمدن والطاقة والمرونة وتمويل العمل المناخي، وقدم قادة العالم تقارير عما يقومون به وما الذي يعتزمون فعله عندما يجتمعون في عام 2020 في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ حيث من الممكن تجديد الالتزامات وزيادتها.
وتعد الجهود السابقة على سبيل المثال لا الحصر، حيث توجد جهود أخرى تتمثل فيما يلي: البرنامج الدولي الأول للمناخ عام 1980، بروتوكول مونتريال عام 1987، إنشاء الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ عام 1988، قمة ريو للأرض 1992، مؤتمر كوبنهاغن لتغير المناج عام 2009، مؤتمر تغير المناخ في كانكون والصندوق الأخضر للمناخ عام 2010، والصفقة الخضراء الأوروبية عام 2019.
أثر التغيرات المناخية على مصر:
تعد مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية، على الرغم من أنها أقل دول العالم اسهامًا في انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث أن مساهمة مصر تقدر بـ0,6%، ويؤكد ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وزيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، حقيقة التغيرات المناخية التي تتأثر بها مصر، فوقفًا لمركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة الذي قام برصد التغير في المناخ بين عامي 2006-2018:
تزايدت كمية الانبعاثات المسببة للتغير المناخ في مصر والمعروفة بالغازات الدفيئة خلال الفترة من 1990-2016، بمعدل سنوي نحو 3.55%، كما تزايدت كمية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في مصر خلال نفس الفترة بمعدل سنوي بلغ نحو 3.89%.
تزايدت درجة الحرارة في مصر سنويًا بنحو 0.14%، بينما تناقص تساقط الأمطار سنويًا بنحو 0.29%.
ونتيجة لما سبق يتعرض الأمن الغذائي المصري والأمن المائي المصري والمناطق الساحلية المصرية للخطر، وكل منهم متعلق بالأخر، حيث أن التأثير على المناطق الساحلية المنخفضة التي معظمها تتمثل في دلتا النيل، والتأثير على موارد المياه، يؤثر في الزراعة فضلًا عن الثروة الحيوانية والسمكية مما يهدد الأمن الغذائي، وسيتم توضيح ذلك.
التحديات المناخية في مصر:
أ. احتمالية غرق المناطق الساحلية:
أكد التقرير الرابع للهيئة الحكومية الدولية التابعة لتغير المناخ عام 2007، أن ارتفاع مستوى سطح البحر المتوسط بمقدار ما بين 20 إلى 80 سم، من المتوقع أن يؤدي إلى غمر واختفاء المناطق الساحلية وهي: سواحل الدلتا، الساحل الشمالي، سواحل شبة جزيرة سيناء، وسواحل البحيرات المرة وبحيرة التمساح، وبذلك من المتوقع أن تختفي حوالي 15% من مساحة الدلتا التي تضم نحو 40% من الانتاج الزراعي، وفيما يخص الدلتا توقعت الهيئة الحكومية الدولية بثلاثة سيناريوهات لغرق الدلتا، وذلك كالأتي:
السيناريو الأول: في حال ارتفاع منسوب البحر إلى 1 متر، من المتوقع أن يصل إجمالي عدد المحافظات المتضررة إلى 9 محافظات في شمال الدلتا هي: الإسكندرية، الإسماعيلية، بورسعيد، البحيرة، دمياط، الدقهلية، الشرقية، شمال سيناء، وكفر الشيخ، بإجمالي عدد 37 مدينة وقرية وعزبة وتجمع عمراني بمساحة تبلغ 35505 فدان، ومن المتوقع أن تبلغ إجمالي مساحة الأراضي الزراعية المغمورة بالمياه المالحة إلى ما يقرب من 9 ملايين فدان.
السيناريو الثاني: في حال ارتفاع منسوب البحر إلى 3 متر، من المتوقع أن تضرر نفس المحافظات، ولكن بإجمالي عدد 44 مدينة وقرية وعزبة وتجمع عمراني بمساحة تبلغ 46453.56 فدان، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي مساحة الأراضي الزراعية المغمورة بالمياه المالحة إلى ما يقرب من 14 مليون فدان.
السيناريو الثالث: في حال ارتفاع منسوب البحر إلى 3 أمتار، من المتوقع أن يصل إجمالي عدد المحافظات المتضررة إلى 10 محافظات، حيث تدخل محافظة العربية مع المحافظات السابق، وبذلك يغرق حوالي 108 مدينة وقرية وعزبة بتجمع عمراني تبلغ مساحته 81148.13 فدان، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي مساحة الأراضي الزراعية المغمورة بالمياه المالحة بـ22 مليون فدان.
ويتضح مما سبق حجم الخطر المعرضة له المناطق الساحلية الذي سينتج عنه كارثة في الأمن الغذائي والمائي، ولذلك تداركت الدولة هذا الخطر، حيث:
قامت بإعداد إطار عمل يشمل خطة وطنية للتعامل مع تآكل الشواطئ واحتمالات ارتفاع مستوى سطح البحر وذلك من خلال مبدأ التعايش مع البحر كتقنية جديدة باستخدام وسائل حماية غير تقليدية وصديقة للبيئة مثل استخدام ناتج تكريك البواغيز، وقنوات الاقتراب للموانئ البحرية في تغذية الشواطئ التي تتعرض للنحر مع عمل مشروعات تجريبية مثل الجسور الرملية لحماية الدلتا من النحر، وقد نفذت الدولة أعمال الحماية لنحو 25% من سواحل الدلتا البالغ طولها 220 كيلو متر بوسائل متعددة من مصدات الأمواج، حيث:
تم تنفيذ مشروع تكيف دلتا نهر النيل للتغيرات المناخية وارتفاع سطح البحر بأسلوب الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية من خلال تطبيق مشروعات تجريبية لاختيار أفضل الطرق العلمية والعملية الصديقة للبيئة على مدار سنة ونصف كسعف النخيل والبوص ومصائد الرمال الخشبية بفعل انتقال الرسوبيات بالرياح لما لها من تكاليف منخفضة جدًا بالمقارنة بحمايات الكتل الخرسانية، وقد تم اختيار منطقة مسطروة 71 والتي تبعد 30 كم شرق مدينة رشيد و29 كم غرب ميناء البرلس، حيث تتميز أراضيها بأنها منبسطة منخفضة المنسوب بالنسبة لمتوسط سطح البحر مما يتيح إمكانية اختبار ملائمة لنظام الجسور الترابية بشكل أفضل.
يعد مشروع التكيف في دلتا النيل للتغيرات المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر، أحد المشاريع المتكاملة للمناطق الساحلية، بالتعاون بين وزارة الموارد المائية والري والبيئة، حيث يتم ضخ استثمارات ضخمة، من خلال هيئة حماية الشواطئ، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، وبتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ، من اجل دعم أنظمة حماية الأراضي المنخفضة في دلتا النيل، لاتباع نهج النظم البيئية وتنفيذ مشروعات حماية الشواطئ المصرية، وتقدر ميزانيته بحوالى 31.3 مليون دولار.
تم اختبار ثلاثة تصميمات لجسر رملي بهدف صد مياه أمواج البحر أثناء النوات، ويشغل الحيز الطولي لكل تصميم نحو 250 م مع مسافة بينية بطول 150 م ويشمل النموذج وحدات على شكل أنبوب ضخم من مادة مقاومة للعوامل الجوية بعرض 4 م وطول يتراوح بين 15 لـ 30 م ويتم ملؤها بالرمال لمنع انجراف النموذج عند تعرضه للمياه خلال فترة النوات على أن يتم تغطية تلك الوحدات بطبقة من ناتج تكريك بوغاز بحيرة البرلس «طبقة طينية» لضمان ثبات أكبر ثم طبقة من صخور الدولامايت بحيث يكون الارتفاع النهائي للجسر 3 م من متوسط منسوب سطح البحر، ويتم تثبيت الرمال عليه باستخدام زراعة نباتات من نفس النوع المتواجد بالمنطقة «نباتات صحراوية» بحيث تعمل جذور النباتات على تثبيت التربة.
ب. مصادر مياه مصر في خطر:
تعتمد مصر على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه بحصة تبلغ 55.5 مليار متر مكعب وتمثل 68.5% من جملة الموارد المائية عام 2019/2020، أما المكون الثاني لموازنة مصر المائية فهو المياه الجوفية العميقة والأمطار والسيول ومياه البحر المحلاة، وكذلك مياه الصرف المعاد استخدامها والمياه الجوفية السطحية بالدلتا، وتقدر بنحو 25.56 مليار متر مكعب وتمثل 31.5% من جملة الموارد المائية عام 2019/2020، وتعد مصر من الدول الفقيرة مائيًا، وفضلًا عن ذلك تواجه هذه المصادر تحديات من أهمها التغيرات المناخية.
تتوقع سيناريوهات محاكاة التغير المناخى ارتفاع معدل البحر بسبب درجات الحرارة، ويؤدى ذلك إلى انخفاض الجريان السطحى لنهر النيل بنسبة 15% بحلول 2081-2098، وبعض السيناريوهات تتنبأ أنه من المتوقع أن يحدث زيادة فى معدلات الأمطار بدول المنبع مما ينتج عنه زيادة الجريان السطحى لنهر النيل أيضًا، فضلًا عن أن ارتفاع منسوب سطح البحر بالسواحل الشمالية لمصر سيؤدى إلى زيادة درجة ملوحة المياه الجوفية بالأراضى الساحلية حتى عمق 7 كيلومتر من تلك السواحل طبقًا لدراسة قام بها معهد بحوث المياه الجوفية بمصر فى عام 2011.
ويتضح مما سبق الخطر التي تتعرض له مصادر المياه المصرية، مما يعرض الأمن الغذائي وحياة الإنسان للخطر، وتداركت الدولة هذا الخطر، حيث تتوسع الدولة فى تنفيذ مشروعات إعادة إستخدام المياه، حيث تعالج محطتى بحر البقر والحمام مياه الصرف عالية الملوحة ليتم توجيهها لإعادة الإستخدام، وهذين المشروعين يعدان نموذجًا لمشروعات التنمية الشاملة ونموذجًا يحتذي به في مجال إعادة إستخدام المياه، بالإضافة لمشروعات تطوير وتحديث المنظومة المائية من خلال مشروعات تأهيل الترع والمساقى والرى الحديث وإحلال وتأهيل المنشآت المائية.
ج. الأمن الغذائي المصري مهدد:
1. المصدر الرئيسي للغذاء المصري (الزراعة تواجه مخاطر جمة):
تعرض التغيرات المناخية الأمن الغذائي للخطر، سواء بتأثيراتها المباشرة من خلال ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، أو تأثيراتها غير المباشرة على المناطق الساحلية حيث أصبحت دلتا النيل مهددة بالغرق كما تم توضيحه سابقًا فضلًا عن زيادة الملوحة في الأراضي المجاورة للمناطق الساحلية واختلاف مواعيد الزراعة، والموارد المائية التي أصبحت مهددة بسبب ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة معدلات سقوط الأمطار في دول المنبع مما يهدد الزراعة التي تعد من أكبر القطاعات المستهلكة للمياه، ويؤثر هذا كله على حجم الإنتاجية الزراعية وجودة الإنتاج.
كما يمكن القول أن التأثير مرتبط بتغير الفصول ومواعيد الشتاء والقدرة على تلبية احتياجات النبات من البرودة والضوء والحرارة والرطوبة، ففترة التزهير تختلف حسب نوع المحصول، فبعضها يحتاج فترة برودة معينة في الليل وعدد ساعات محدد من الضوء، كما أن الأمراض والبكتيريا والفيروسات تختلف حسب درجة الحرارة والبرودة.
يمثل القطاع الزراعي أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية باعتباره الركن الإساسي في توفير الغذاء للسكان بالإضافة إلى توفير المواد الخام الزراعية اللازمة للعديد من الصناعات التحويلية والتي ترتبط بدورها بالطاقة الانتاجية والاحتياجات الاستهلاكية لهذة السلع، وتتعدد السلع والمنتجات الزراعية ما بين منتجات من أصل نباتي وأخرى من أصل حيواني، ويتم في القطاع الأول إنتاج سلع عديدة في مقدمتها الحبوب والبقوليات والخضر والفاكهة والمحاصيل الزيتية والمحاصيل السكرية، ويقوم القطاع الثاني بانتاج السلع والمنتجات الحيوانية والداجنة والسمكية، وتمثل نسبة الإنتاج النباتى 54.66% من إجمالى قيمة الإنتاج الزراعي، بينما تمثل نسبة الإنتاج الحيواني 36.01% من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي.
وفيما يلي يمكن توضيح تأثر المحاصيل الزراعية بالتغيرات المناخية خلال عام 2021:
– وفقًا لرئيس قسم الأرصاد الجوية بمركز البحوث الزراعية «شاكر أبو المعاطي»، هبط إنتاج الزيتون بحوالي 60-80% خلال موسم الحصاد عام 2021 بسبب تغير المناخ، إذ بلغ محصول الزيتون المحلي في عام 2020 نحو 497 ألف طن، فيما تراوح محصول عام 2021 بين 100 و200 ألف طن، وكان من المرجح أن يصل حجم محصول الزيتون المتوقع في موسم 2020-2021 إلى 690 ألف طن، ويعد هذا تطورًا مهمًا بشكل خاص بالنظر إلى مكانة مصر في سوق الزيتون العالمي؛ فكانت مصر أكبر مصدر لزيتون المائدة في العالم خلال موسم 2019، وأنتجت ما يقرب من ربع الإجمالي العالمي، طبقًا لإحصاءات المجلس الدولي للزيتون.
– واجه محصول المانجو أيضًا صعوبات بسبب تغير المناخ، فقد هبط إنتاجه بنسبة 20-25% في موسم حصاد عام 2021، وفقًا لمصدر بوزارة الزراعة، كان متوسط إنتاج المانجو في موسم 2020 5 أطنان للفدان، وترواح متوسط الإنتاج بين 3.75 و4 أطنان للفدان في موسم 2021، وبلغت صادرات مصر الزراعية نحو 4 ملايين طن في الفترة من يناير 2021 إلى 29 يونيو 2021، وكانت مساهمة محصول المانجو هي الأقل بين جميع المنتجات الزراعية، بإجمالي 768 طن، وفقًا لما أعلنته وزارة الزراعة.
ونظرًا لأهمية القطاع الزراعي الكبيرة، تحاول الدولة جاهدة أن تتعامل مع هذه الأزمة، وذلك على النحو التالي:
قامت وزارة الزراعة بإصدار تطبيق إلكتروني تحت اسم «هدهد» سيكون متاحًا على الهواتف الذكية لمساعدة الفلاحين، سيحتوي التطبيق على نشرات توعية خاصة بعملية الطقس والمناخ، وهذا التطبيق تمت تجربته بصورة تجريبية لمعرفة احتياجاته ومدى فعاليته، ليكون بمثابة مرشد زراعي للفلاح.
يتم تنفيذ مشروعات تسعى الى إستنباط محاصيل جديدة تتحمل درجة الحرارة والملوحة، وحاليًا يتم تنفيذ خريطة تفاعلية لمخاطر تغير المناخ حتى 2100، ووضع خطة للتخفيف من اثار التغيرات المناخية والأنبعاثات.
مشروع التحول إلى الزراعة المحمية وأنظمة الرى الحديثة، ويعد هذا المشروع احد مشاريع برنامج بناء مرونة نظم الأمن الغذائى، والذى يعود بالفائدة القصوى على منطقة جنوب مصر، ويتم بالتعاون مع هيئة المعونه الالمانية.
2. المخاطر التي تتعرض لها الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية:
– الثروة الحيوانية: هناك كثير من التحديات التى تواجهها الثروة الحيوانية نتيجة التغيرات المناخية مثل: قلة الموارد الطبيعية المياه والأراضي القابلة للزراعة مما يؤدي لضعف الإنتاجية لبعض السلالات الحيوانية، ويؤدى ذلك الى إرتفاع فى الأسعار وإتساع الفجوة الغذائية واللجوء الى زيادة الاستيراد مما يؤدى الى تهديد الأمن الغذائي وزيادة الفقر، وتدرك الدولة هذه الخطورة لهذا تحاول متمثلة في معهد بحوث الإنتاج الحيوانى التابع لمركز البحوث الزراعية تنظيم منتديات الهدف منها العمل على إعداد وصياغه استراتيجية وطنية للتصدى لمخاطر التغيرات المناخية وتقليل تأثيرها على الثروة الحيوانية.
– الدواجن: تتعرض الدواجن بالعنابر المفتوحة للإجهاد الحرارى الناتج عن التغيرات المناخية، التي يعد من أهم العوامل المؤدية لانخفاض إنتاج الدواجن وانخفاض مناعتها ضد الأمراض وكذلك انخفاض جودة منتجاتها النهائية، حيث تحاول الطيور مواجهة تلك الزيادة بدرجة الحرارة بوسائل فسيولوجية مختلفة وتؤدى بالنهاية لإجهاد الطيور نظرًا لحساسية السلالات التجارية للتغير بالبيئة المحيطة بها بدرجة كبيرة وتتوقف درجة الآثار السلبية للإجهاد الحرارى على مدة حدوثه وتكراره ودرجة الحرارة وكثير من العوامل الأخرى، لذلك وضعت الدولة خطة لتحويل العنابر المفتوحة الى مغلقة، وقدمت قروضًا ميسرة لذلك الغرض وأضافت برامج توعية وإرشاد للمربين خاصة صغار المربين عن اهمية ذلك وكيفية ادارة العنابر بعد التحديث لضمان الاستدامة، ووضع برنامج قومى لتحسين السلالات المحلية من الدواجن والتركيز على استخدامها بالقطاع الريفى لأغراض استهلاك الريف بالدرجة الأولى نظرًا لمواءمتها للظروف البيئية بدرجة أكبر، مع تطبيق الاتجاهات الحديثة بالتغذية بالمناخ الحار وإعادة تحديث مواصفات الأعلاف المصرية بما يتيح للمربى خاصة صغار المربين.
– الثروة السمكية: يؤدي ارتفاع نسبة ثانى أكسيد الكربون لزيادة ذوبانه فى مياه المحيطات والبحار، وزيادة حموضة المياه مما تؤثر سلبًا على نمو وتكاثر وحياة الأسماك، كما ينجم عن تغير المناخ تعديل فى توزيع أرصدة الأنواع السمكية من أسماك المياه العذبة والمالحة، مع توجه الأنواع السمكية فى المياه التى ترتفع فيها درجة الحرارة نحو القطبين، كذلك ينعكس تغير المناخ على موسمية العمليات البيولوجية الحيوية فى شكل تغيرات بسلاسل غذاء الأسماك بمواطن المياه العذبة والمالحة، مما يعود بنتائج لا يمكن التكهن بها على صعيد التذبذب في إنتاج الأسماك.
تؤدي زيادة ملوحة مياه البحيرات الشمالية نتيجة لزيادة درجة الحرارة والتى تؤدى لزيادة نسبة البخر، فضلًا عن زيادة التلوث عام بعد عام نتيجة الصرف الصناعى والزراعى وقلة المياه العذبة الواردة للبحيرات، إلى هجرة زريعة العائلة البورية من البحر إلى مناطق التقاء المياه العذبة وعليه يقل المخزون السمكى بالبحيرات.
قد يمتد التأثير إلى المزارع أيضًا ويشمل تأثير التغيرات المناخية عليها فى ارتفاع درجة حرارة المياه، وزيادة نشاط الميكروبات المحبة للحرارة مما يؤدى لزيادة احتمالية حدوث أمراض، فضلًا عن ازدهار الطحالب وما ينتج عنها من أضرار.
كما أن ارتفاع درجة الحرارة تؤدى لتغير أوقات التكاثر، وزيادة استهلاك الغذاء وزيادة المخلفات العضوية، ونقص الأكسجين الذائب، وتتأثر الزريعة أكثر نتيجة انخفاض الأكسجين، ويتسبب ذلك فى إجهاد حرارى وانتشار الأمراض.
وبادراك الدولة لهذه الخطورة، أعدت مشروع الاستزراع المائى، والذى يتضمن مشروع إنشاء نظام كبير للاستزراع البحري بالمحافظات الساحلية، من اجل تعويض انخفاض العائد من البحر المفتوح بسبب تغير المناخ، ويشمل مشروع الاستزراع المائى بركة غاليون، حيث يتم انشاء مجمع بكفر الشيخ، يضم عدد من مفرخات الاسماك، وحوالى 454 حوض سمك، وايضًا 655 حوض جمبري، اضافة الى 156 أحواض الحضانة، ويقام المجمع على مساحة 4000 فدان، كما يضم معمل علف، ومصنع لتعبئة الأسماك ويقدم حوالى 5000 فرصة عمل.
ولا يتوقف التأثير عند هذا الحد بلا كل هذا سيؤثر على مختلف مناحي الحياة فتهديد الأمن الغذائي بهذا الشكل سيؤثر على صحة الإنسان، فضلًا عن أن التغير في المناخ سيجعل البيئة جاذبة للعديد من الأمراض، كما أن التهديد بغرق مناطق بأكملها سياهم في الهجرة الداخلية، حيث أن ذلك يحمل خطر تهجير نحو 10 ملايين نسمة إلى مناطق جديدة، فضلًا عن أن الارتفاع الكبير في درجات الحرارة مع هطول الأمطار التي قد تكون حمضية، يؤدي إلى التأثير على المباني الاثرية والمقاصد السياحية، بالإضافة إلى المخاطر التي تواجه التنوع البيولوجي.
وبعرض هذا تتضح المخاطر الكارثية التي تواجه الدولة المصرية، وكما سبق توضيحه أن الدولة المصرية اتخذت خطوات للمواجهة سواء في الأمن الغذائي أو المائي أو المناطق الساحلية، ولكن بشكل عام تبذل الدولة المصرية جهود على مختلف المستويات لمواجهة أزمة المناخ،
الجهود المصرية للتعامل مع التغيرات المناخية:

اتخذت مصر العديد من السياسات والإجراءات لمواجهة تحدي التغيرات المناخية، والتكيف مع تداعياتها، فيما يلي أهم الإجراءات:
أ. جهود الحكومة المصرية:
1. الجهود المصرية على المستوى المؤسسي:
تم إنشاء المجلس الوطني للتغيرات المناخية، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1912 لسنة 2015، كجهة وطنية رئيسية معنية بقضية التغيرات المناخية، وتم إعادة تشكيل المجلس وإصدار قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1129 لسنة 2019، ليتكون المجلس الوطنى للتغيرات المناخية من اللجنة العليا، والمكتب التنفيذى ومجموعات العمل الفنية، ويكون رئيس مجلس الوزراء رئيسًا للمجلس وينعقد المجلس برئاسته مرة على الأقل كل عام أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وللمجلس الوطنى للتغيرات المناخية عددًا من الأهداف هي:
رسم السياسات العامة للدولة فيما يخص التعامل مع التغيرات المناخية، والعمل على وضع وتحديث الاستراتيجيات والخطط القطاعية لتغير المناخ، فى ضوء الاتفاقيات الدولية والمصالح الوطنية والعمل على صياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ، والعمل على توفير التمويل اللازم لتنفيذ تلك الخطط من الموازنات العامة أو أية فرص تمويلية دولية أو إقليمية.
متابعة ملف المفاوضات الخاصة بالاتفاقية الإطارية لتغير المناخ وما ينبثق عنها من بروتوكولات أو اتفاقيات.
رفع وعى المسئولين ومتخذى القرار والجمهور بكل ما يتعلق بالتغيرات المناخية كل فيما يخصه.
دمج المفاهيم والمعارف المرتبطة بالتغيرات المناخية داخل مراحل التعليم المختلفة.
بناء القدرات المؤسسية والفردية اللازمة للتعامل مع التغيرات المناخية.
2. الجهود المصرية على مستوى السياسات:
تم إطلاق الإستراتيجية الوطنية لتغيُّر المناخ 2050، على هامش مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 26» في نوفمبر 2021، وتهدف الإستراتيجية إلى تحديد الخطط بعيدة المدى للدولة فيما يتعلق بالتعامل مع ملف تغير المناخ والحد من الانبعاثات، وتتضمن الإستراتيجية خمسة محاور، كالأتي:
المحور الأول: تحقيق نمو اقتصادي مستدام، من خلال وضع خطط تنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات، وتوجيه استثمارات أكبر في مجال توليد الطاقة المتجددة والبديلة.
المحور الثاني: بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، من خلال استدامة الموارد الطبيعية والنظم البيئية والحفاظ عليها من تأثيرات المناخ، وتنفيذ مفاهيم الحد من مخاطر الكوارث، عن طريق إنشاء أنظمة إنذار مبكر.
المحور الثالث: تحسين حوكمة العمل وإدارته في مجال تغير المناخ من خلال تحديد أدوار مختلف أصحاب المصلحة ومسؤولياتهم لتحقيق الأهداف الإستراتيجية، وتحسين مكانة مصر في الترتيب الدولي الخاص بإجراءات تغيُّر المناخ.
المحور الرابع: يهتم بتطوير البنية التحتية لتتناسب مع الأنشطة والمشروعات المناخية.
المحور الخامس: يعمل على تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي؛ لمكافحة تغير المناخ.
وستستخدم الدولة مجموعة من السياسات والأدوات في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، ومنها: أدوات التمويل المبتكرة مثل السندات الخضراء، أدوات التمويل التقليدية مثل القروض الميسرة ومنح من بنوك التنمية متعددة الأطراف، إعداد مشروعات وتقديمها في إطار الصندوق الأخضر للمناخ وآلية التنمية المستدامة الجديدة لاتفاقية باريس، بناء نظام وطني للمراقبة والإبلاغ والتحقق يساعد في متابعة العمل المناخي، تطبيق الوزارات معايير الاستدامة في تحديد المشاريع التي ستقدم إلى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ووزارة المالية، إشراك أصحاب المصلحة في مختلف مراحل تطوير الإستراتيجية، استخدام الخريطة التفاعلية بصفتها أداة تخطيط لتحديد المناطق المعرضة لمخاطر تغير المناخ المحتملة، تحديد الحلول الرقمية واستخدامها مما يعزز من تنفيذ الحلول منخفضة الكربون والمرنة مع التغيرات المناخية، تأسيس وحدات للتنمية المستدامة وتغير المناخ في كل وزارة، ودمج الجوانب المتعلقة بتغير المناخ في دراسات تقييم الأثر البيئي في مصر.
تعتبر الإستراتيجية أحد متطلبات اتفاقية باريس 2015، التي طالبت الدول المشاركة فيها بوضع خطة للتعامل مع التغيرات المناخية، إلا أن عددًا قليلًا من الدول العربية استجاب بوضع خطط، مثل: الإمارات والاردن، كما أن وجود خطة عمل واضحة هو أيضًا أحد متطلبات الجهات المانحة.
3. الجهود المصرية على المستوى البيئي (التحول نحو الاقتصاد الأخضر):
يمثل الاقتصاد الأخضر، طوق النجاة للدول لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه البيئة، ومن هذا المنطلق تولي مصر الاقتصاد الأخضر أهمية كبرى، حيث تعمل على تعزيز ركائز عمل الاقتصاد الأخضر ضمن خطتها الهادفة للتنمية المستدامة في 2030، لذلك قامت بتنفيذ عدد من المشروعات العملاقة في هذا المجال شملت قطاعات الطاقة والكهرباء والنقل والصرف الصحي.
يقدر ما جرى إنجازه في مشروعات الاقتصاد الأخضر بنحو 30%، ويستهدف وصوله لنحو 50% خلال الـ3 سنوات القادمة، وكان تم إدراج نحو 691 مشروعًا تقدر تكلفتهم بنحو 447.3 مليار جنيه في خطة العام المالي 2020-2021، وكان 15% منها مشروعات خضراء، وتستهدف الحكومة الوصول بتلك النسبة لنحو 50% في عام 2024-2025.
كان القطاع المصرفي المصري وضع البعد البيئي ضمن شروط تمويل المشروعات الحديثة بحيث لا يتم تمويل أى مشروع من شأنه أن يزيد من حدة ومخاطر التغيرات المناخية، وذلك بهدف التوسع في المشروعات الصديقة للبيئة في إطار مساعي مصر لتصبح نموذجًا للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وترسيخ مفهوم «الشركات الخضراء»، والذي يشير إلى ضرورة التزام الشركات بالمعايير البيئية في كل ما تقوم به من ممارسات إنتاجية وتسويقية للسلع والخدمات، ووفق معايير معينة تضمن حماية الموارد البيئية، والحد من التلوث.
وأصدرت مصر في سبتمبر 2020 أول سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار لتمويل مشروعاته، ليكون لها سبق في الأمر، واعتبرتها مؤسسة ستاندر آند بورز العالمية واحدة من بين 3 إصدارات للسندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويمكن توضيح أن للاقتصاد الأخضر 6 قطاعات مركزية، في مقدمتها الطاقة المتجددة ومنها الشمسية والرياح، والمباني الخضراء، وإدارة النفايات والمياه والأراضي، والنقل المستدام، وعادة ما يستخدم في الاقتصادات والصناعات الناشئة، حيث يهتم إلى حد كبير بطرق الارتقاء بكفاءة المباني الخضراء وتوفير الطاقة اللازمة من أجل هذا الهدف، واتفقت الحكومة على 4 مجالات ذات الأولوية للطرح ضمن الحوافز الخضراء، وهي: الهيدروجين الأخضر، النقل الكهربي، بدائل الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، والإدارة المتكاملة للمخلفات، خاصة بعد إصدار أول قانون لتنظيم إدارة المخلفات واللائحة التنفيذية له.
يعد هذا النوع من الاقتصاد مكلف إلى حد ما، خاصة في المستشفيات والرعاية الصحية بشكل عام، ولكن عوائده التي يأتي في مقدمتها القضاء على الغذاء الملوث وحماية الغلاف الجوي، كانت أساس الاهتمام الدولي به مؤخرًا.
4. الجهود المصرية على مستوى التنسيق والتعاون الإقليمي والدولي:
تحرص مصر دائمًا على تنمية وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية المشتركة في مجالات البيئة والمناخ، وذلك ليس فقط من خلال المشاركة، بل أيضًا عبر رئاسة العديد من المؤتمرات والمفاوضات واللجان المعنية بقضايا البيئة والمناخ سواء داخل أفريقيا أو خارجها بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وذلك على النحو التالي:
1- على المستوى الإقليمي:
كانت مصر استضافت الاجتماع الوزاري الثاني للبيئة وتغير المناخ للاتحاد من أجل المتوسط بمشاركة وزراء وممثلي عدد 42 دولة بهدف توحيد الجهود لمواجهة التحديات البيئية التى تواجه منطقة المتوسط والتي تتطلب تكاتف الجميع، وخرج إعلان القاهرة للبيئة والمناخ والذى يهدف إلى وضع أجندة مشتركة لتعزيز وتوحيد الجهود فى منطقة الأور- متوسطية قبل مؤتمر الأطراف الـ26 للتغيرات المناخية.
كانت مصر استضافت اجتماعات مجموعة المفاوضين الأفارقة لتغير المناخ بشرم الشيخ للتنسيق والمشاركة فى الجلسات التفاوضية وذلك ضمن سلسلة الاجتماعات التى ساهمت في توحيد الموقف التفاوضي للدول الأفريقية تمهيدًا للجلسة 26 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ المنعقدة في نوفمبر الماضي.
أعلنت وزيرة البيئة المصرية «ياسمين فؤاد» أثناء المشاركة في «كوب 26»، إنشاء مركز المرونة والتكيف الأفريقي بالقاهرة بهدف دعم التنسيق على المستويات الاقليمية والمحلية، لتعزيز العمل على أرض الواقع من خلال تقديم المشورة والدعم لصانعي القرار والممارسين في البلدان الأفريقية.
ترأست مصر في أكتوبر 2021 الدورة الـ32 لمجلس وزراء العرب المسؤلين عن البيئة، وتم الخروج بعدة قرارات هامة يعد أهمها إقامة منصة عربية للإنتاج والاستهلاك المستدام، إنشاء المنتدى العربي للبيئة ، واختيار القدس عاصمة البيئة العربية.
2. على المستوى الدولي:
– تستضيف مصر الدورة الـ27 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ «كوب 27» في عام 2022 كممثلة لتحديات وجهود وأولويات القارة الأفريقية في مواجهة أزمة التغيرات المناخية، وتجهز مصر عددًا من المبادرات البيئة والمناخية لطرحها خلال الملتقى الدولي الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ خلال نوفمبر المقبل، وتركز المبادرات العالمية التي ستطلقها مصر من خلال رئاستها للمؤتمر على 3 مجالات مهمة، وهي: الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية؛ لما في ذلك نوعية المياه، والبعد الاجتماعي للصيادين، وتحسين مستوى الحياة، وتأتي قيادة مصر للمؤتمر تمثيلًا لأفريقيا واستكمالًا لدور مصر الذي بدأته من عام 2015 عندما ترأست مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة ولجنة دول وحكومات أفريقيا لتغير المناخ.
– أطلق وزير الخارجية المصري وهو الرئيس المعين لـ»كوب 27» «سامح شكري» في 21/2/2022، مع المبعوث الرئاسي الأمريكي للمناخ «چون كيري»، مجموعة عمل المناخ المصرية الأمريكية، لتعزيز التعاون حول المناخ والإعداد لـ»كوب 27» في مصر.
– في إطار الإعداد الجاري لاستضافة مصر للدورة الـ 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المُناخ في نوفمبر 2022، تم تعيين المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي «محمود محيي الدين» لتولي مهام «رائد المناخ» للرئاسة المصرية للمؤتمر التغير المناخي، وذلك بهدف تعزيز تواصل الرئاسة المصرية للمؤتمر مع دوائر الأعمال والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية العاملة في المجالات ذات الصلة بمواجهة تغير المناخ، وستتضمن مهام الدكتور «محمود محيي الدين» التنسيق مع رائد المناخ البريطاني «نايجل توبينج» وسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ للتوعية بقضية تغير المناخ وأهمية مواجهتها في أوساط الجهات غير الحكومية من منظمات دولية ومؤسسات تمويل وشركات دولية وغيرها من الجهات الفاعلة في عمل المناخ الدولي، وحشد الدعم الدولي من تلك الجهات لصالح الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ وتنفيذ أهداف اتفاق باريس، وبما يضمن المساهمة في الجهود التي تقوم بها مصر بوصفها الرئيس القادم للمؤتمر في هذا الصدد.
وفي ضوء هذه الاستضافة يمكن توضيح أهمية هذا المؤتمر للدولة المصرية: يوجد عدة مكاسب لمصر من استضافة المؤتمر، فعلى المستوى الدولي سيكون هناك فرصة لإبرام شراكات وتوفير مصادر تمويل إضافية من المنظمات الدولية لتمويل مشروعات التصدى لتغير المناخ بمصر، وعلى المستوى المحلي يعد المؤتمر فرصة لاستعراض مصر للمشروعات التى يتم فيها استخدام الطاقة النظيفة مثل مشروعات النقل (المونوريل، القطار الكهربائي، الأتوبيس التبادلى الذى يعمل بالطاقة الكهربائية) وكذلك مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة مثل مشروع محطة بنبان بأسوان والتى تعد أكبر محطة توليد كهرباء للطاقة الشمسية فى العالم، كما ستتمكن مصر من الترويج للصناعة والمنتجات المصرية من خلال المعارض التى تقام على هامش المؤتمر، وعلى المستوى السياسى سيتم توظيف المؤتمر للدفع بأولويات القضايا المصرية، وفي مقدمتها الأمن المائي المصري وتأثير تغير المناخ عليه، كما سيساهم المؤتمر فى دعم الثقل الرئاسي والتواجد المصري في المحافل الدولية الرئيسية.
– شاركت مصر فى مؤتمر الأطراف الـ26 للتغيرات المناخية بجاسكو بوفد رفيع المستوى من الوزارات المعنية بالإضافة إلى فريق تفاوضي من وزارتي البيئة والخارجية حول تمويل المناخ للتأكيد على تمثيل احتياجات الدول النامية في مسار المفاوضات.
– انضمت مصر إلى مبادرة الحياد الكربوني التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية على هامش فعاليات قمة المناخ «كوب 26»، وتهدف المبادرة إلى التخلص من الانبعاثات في قطاع الطاقة.
– المشاركة فى المشاورات التمهيدية لمؤتمر ما قبل مؤتمر الأطراف الـ26 الذى عقدته وزارة التحول البيئى الإيطالية بميلانو، لتبادل وجهات النظر بين الأطراف المشاركة وتحديد الأولويات والإجراءات المشتركة التى يجب اتخاذها لمواجهة التحديات المناخية وتسهيل أعمال جلسة تمويل المناخ من خلال رئاسة وزيرة البيئة المصرية.
– شاركت مصر في 5/9/2020 دول العالم فى إطلاق المنصة الرقمية للتعافي الاخضر وتحديات تغير المناخ، وفي 20/9/2021 شارك الرئيس «عبدالفتاح السيسي» عبر الفيديو كونفرانس في اجتماع «رؤساء الدول والحكومات حول المناخ»، على هامش أعمال الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك في ضوء بدء مرحلة جديدة على صعيد عمل المناخ الدولي، لما أصبح يمثله تغير المناخ وتداعياته السلبية من تهديد يواجه البشرية، وأكد الرئيس «السيسي» خلال الاجتماع أهمية تحمل الدول المتقدمة لمسئولياتها في خفض الانبعاثات تنفيذًا لالتزاماتها الدولية في إطار اتفاق باريس والاتفاقية الإطارية لتغير المناخ.
– تقود القاهرة تحالف التكيف العالمي منذ عام ونصف، لرفع متطلبات الدول النامية في مواجهة ظاهرة التغير المناخي.
وفضلًا عن المشاركات في المسار التفاوضي، تتعاون مصر مع مؤسسات دولية من أجل التمويل، وذلك كالأتي:
– يأتي البنك الدولي على رأس قائمة مؤسسات التمويل الدولية التي تتعاون معها مصر في مجال مواجهة التغيرات المناخية، وبحث مسئولون بوزارتي التعاون الدولي والبيئة مع مُمثلين عن البنك الدولي، في 22/9/2021، سبل وآليات التعاون لتطوير سياسات مكافحة أزمة تغير المناخ، بهدف توفير الدعم المالي اللازم لمشروعات التنمية المستدامة، التي تمارس دورًا هامًا في مواجهة التهديدات المناخية التي تتعرض لها مصر، لاسيما أن وزارة التعاون الدولي تطرح مشروعات تقدر قيمتها بحوالي 365 مليون دولار في إطار تحقيق الهدف الـ13 من أهداف التنمية المستدامة، والمعني بمسألة التغير المناخي في مصر.
– عقدت وزيرة البيئة «ياسمين فؤاد» في مارس 2022، عدد من اللقاءات مع المدير التنفيذى لصندوق المناخ الاخضر، المؤسسة الرئيسية المنوط بها دعم ملف التغيرات المناخية والحقب التمويلية لأثاره، حيث تمت مناقشة إمكانية تقديم صندوق المناخ الدعم التكنولوجى اللازم لمصر للتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية، وتمويل صندوق المناخ للمشروعات الـ 6 التى قدمتها مصر، والتى تتضمن مجالات عدة كالطاقة، المخلفات، المياه، والزراعة والأمن الغذائى، والمشروعات التى سيدعمها صندوق المناخ تعبر عن احتياجات مصر التمويلية حتى عام 2050.
ب. الجهود التشريعية:
لا يوجد في مصر إطار قانوني قائم بذاته بشأن تغير المناخ أو التكيف مع المناخ، ولكن ينص الدستور المصري لعام 2014 على أحكام خاصة لحماية البيئة والحفاظ عليها في المادتين 45 و46، اللتين تنصان على فرض التزامات سياسية واجتماعية وحماية البيئة كركيزة من ركائز التنمية المستدامة، حيث أن الحفاظ على البيئة من شأنه مواجهة التغيرات المناخية.
وضع الإطار البيئي الحالي بشكل أساسي بموجب القانون 4 لعام 1994 بصيغته المعدلة في عام 2005 والقانون رقم 102 لعام 1983 (الخاص بالمحميات الطبيعية)، بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من القوانين والأدوات التنظيمية القائمة الأخرى التي تتضمن مختلف الجوانب البيئية، مثل القانون رقم 48 لعام 1982 وتعديلاته بشأن حماية نهر النيل وتعديلاته، والقانون رقم 12 لعام 1982 وتعديلاته بشأن الري والصرف وتعديلاته، والقانون رقم 93 لعام 1962 بشأن تصريف النفايات السائلة في شبكات الصرف الصحي، والقانون رقم 15 لعام 2017 بشأن التراخيص الصناعية.
وبالنظر على سبيل المثال إلى القانون رقم 15 لسنة 2017 بشأن تيسير اجراءات الترخيص للمنشآت الصناعية، والذى أعطى للمرة الأولى على الأطلاق للهيئة العامة للتنمية الصناعية التصريح بمنح المنشآت الصناعية رخصة موحدة تشمل الجوانب البيئية، سنجد أنه مهم بالنسبة إلى الحالة المناخية، حيث أن القطاع الصناعي يساهم في غازات الاحتباس الحراري، ومراعاة الجوانب البيئية من شأنها تقليل ذلك.
ويفوض القانون الهيئة العامة للتنمية الصناعية في استلام دراسات تقييم الأثر البيئي للمنشآت الصناعية ومراجعتها، وإجراء فحص الصناعات المرخصة لضمان الأمتثال لمتطلبات الترخيص، بما في ذلك الجوانب البيئية، وتنفيذ عمليات تفتيش دورية خلال فترة الترخيص، وينص القانون 15/2017 على إجراءات انفاذ تحقق مختلفة عن تلك المنصوص عليها في القانون 4/1994، إذ يصرح للهيئة العامة للتنمية الصناعية وحدها بممارستها، بمساعدة الجهات الأخرى المعنية بحسب الاقتضاء.
كما أن صدور القانون رقم 202 لسنة 2020 الخاص بتنظيم إدارة المخلفات، والذي يقيم إطارًا تشريعيًا ومؤسسيًا جديدًا لادارة المخلفات بإنواعها في مصر، يعد خطوة جيدة للمناخ، وينقل القانون اختصاصات شؤون البيئة المتعلقة بإدارة المخلفات إلى جهاز «تنظيم إدارة المخلفات» المنشأ بمقتضى هذا القانون، والذي يتبع الوزير المختص بشؤون البيئة باعتباره هيئة اقتصادية.
وطبقًا للدستور المصري يشمل الإطار التشريعي لحماية البيئة في مصر ايضًا عديدًا من الالتزامات الدولية الأخرى في نطاق عضوية مصر في عدد كبير من اتفاقيات البيئة الثنائية والإقليمية والدولية، والتي تطورت تطورًا كبيرًا منذ مؤتمر ريو عام 1992 وحتى مؤتمر باريس لتغير المناخ عام 2015، وقد أدى تطوير نظام الاتفاقات البيئية متعددة الأطراف دورًا رئيسيًا في إدراج عدد كبير من القضايا البيئية في القوانين ذات الصلة في مصر، وأدى ايضًا إلى اتساع نطاق مسؤوليات وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة تدريجيًا لتشمل العديد من القضايا التي كانت قد وضعت تاريخيًا تحت ولاية الوزارات التنفيذية الأخرى، ويشمل ذلك قضايا مثل نوعية المياه، والوعي العام، وعديد من القضايا المماثلة الأخرى، وقد أدى ذلك إلى تعاظم الحاجة إلى التنسيق لتجنب التداخل في مسؤوليات المؤسسات الحكومية، وعدم الاتساق في صياغة السياسات العامة.
ويتولى صياغة السياسة البيئية في مصر وتنفيذها عديد من المؤسسات الوطنية، ليس فقط وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة وإنما أيضًا وزارة الصناعة، وزارة الصحة والسكان، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وزارة الموارد المائية والري، وغيرها، وفي الوقت الحالي ينسق مجلس الوزراء من خلال وزارة البيئة عمليات صياغة السياسة البيئية وتنفيذها بين الوزارات المختلفة.
ج. جهود الأطراف غير الحكومية:
تلعب الأطراف غير الحكومية دورًا مهمًا في مواجهة آثار التغير المناخي، ويجب أن يزيد هذا الدور ويظهر بشكل أوضح لما له من أهمية كبيرة، ويمكن توضيح جهود هذه الأطراف فيما يلي:
1. القطاع الخاص: يشارك القطاع الخاص في مواجهة آثار تغير المناخ، وذلك من خلال المشاركة مع الوزارات المختلفة في بعض القطاعات، فمثلًا:
– في قطاع المخلفات: بعد إصدار تعريفة تحويل المخلفات والحمأة لطاقة لتنفيذ مشروعات في عدد من المحافظات، تم إنشاء مصانع تدوير المخلفات لسماد عضوي وإشراك القطاع الخاص فى إدارتها، والشراكة أيضًا في مجال جمع ونقل المخلفات، حيث تم الانتهاء من العقد الأول للشراكة مع القطاع الخاص فى جمع ونقل مخلفات القاهرة.
– في قطاع النقل المستدام: هناك تجارب شراكة مع القطاع الخاص فى النقل الجماعي، والبرنامج الرئاسي لتحويل المركبات للعمل بالغاز الطبيعي، وتسعى الحكومة لاستقطاب تكنولوجيا صناعة السيارات الكهربائية للتوسع فيها.
– في قطاع الطاقة: يعد قطاع الطاقة من القطاعات الواعد للشراكة مع القطاع الخاص فى مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
– في مجال الزراعة: تزايد فرص الشراكة مع القطاع الخاص في إنشاء محطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، والاستثمار في الأغذية الزراعية واستنباط المحاصيل.
2. القطاع المالي المصري: بدأ عمل برنامج «التحول نحو نظم مالية ملائمة مناخيًا» عام 2019 ويستمر حتى 2024 وهو تمويل مشترك بين الوكالة الفرنسية للتنمية وصندوق المناخ الأخضر، من خلال قرض يصل قيمته إلى 150 مليون يورو، يتم اقراضه إلى البنك الأهلي المصري وبنك قطر الوطني واللذان سيقومان بإعادة إقراض هذا القرض إلى المستفيدين النهائيين؛ لتمويل الاستثمارات التي تستوفي معايير الاستحقاق.
يهدف البرنامج إلى إشراك القطاع المالي المصري وعملائه في التحول منخفض الكربون من خلال تمويل مشروعات التكيف والتخفيف المرتبطة بالمناخ، من خلال التوجه نحو زيادة التمويل في المناخ في مصر، وتكثيف معدل التدفقات المالية نحو مشروعات أكثر تنوعًا في القطاع الخاص بما يعود بالنفع على التحول البيئي بشكل أفضل وتعزيز قدرة الشركاء المحليين في هذه القطاعات المتصلة بتغير المناخ.
3. الجامعات: تلعب الجامعات دور كبير في نشر الوعي، وقامت جامعة القاهرة بعقد ندوة كبرى بعنوان تغيرات «المناخ .. دور الجامعات ومؤسسات البحث العلمي في إنجاح قمة شرم الشيخ»، في مارس 2022، حدد رئيس جامعة القاهرة «محمد الخشت»، مهام متعددة الأبعاد لدور الجامعات المصرية ومراكزها العلمية لإنجاح قمة المناخ في مصر، أبرزها: إعداد الدراسات والبحوث ذات الصلة الفنية بأهداف المؤتمر بالتعاون بين الكليات والمعاهد المتخصصة في مجالات متعددة، خاصة في مجال الطاقة والهندسة والعلوم والصحة والتكنولوجيا الصناعية والأمن البيئي، بالإضافة إلى إعداد الدراسات والتقارير الرصدية والتحليلية لواقع آثار تغير المناخ التي تعاني منها القارة الإفريقية عامة ومصر خاصة، وإعداد صيغة لبروتوكول عن «الحوكمة البيئية ومتطلباتها» يمكن تقديمه كملحق مضاف للاتفاقية الإطارية لتغير المناخ.
اقترح «الخشت»، تنظيم حملة توعوية برعاية جامعة القاهرة لطلاب الجامعات المصرية تهدف إلى توعية المجتمع بقضية تغير المناخ وآثارها، وكيفية التعامل مع هذه الآثار على المستوى الفردي والمجتمعي، من خلال المحاضرات العامة، وإضافة قضية «تغير المناخ» كجزء من المقررات الجامعية في المراحل المختلفة، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل بين الجامعات المصرية يمكن أن تدعو إليها جامعة القاهرة لتقديم مقترحات ومبادرات تدعم جهود الدولة في مجال مواجهة آثار تغير المناخ، وتقديم مقترحات ببعض التشريعات إلى لجنة التشريعات بالبرلمان المصري ترتبط بمتطلبات تغير المناخ وآثارها المختلفة، يتم إعدادها من قِبل أساتذة القانون والسياسات العامة بالجامعات المصرية.
أطلق «الخشت» دعوة لعلماء الجامعة لتقديم مقترحات بحثية تطبيقية للحد من تحديات تغير المناخ، تمولها الجامعة بنحو مليون جنيه وذلك تشجيعًا لأعضاء هيئة التدريس على المساهمة في الحد من آثار تغير المناخ من خلال الأبحاث التطبيقية المبتكرة.
تنسق جامعة القاهرة مع وزارة البيئة في عدد من الملفات، حيث تم توقيع بروتوكول تعاون مشترك لاستحداث برامج جديدة في مجال العلوم البيئية بكلية العلوم في إطار تكامل خطة الجامعة التعليمية والبحثية مع رؤية مصر الاستراتيجية وأهداف التنمية المستدامة، كما يتم التنسيق حاليًا لعقد ورش عمل دورية للتعريف بالقضايا والتحديات البيئية المعاصرة والمستقبلية، وإطلاق حملة توعية مشتركة حول إدارة تلوث الهواء والتغييرات المناخية، وذلك إلى جانب التنسيق مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في تنظيم نموذج محاكاة لطلاب جامعة القاهرة على «مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ».
يُذكر أن جامعة القاهرة فازت من خلال مركز الحد من المخاطر والدراسات والبحوث البيئية، بتمويل قدره 35 ألف جنيه إسترليني من المجلس الثقافي البريطاني في المشروع البحثي المقدم للتخفيف من تغيرات المناخ، والذي تتعاون فيه جامعة القاهرة مع جامعة لانكستر من أجل استبدال الوقود الأحفوري بالوقود الحيوي كمبادرة للتحكم في حالات الطواريء المناخية، وهو مشروع بحثي يساهم في تقديم حلول بديلة لتقليل التأثيرات الضارة لتغيرات المناخ، ويقدم طرقا مبتكرة لإنتاج مصادر للطاقة النظيفة، ويخلق فرصًا جديدة في السوق المصرية لإنتاج الوقود الحيوي التجاري والذي يساهم بدوره في خلق الوظائف الجديدة ويعزز التنمية الريفية، ويولد ثروة في الاقتصاد الحيوي المصري المتنامي.
4. منظمات المجتمع المدني: تتعاون منظمات المجتمع المدني مع الحكومة لمواجهة آثار التغيرات المناخية، ويأتي التعاون أما بالمساهمة في نشر الوعي، أما بما تقوم به الجمعيات الإهلية في مجال الاستدامة البيئية، وذلك كالأتي:
– تشارك منظمات المجتمع المدني في التحضير لاستضافة مؤتمر المناخ «كوب 27»، وكانت وزير البيئة «ياسمين فؤاد» افتتحت في ديسمبر 2021، ورشة عمل المجتمع المدني لاتفاقية تغير المناخ، كأولى فعاليات مشاركة المجتمع المدنى في التحضير لاستضافة «كوب 27»، وطرحت الوزيرة مجموعة من الأفكار ليناقشها ممثلو المجتمع المدني للخروج بمقترحات وأفكار يتم طرحها في مؤتمر المناخ، ومنها سبل تنفيذ مشروعات وطنية أكثر للتكيف تساهم في تحسين حياة المواطن، مع ربط تغير المناخ بالتحديات البيئية الأخرى، ودورهم في ربط هذه الأفكار المطروحة بالمجتمعات المحلية باعتبارهم أكثر قربًا ودراية بمشكلاتهم وطرق حلها وما يواجهونه من تحديات وفرص، وربط ذلك بالعملية العالمية لمواجهة تغير المناخ.
– عرضت الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال البيئة الإسهامات التي قامت بها خلال الفترة الماضية، خلال لقاء عقد مع وزيرة التضامن الاجتماعي «نيفين القباح» ووزيرة البيئة، في فبراير 2022، وشملت الاسهامات توليد الطاقة الحيوية، والبيوجاز، والمباني الخضراء، والاقتصاد الأخضر، وترشيد استخدام المياه والطاقة، وتدوير المخلفات، والتوعية البيئية، وإنشاء منصة تضم الجمعيات الأهلية الشريكة في المجال، وغيرها من المجالات ذات الصلة، وشهد اللقاء الاتفاق على مجموعة من المحاور سيتم العمل عليها خلال الفترة المقبلة من أجل توحيد جهود الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال البيئة، منها:
تقسيم الجمعيات إلى أكثر من مستوي وجمع الجمعيات التى تعمل فى قضية معينة فى صورة تكتلات كى تكون أكثر تأثيرًا، بالإضافة إلى جمع التجارب التى قامت بها الجمعيات الأهلية حول مائدة واحدة وتوثيقها مع جمع تجارب إضافية لجمعيات أخري.
إعداد خطة مشتركة للتوعية بأهمية البيئة وتصنيفها جغرافيًا، بالإضافة إلى الاطلاع على تجارب المجتمع المدني خارج مصر للتعرف على نجاح تلك التجارب في هدا المجال.
الاتفاق على انعقاد مؤتمر موسع يضم جمعيات متنوعة في أداءها وتخصصها البيئي وممثلة عن كافة محافظات الجمهورية لمراجعة التجارب الموثقة وللاطلاع على الخطة المشتركة لمساهمة المجتمع المدني في مجال استقرار التغيرات المناخية واستدامة التنمية.
وبالنظر إلى ما سبق سنجد أن هناك جهود عديدة من مختلف الجهات من أجل مواجهة آثار التغيرات المناخية، ولكن يبقى الدور الأبرز والأوضح هو الدور الذي تقوم به السلطة التنفيذية نفسها، لذلك يوجد عدد من التوصيات التي يمكن تقديمها، وذلك على النحو التالي:
أ. إطار قانوني واضح: كما سبق التوضيح أن مصر لا تملك إطار قانوني قائم بذاته فيما يخص التغيرات المناخية، لذلك لأبد من وجود إطار قانوني.
ب. مساهمة الإعلام بشكل أكثر فعالية: ينبغى التأكيد على دور الإعلام فى التوعية بمخاطر تغير المناخ وتعميق الإحساس بهذه الأزمة العالمية، وخلق رأى عام عالمي، يستهدف التأثير على صناع القرار العالمي، وذلك من خلال تخصيص مساحات ثابتة فى وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، تستهدف رفع الوعى بالمشاكل البيئية والتوعية بدور الفرد فى النهوض بالبيئة وحمايتها والحفاظ عليها، كما يجب أن يزيد دور منظمات المجتمع المدني في هذا الشأن بشكل أكثر وضوحًا، حيث أن التوعية المكثفة والمشاركة المجتمعية الفعالة هما الأساس في إحداث التغيير الحقيقي في اتجاهات المواطنين وفي تبني سلوكيات إيجابية نحو الحفاظ على البيئة والعمل على استقرار الظروف المناخية.
ج. السرعة في وضع رؤية موحدة لمساهمة المجتمع المدني في موضوعات الاستدامة البيئية وتسويق الاقتصاد الأخضر بضفته مسار من مسارات الخروج من الفقر.
د. تعزيز دور مراكز الأبحاث: لابد من إعداد دراسات متخصصة توضح مخاطر التغيرات المناخية، كما يجب الاهتمام بالدراسات التي تتنبأ بما يمكن أن يحدث بناء على المؤشرات حتى تتمكن الدولة من أن أخذ الاحتياطات لتفادي الكوراث.
ه. جذب الاستثمارات: العمل على تطوير الأداء في مجال آلية التنمية النظيفة لاستقطاب الاستثمارات الدولية في هذا المجال.
و. تطبيق الزراعة الذكية مناخيًا: تعرف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» الزراعة الذكية مناخيًا بأنها نهج لإعداد الإجراءات اللازمة لتحويل النظم الزراعية إلى دعم الأمن الغذائي في ظل تغيرات المناخ، ساعية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، هي زيادة الإنتاجية بشكل مستدام، والتكيف مع تغير المناخ والصمود في وجهه، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تنتجها ممارسات الزراعة، ويرى البنك الدولي أن نهج الزراعة المراعية للمناخ هو نهج متكامل لإدارة الأراضي الطبيعية التي تتضمن الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك ذات الصلة بالأمن الغذائي وتغير المناخ، لذا استهدف 52% من تمويل البنك الدولي للزراعة الممارسات التي تسعى إلى التخفيف من آثار التغيرات المناخية والتكيف معها.
وتتحقق الزراعة الذكية مناخيًا، من خلال:
استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف، وهي الظروف التي ستكون سائدة في ظل التغيرات المناخية، واستنباط أصناف جديدة نموها قصير لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها.
تغيير مواعيد الزراعة بما يلائم الظروف الجوية الجديدة، وزراعة الأصناف المناسبة في المناطق المناخية المناسبة لها، لزيادة العائد المحصولي من وحدة المياه لكل محصول.
ز. التحسينات الوراثية للثروة الحيوانية: عمل تحسينات وراثية للثروة الحيوانية لاستنباط سلالات لها القدرة على تحمل التغيرات المناخية والتأقلم معها، وتوعية المزارعين بخطورة التغيرات المناخية وأثرها على إنتاج اللبن واستخدام وسائل للحد من أثر ثلك التغيرات مثل عمل مظلات واستخدام وسائل تهوية وعدم ترك الحيوانات عرضة للشمس مباشرة، وتعديل نظم الرعاية بالمزارع التجارية.
تطبيق برامج لانتخاب الحيوانات المحلية الأكثر تحملًا للتغيرات المناخية خاصة فى المناطق الصحراوية والحارة.
التوسع فى استخدام الاعلاف غير التقليدية ورفع قيمتها الغذائية ودعم الرقابة على الأمراض الوافدة ودعم برامج التحصين ضد الامراض المعدية، مع التركيز على حيوانات اللبن والمجترات الصغرى والدواجن والأسماك وتقليل الاعتماد على حيوانات اللحم الأعلى إنتاجا لغاز الميثان وتأكيد توسع الدولة فى زراعة محاصيل الأعلاف وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتى منها مع التنوع فى محاصيل العلف بما يحقق تراكيب تخفض ارتفاع اسعار الأعلاف ومنتجات الدواجن والتنبؤ المبكر للأمراض الوبائية الناتجة عن التغيرات المناخية ووضع سيناريوهات تنفيذية لزيادة الرعاية البيطرية للثروة الحيوانية.
وختامًا، أصبح واضحًا أن التغيرات المناخية تهدد البشرية، حيث تهدد الأمن المائي والغذائي وصحة الإنسان والحيوان وتهدد أماكن يقنط بها البشر بالغرق، ولا يوجد أي جزء في العالم بمنائ عن هذة الآثار، لذلك تبذل الدولة المصرية جهود عديدة على مختلف المستويات (المؤسسية والسياسية والبيئية والإقليمية والدولية)، كما تتعاون مع الجهات المختلفة (القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني)، فضلًا عن الجهود الخاصة لحماية القطاع الزراعي والمائي وحماية المناطق الساحلية، وعلى الدولة بجانب هذه الجهود العمل على جذب الاستثمارات الدولية من خلال العمل على تطوير الأداء في مجال آلية التنمية النظيفة، والعمل على رفع الوعي تجاه قضايا المناخ، فضلًا عن تطبيق الزراعة الذكية مناخيًا والتحسينات الوراثية للثروة الحيوانية.