تقديم؛
عادة ما يطلق على تفاعلات الوحدات الدولية بمختلف أوجهها بأنها المحور والجوهر الرئيس لتشكيل ما يمكن أن يطلق عليه النظام الدولي، فما يحكم هذا النظام هو تفاعلات أطرافه والعلاقات المتغيرة غير الثابتة فيه والتي تتغير وفقًا لما يطرأ على البيئة الدولية من ظرفيات مختلفة تتحدد من خلالها أولويات الدول في توجيه إمكاناتها وطاقتها، وهذا الأمر جَل ما ينطبق على الواقع الذي يعيشه النظام الدولي في تلك الحقبة الزمنية التي شهدت ظرفيات غير اعتيادية أثرت على موازين القوة، وأعادت الدور للدولة ومؤسساتها باعتبارها الفاعل الرئيسي في هذا النظام، والمتحكم الأول في ميزان القوة والأمن- بمختلف معانيه سواء العسكرية أو الاجتماعية أو السياسية وتحديدًا بالتسليط على المفهوم الاجتماعي بهدف حماية حياة الفرد والتأمين عليها – سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي، ويمكن الإشارة إلى الظرفية الجوهرية التي ساهمت على نحو عميق في ترسيخ تلك المبادئ والتي أدت إلى تلك التحورات من نظام دولي تحكمه الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية إلى آخر تتكاتف فيه الجهود من أجل الخروج من تلك الأزمة التي باتت تهدد أسمى هدف للبشرية وفي ديباجة ميثاق الأمم المتحدة وهو حياة الإنسان وتواجده، وهذا العارض يتمثل في جائحة كورونا أو إن جاز التعبير “COVID-19” كمصطلح علمي.
التساؤلات البحثية؛
لذا في هذا المقام سيتم الإسقاط على مفهوم النظام الدولي ومفهوم النظم الإقليمية عامة، ثم برصد كيف تأثرت تلك الأنظمة بتلك الجائحة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما هي مخاطر تلك الجائحة على توازنات القوة والعلاقات الدولية بين تلك الوحدات باعتبارها جوهر هذا النظام، ثم بالانطلاق إلى مقاربة عملية من خلال رصد نظريات العلاقات الدولية – سواء بالتطرق للواقعية أو الليبرالية أو حتى النظرية البنائية والتعرض لمقولاتها – وارتباطها بتلك الجائحة وهل تعاملت تلك الدول في مكافحتها لهذا الفيروس وفقًا لمقولات تلك النظريات بل والتطرق لحرب اللقاحات بين الدول المصنعة وفقًا لمنظورها، وما هي سبل المواجهة والمكافحة لتلك الجائحة وفقًا لفكر ومنطق تلك النظريات، لذا يتمثل التساؤل الرئيسي لتلك الدراسة في؛» إلى أي مدى أثرت جائحة كورونا على هيكل وتفاعلات النظام الدولي والأنظمة الإقليمية على حد سواء»؟، ويتفرع من هذا التساؤل عدة تساؤلات فرعية تتمثل في؛ما هو مفهوم النظام الدولي والأنظمة الإقليمية؟، وكيف تغيرت خريطة التفاعلات الدولية في هذا النظام الدولي في ظل تلك الجائحة؟، وهل تطرقت الدول في مكافحتها لتلك الجائحة إلى مفاهيم ومقولات نظريات العلاقات الدولة؟ وما هي سبل مواجهة جائحة كورونا وفقًا لمنطق ومقولات تلك النظريات؟
منهج الدراسة؛
سيتطرق الباحث في هذا الموضع إلى منهج تحليل النظم وذلك من أجل التطرق إلى تأثير تلك الجائحة على مدخلات النظام الدولي ومنه إلى المخرجات أي الآثار التي ترتبت على تلك الجائحة سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي، ثم رصد التغذية العكسية للنظام الدولي ومختلف عناصره، كما سيتم التطرق كذلك إلى منهج المصلحة الوطنية وذلك من أجل رصد مكافحة الدول لتلك الجائحة من منطلق المصلحة الوطنية لكل دولة على حدة وخاصة من خلال حرب اللقاحات بالإضافة إلى رصد آليات المكافحة وفقًا لنظريات العلاقات الدولية، ولا يخلو الأمر من التحليل والوصف لبعض الظواهر والإدلالات الإحصائية.
محاور الدراسة
المحور الأول؛ النظام الدولي والإقليمي في ظل جائحة كورونا «تغير خريطة التفاعلات الدولية».
المحور الثاني؛ مكافحة الدول لجائحة كورونا في ظل نظريات العلاقات الدولية « مقاربة عملية»
المحور الثالث؛ جائحة كورونا وتأثيرها على عناصر البيئة الدولية «وفقًا لإحصائيات ومؤشرات البنك الدولي 2021»