مصر وكولومبيا …خطوات نحو الاصلاح
في بلد سبق وأن شهدت عقودًا من الصراعات والحروب الأهلية، تعيش الآن كولومبيا وهي ثالث أكبر دولة فى أمريكا اللاتينية، حالة من الزخم السياسي بفوز الرئيس “غوستافو بيترو” فى انتخابات ديمقراطية هنئ فيها المرشح الآخر الرئيس على فوزه فى هذة الانتخابات التاريخية اعادت تشكيل ملامح الحكومة الكولومبية، لتكون المرة الأولى التى يأتي رئيس يساري على رأس هذه الدولة، وسط هذا الكم من التأييد والإصرار على الإنتقال السلمي والآمن للسلطة، مع دعم كبير للمسار اليساري الجديد فى المنطقة بشكل كامل.
الرئيس الجديد لدية تحالفات قوية مع معظم دول أمريكا اللاتينية وهو ما يخلق حالة من التناغم والتوافق قد تساهم بشكل كبير فى تغيير مستقبل المنطقة للأفضل وهو ما يطمح إليه الشعب اللاتينى الذي اعتاد على الثورة والنضال من أجل مبادئة وحرية مواطنيه. قد تخلق كولومبيا حالة من الإنسجام اللاتيني بدون خسائر أمريكية نظرًا للعلاقة بين كولومبيا والولايات المتحدة التى كانت تتميز بالترابط والتوافق على مدار السنوات الماضية.
من هو غوستافو بيترو ومن هي ماركيز؟ وما أبرز المحطات فى حياته السياسية؟
وصف بيترو صاحب 62 عامًا والمولود فى 19 أبريل 1960، بالعنيد وهو ما أكدتة قدرته على الوصول ليكون رئيسًا لكولومبيا، إذا تعد هذه الحملة هي ثالث جولة يخوضها بترو للرئاسة حيث أحتل المركز الرابع في عام 2010 ، وخسر في جولة الإعادة على يد إيفان دوكي في عام 2018 ورغم هذا عاد مرة أخري ليحقق هدفة ويفوز برئاسة دولة كولمبيا فى فترة شديدة الصعوبة وفى دولة تختلف عن غيرها فى كثير من الأشياء ومعروف إنتمائها للولايات المتحدة بشكل واضح فى مقابل أيدولوجيته اليسارية.
ولد غوستافو فى أحدى البلدات الكاريبية الصغيرة وهى “سيناجا دي أورو” وبعدها أنتقل والديه إلى بوغوتا، وبعد أن أنضم في سن ال 17 إلى مجموعة M-19 أصبحت هذه المشاركة تشكل جزء كبير من حياته السياسية.
وتخرج بترو في الاقتصاد في جامعة إكسترنادو في بوغوتا وتحولت جماعة حرب العصابات إلى حزب سياسي في عام 1990، لتصبح تحالف إم -19 الديمقراطي الذي كان كان بيترو أحد المؤسسين.
سجن بيترو عام 1985 من قبل الجيش وهو ما عرضة للتعذيب وفى هذه اللحظة أدرك أن مسيرته فى التمرد قد تؤدي بوفاته، بعد أن قضى 18 شهرًا في السجن، ولكن بعد خروجة من السجن وبعودته للحياة المدنية ظهر نضج بيترو وعقلانيته، قام حزبه بدور نشط في وضع الدستور الجديد لكولومبيا في عام 1990.
وفي عام 1991 ، تم انتخاب بيترو نائبًا لمدة 4 سنوات لكن بعد تلقيه تهديدات بالقتل ونفيه لمدة عامين في بلجيكا كموظف في السفارة الكولومبية، أصبح ناشطًا بيئيًا في عام 1998، وهو ما يفسر اهتمامة الحالى بوقف التنقيب عن النفط وضرورة التحول للطاقة البديلة، ثم عاد مرة آخرى للكونجرس ليصبح من أكثر المشرعين معارضه، وحقق شهرة سياسية أكبر عندما كان سيناتورًا بين عامي 2006 و 2010 .
أما عن نائبته لقد ولدت ماركيز فى كاوكا لاسرة متواضعة وقضيتها هى المهمشين ولديها بالطبع اجندة نسوية وتتحدث باسم كل المواطنين من أصول افريقية ومن هم مستبعدين ومهمشين. (40 عامًا) هي محامية وقائدة بيئية أدت معارضتها للتعدين غير القانوني إلى تهديدات وهجوم بقنبلة يدوية في عام 2019
الانتخابات الرئاسية 19 يونية 2022
جرت الانتخابات الرئاسية في كولومبيا في هدوء تام، بالإضافة إلى ذلك سرعتهم فى العد المسبق لجميع الطاولات الانتخابية المثبتة في الدولة فى حوالى 50 دقيقة فقط، وحصل بيترو خلال الانتخابات على 50.50% من الأصوات فى حين حصل منافسة على 47.3% من الأصوات وستكون فرانسيا ماركيز نائبة الرئيس وهى أول أميركية من أصل أفريقي تشغل ثاني أهم منصب في البلاد.
المرشح الرئاسي السابق رودولفو هيرنانديز سيتولى مقعده كعضو في الكونغرس في المجلس التشريعي المقبل، وهو المنصب الذي يحق لمن يحتل المرتبة الثانية في المنافسة الانتخابية.
وإرتفعت الأصوات المؤيدة لغوستافو بيترو مقارنه بعام 2018 يبدو ان وجود النائبة ماركيز كان سبب من أسباب جذب الأصوات ذات الأصول الافريقية ليس فقط لإندراجها من أصل إفريقيى وإنما لديها شخصية مميزة ونشطة ساعدت فى هذا الانجذاب.
وعود غوستافو بيترو وإمكانية التحقيق ( البيئة – المرأة –الاقتصاد- التعليم –الصحة )
تأتي البيئة على رأس أولوياته طول حملتة الانتخابية وحتى بعد توليه المنصب فيخطط لعمل إصلاحات هيكلية تتعلق بالتغير المناخي الذي أصبح واقع لابد التعامل معه، إلى جانب وقف التنقيب عن النفط، والتحول لاقتصاد منتج لا يؤثر على الطبيعة ويدعم الطاقة البديلة والنظيفة خاصة وأن الدولة لديها إمكانيات هائلة لتحقيق هذا التحول.
وفى إطار تصحيح مسار الإصلاح الضريبي يسعى بيترو لإنهاء الاعفاءات الغير ضروروية ويعمل على لتلبية احتياجات المجتمع لزيادة الإيرادات بنسبة 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، نصف للإنفاق الجديد والنصف الآخر لخفض العجز، وسيجمع بالفعل 20 مليار بيزو، وسيدفع أكبر الثروات في كولومبيا على أن تدفع بمزيد من الوظائف، لمحاربة البطالة التى تشكل 12% ، وبلغت نسبة التضخم السنوية 1.8 حتى العام الماضي.
يبلغ برنامج الإصلاح الضريبي الذي يقترحه 50 مليار ويرغب فى أن يكون نصف هذا المبلغ مخصص لخفض العجز المالي، كما أنه اقترح زيادة التحصيل دون زيادة الضرائب على الشركات لكن مع تقليل إعفاءاتها، والتي تنطوي على التفكيك التدريجي للمزايا الضريبية غير المبررة والتي تؤدي إلى تشويه المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين، مع الإعتراف بالاقتصاد غير الرسمي ويقترح دورًا قياديًا للدولة في خلق فرص عمل لمن لا يجدونها، مع إمكانية دعم السياحة لتنفتح الدولة بشكل أكبر بين الدول وليعود على اقتصادها بالنفع.
وفيما يتعلق بالتعليم يرغب بترو فى القضاء على الأمية ويقترح إلى أن يكون هناك مجانية للتعليم العالي، وفيما يتعلق بالاطفال يسعى إلى أن يكون هناك عناية بنشاط الأطفال خارج المدرسة سواء فيما يتعلق بالتنقل أو بالطعام خاصة فى مرحلة المراهقة.
أما عن المخدرات يخطط بترو إلى أن يتم إستبدال زراعة محاصيل الكوكا بمحاصيل آخرى تساعد اقتصاديًا وتشجع سكان الريف على التخلي عن هذه الزراعات بدل من منعهم دون الحصول على نتيجة .
وفيما يتعلق بالمعاشات والمرأة يظهر بيترو رغبتة فى أن يتم توحيد نظام التقاعد الخاص والعام وهو ما سيساهم فى النظام العام بشكل كبير، ليس فقط المعاشات للعاملين لكنه يدرس أيضًا أن يمنح كبار السن الذين ليس لديهم معاش فى الحصول على معاش بالإضافة إلى الأمهات المعيلات يُعد حد أدنى للدخل لها لتستطيع أن تعتنى بأطفالها فى ظل تخلي الرجال عن مسؤلياتهم تجاه أطفالهم والذي تحدث بيترو عن ضرورة محاكمتهم، ويبدي غوستافو رغبتة أيضًا فى إنشاء وزارة المساوة التى تحدد سياسات تمكين المرأة للقضاء على التفاوتات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين الرجل والمرأة.
لكن وعوده بالإدماج والتصدي للفقر كان لها تأثير كبير فى بلد تعانى من عدم المساواة والعنف والعنصرية تجاه السكان الاصليين والمنحدريين من اصل افريقي ولكن بإجتماع بيترو وماركيز هناك امل ان يتم الدمج والاختلاط دون التفرقة والعنصرية .
الرئيس الكولمبي غوستافو بيترو يري أن هناك ضرورة لانتشار فرق صحية من الدولة تزور السكان فى منازلهم للوقاية من أنتشار الأمراض ومساعدتهم فيما يتعلق بالصحة ومواجهة الأمراض.
ردود الافعال بعد نتائج الانتخابات
استقال سفير كولومبيا فى الولايات المتحدة عقب إعلان فوز بيترو وهنئ غوستافو بيترو عدد من الروساء من بينهم: بيدرو كاستيلو (بيرو) ، غابرييل بوريك (تشيلي) ، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور (المكسيك) ، نيكولاس مادورو (فنزويلا) ، وشيومارا كاسترو (هندوراس)، إلى جانب زعيم حزب العمال البريطانى جيريمي كوريين الذي رأى فى فوز بيترو قوة تنظيمية وبرنامج شعبي يحقق العدالة وينهى الانقسامات.
أما وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن وهو وأول مسؤل فى إدرارة بايدن يرسل رسالة إلى بيترو يهنئ فيها الشعب الكولومبى وعبر عن رغبتهم فى استمرار العلاقات القوية بينهم وبين الرئيس المنتخب، وقال “أهنئ الشعب الكولومبي على ممارسة حقه في التصويت والتأكيد مجددًا على قوة ديمقراطيته نتطلع إلى استمرار علاقتنا القوية مع الرئيس المنتخب غوستافو بيترو وبناء نصف الكرة الأرضية أكثر ديمقراطية وإنصافًا”، إذا هناك دعم وتوافق كبير لمسار التحول الديمقراطي فى كولومبيا حتى وأن كان الحدث تاريخيًا وغير مسبوق.
تحديات عدة تواجه بيترو
يرغب الرئيس بيترو فى أن يوصل شتات أمريكا اللاتينية وأن يكون هناك حوارًا للامريكيتين دون استبعاد أى من الدول، مشيرًا إلى ضرورة التحدث مع الولايات المتحدة التى تصدر غازاتها الدفيئة وتمتصها غابات الامازون لذلك يري أن لديهم الحق للتحدث عن ما يؤثر على بلادهم، لان من أولويات بيترو إنقاذ غابات الأمازون والتعامل بشكل جدي مع القضايا البييئة والتغيرات المناخية، ولكنه يدرك جيدًا أن فترة ولايتة لن تكون كافية للتخلص من الإنبعاثات ولكنها تسطر البداية فى خطة جديدة تحترم المناخ والبيئة.
لم تكن الفترة القادمة سهلة بالنسبة للحكومة الجديدة فالتغيرات لابد وان تؤثر على الأسواق وعلى المواطنين بشكل عام، وانقسام الداخل الكولمبي أيضًا يصعب المهمة فهناك نسبة تقل عن النصف قالت لا للرئيس المنتخب بنسبة حوالى 10 ملايين ونصف. لذا لابد أن يكون هناك خطة واضحة من الحكومة لاستقطاب هذه الفئات وتلبية إحتياجاتها وإثبات رغبتها فى الإصلاح والنهوض بشكل جاد حتى يدعمها كل فئات المجتمع الكولمبيى، أيضًا هناك حزمة من القوانين وبعض التعديلات الدستورية التى بالطبع ستتجه إليها الحكومة الجديدة وهو ما يجعل هناك ترقب فى ردود الفعل.
وتواجه هذه الحكومة حزمة من المشكلات من بينها الاقصاء والجوع الذي يعيشة بعض الفئات إلى جانب إرتفاع نسبة التضخم وبالتالى كل من دعم الرئيس بيترو ينتظر منه تغيرًا ملحوظًا ودعمًا واضحًا وواقع ملموس بالتحسن .
تحتاج كولومبيا لتظهر بفكر جديدًا بعيدًا عن الكتله البوليفارية وبعيدًا عن اليمين المتطرف لكي تخلق حالة من التوازن التى يسعى إليها اليسار التقدمى وهو نهج الرئيس الجديد ولكن إلى أى مدى سيستطيع الرئيس الجديد أن يخلق هذه الحالة من التوازن هو السؤال الأهم .
وبالنظر للواقع لن تسطيع الدول الداعمة للتشافزمو وما بعد كاسترو أن تظل على نهجها القديم بشكل كامل فدائمًا ما تحاول أن تخلق حالة من التوازن فلقد أختلف الزمان والمعطيات وبالتالي علينا أن نتطور معه بما يتناسب مع المعطيات الحالية حتى لا تنعزل الحكومات اليسارية بشكل جديد.
لذلك ستحاول كولومبيا أن توازن وتقارب برنامجها لتوطيد العلاقات مع الجميع بما فيهم الولايات المتحدة والصين الى جانب القطب البوليفاري أيضًا فى محاولة لإبعاد التوترات عن المشهدـ لان التوقيت يجبرها على الحفاظ على ما وصلت له من نتائج بصعود اليسار للحكم وعلية ستشترك كولومبيا وتتشابك فى قضايا حقوق الانسان والهجرة والتغير المناخي بكشل أكثر إتساعًا.
الولايات المتحدة وحليفتها فى أمريكا اللاتينية
لابد وأن يحرك الحجر المياه الراكدة هكذا ستتحرك العلاقة بين الولايات المتحدة وكولومبيا فى ظل ما يحدث من مستجدات، سيتم إعادة التفاوض فيما يتعلق بإتفاقية التجارة الحرة ومكافحة تهريب المخدرات، وتوضح المؤشرات أن 39% من سكان كولومبيا عام 2021 عاشوا بأقل من 89 دولار فى الشهر وهو رقم ضعيف، بالرغم من أن الولايات المتحدة ضخت المليارات فى كولومبيا خلال العقدين الماضيين لوقف إنتاج وتصدير الكوكايين ولكن هذه المليارات لم تؤثر فى وضع الدولة.
فنزويلا وكولومبيا فرصة للتقارب
فنزويلا الجارة الأقرب إلى كولومبيا التى تشتبك معها فى 2200 كيلو متر من الحدود، وخلال العقود الماضية دارت اشتباكات وصراعات بين الطرفين وقطعت علاقتهما وساءت الأوضاع بينهم ودعم ذلك العداء الامريكي لفنزويلا وهو ما خلق حالة من التنافر والحدة فى التعامل، لكن بفوز الرئيس غوستافو كرئيسا لكولومبيا قد يحرص الطرفين على إعادة علاقتهما مرة اخرى لتبادل المصالح ولتحقيق التلاحم والتناغم الذي فقدته الحكومة اليمينية السابقة فى كولومبيا.
على مدار السنوات الماضية كانت كولومبيا الضاغط الأكبر على الحكومة الفنزويلية وساعدت فى عزلها اقتصاديًا لكن هذه الضغوط لم تؤثر على نظام الرئيس الفنزويلي مادورو لكن الآن سيتغير الأمر وسيتعين على كولومبيا إقامة علاقات دبلوماسية مع فنزويلا لمعالجة العنف على الحدود المشتركة بين البلدين والسماح للشركات الكولومبية بإستئناف التجارة عبر الحدود.
مصر وكولومبيا .. خطوات نحو الاصلاح
يربط مصر وكولومبيا علاقات تاريخية على مدار السنوات الماضية بما يتجاوز الستة عقود منذ عام 1957، وهناك تعاون فى كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية وفيما يتعلق بالاثار والسياحة بشكل أكثر إتساعًا، ونظرًا إلى إتجاه مصر لنموذج الاصلاح الاقتصادي وإدماج الاقتصاد الغير رسمي وهو ما يتشابه مع خطة الرئيس الكولومبيى غوستافو بيترو، يجعلنا أمام أرضيه مشتركة لتعاون أكثر شمولا إذ تستطيع كولومبيا أن تتبادل الخبرات مع الدولة المصرية وتستفيد من خبراتها فى هذا الإطار بما يدعم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين إذ يسعى الطرفين لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى دخل الفرد والارتقاء بمواطنيها.
بالإضافة إلى ضرورة إستضافة مصر لرئيس كولومبيا الجديد للترحيب به وللتشاور حول أهم النقاط المشتركة التى تدعم أجندته فى قضايا البيئة والمناخ وتتشابك مع أجندة مصر فى الإطار ذاته باستضافتها مؤتمر المناخ COP 27 الذي تعد له مصر بشكل مميز وهو ما يتيح لنا تحركات اكثر انفتاحا على منطقة أمريكا اللاتينية، حيث تدعم مصر خطط الحفاظ على البيئة من التغير المناخي بشكل كبير وهي من أحد القضايا المهمة على أجندتها اليوم .
كما تسعى مصر لخفض نسب البطالة ودعم التعليم والصحة عن طريق ارسال قوافل طبية تجوب المناطق المختلفة لدعم صحة المواطن المصري وهو ما حققتة مصر فى محاربتها لبعض الامراض والفيروسات سواء فيروس الكبد سي أو غيره من الحملات الصحية التي دائمًا ما تسعى للوصول الى المواطن، وهو ما ذكره الرئيس الكولومبي أيضًا فى برنامجة الانتخابي نظرًا إلى أن معظم الدول اللاتينية التي تتميز بتنوع مناخها تعاني من أنتشار الكثير من الامراض والفيروسات التى تحتاج إلى خطة صحية شاملة تحمي من تفضي هذه الامراض، لذا هناك فرصة كبيرة لدى كولومبيا لكي تستفيد بالخبرات المصرية فى هذا الإطار.
ومن منطلق الاهتمام بالمرأة دائمًا ما تسعى الدولة المصرية للحفاظ على المرأة وحقوقها الصحية والاجتماعية والاقتصادية وهي أيضًا أحد القضايا التى أتت على رأس أولويات وبرانامج الرئيس الكولومبي، ودعم ذلك بأختيارة سيدة من أصل أفريقي لتكون نائبته الاولى ليؤكد على أهمية دور المرأة فى المجتمع وضرورة دعمها بكافة الصور.
خلاصة القول
تعيش كولومبيا حالة من الزخم السياسي، وستحاول الحكومة الجديدة التوافق مع كافة الأطراف المعارضة لتحقيق التوازن المجتمعي بشكل داعم للتناغم والاختلاط، عن طريق السياسة اليسارية التقدمية وهي محاولة لتطبيق المبدأ اليساري لكن بشكل أكثر تطورًا بما يتماشى مع ظروف الدولة الحالية، لانه من الصعوبه أن تحول دولة مثل كولومبيا إلى دولة يسارية بشكل كامل وهى تواجه حدث للمرة الاولى تاريخيًا، وهو ما يدفع الحكومة الجديدة لتوخي الحذر فى تنفيذ سياستها المتوازنة حتى لا تتعرض لانتكاسة قد يصعب بعدها إعطاء اليسار فرصة اخرى للتواجد فى السلطة، فى نهاية الأمر يسعى الشعب الكولومبي لوضع أكثر إنضباطًا بعيدا عن الفساد والتمييز.
يبدو أن الاستراتيجية الجديدة للمكسيك قد تدعم بشكل كبير هذا التحول فكلاهما دولتان لم يسبق وأن حكمهم رئيس يساري وهنا تأتي فرصة الدولتين للسيطرة فى قيادة المنطقة اللاتينية، أما فى حالة إذا فاز لولا دي سيلفيا فى البرازيل خلال الانتخابات الرئاسية القادمة فى أكتوبر قد يتغير الأمر وتذهب السيطرة للبرازيل بحكم حجمها وثقلها فى المنطقة .
ولكن تحتاج المنطقة اللاتينية أن تتحد فى كتلة يسارية تقدمية تعمل على أهم القضايا على الساحة وهو ما قد يحدث فى حالة فوز لولا فى البرازيل وهو ما يدعمة التاريخ البرازيلى فى قدرته على قيادة المنطقة والنهوض بها .
و ستتخذ كولومبيا كافة الخطوات التى تدعم علاقتها بالولايات المتحدة دون الاخلال بمبادئها وبداعميها من الحكومات اليسارية فى المنطقة، وهذا للتحرك لا ينفي إمكانية تواجد الصين بشكل بارز فى كولومبيا لكي تسد الفراغ الأمريكي الذي سيخلفة هذا التوجه اليساري الجديد خاصة وأن كولومبيا لم تستفيد من التقارب الأمريكي بشكل كبير فمازال هناك مشاكل اقتصادية واجتماعية ضخمة. إذا سيكون هناك استثمارات صينية كبيرة فى كولومبيا الفترة القادمة .
ومن منطلق تعزيز العلاقات بين الدولة المصرية والكولومبية، ونظرًا لتشابك وتشابة الأولويات بين الدولتين، لابد من أن يكون هناك زيارات متبادلة على المستوى الرئاسي والدبلوماسي لبحث سبل التعاون والارتقاء بمستوى العلاقات، إذا تستطيع الآن مصر بأن تدعم دولة كولومبيا وأن تتبادل الخبرات معها فى عدد من المجالات من بينها التغير المناخي والمرأة والاقتصاد كاحد أولويات الدولتين، كما سبق الإشارة تفصيلا فى المحور السابق بعنوان” مصر وكولومبيا .. خطوات نحو الاصلاح”، إلى جانب ضرورة التعاون فى مجال التجارة وفتح خطوط تجارية مباشرة مع دول أمريكا اللاتينية بشكل عام وكولومبيا بشكل خاص لمزيد من التبادل التجاري فى ظرف يحتاج فيه العالم للتكامل ليتجاوز أزماته الاقتصادية والغذائية.