بقلم / محسن الزيني
باحث متخصص في السياسات العامة
الشباب هم بلا شك القوة الحيوية الفاعلة للمجتمع، وهم بالفعل مستقبل وطننا في كافة المجالات سواء سياسةً أو اقتصاداً، ثقافةً أو تعليماً. أما وقد مرت سنون عدة ما بين اضطرابات سياسية، وأزمات اقتصادية سبقها عقدين من الزمن عانت فيها بلادنا من ويلات التطرف والإرهاب. فقد آن الأوان لأن يتقدم الشباب الصفوف وأن يحملوا الراية.
يتمتع الشباب دون غيرهم من فئات المجتمع بكثير من الامتيازات، من الطموح وتقبل التغيير والانفتاح على العالم وحيوية الفكر والحركة بحكم كونهم أبناء الثورة الرقمية، تجعلهم تلك الامتيازات الأقدر والأحق بقيادة الوطن إلى المستقبل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ونحن نقترب من انطلاق فعاليات الحوار الوطني، نحاول استشراف البعض من أفكارهم ومن طموحاتهم ومقترحاتهم التي ستكون حاضرة بقوة وسط المناقشات والحوارات التي ستدور بفعاليات جلسات الحوار الوطني.
دعم المشاركة السياسية
غني عن التأكيد أن وضع وتنفيذ سياسات وخطط إصلاح تهدف إلى دعم وتشجيع الكوادر الشبابية على ممارسة السياسة والانخراط في الأحزاب والعمل السياسي يعتبر تحقيقا واقعيا وخريطة طريق للوصول لهدف مهم ورئيسي تسعى الجمهورية الجديدة لتحقيقه وهو “تمكين الشباب”، والذي يحتاج ليس فقط تأهيل هؤلاء الشباب وإعدادهم الإعداد اللازم، وإنما يحتاج أيضا إلى بنية أساسية وظروف مواتية، سياسية واقتصادية واجتماعية ومعرفية.
كما أن الخطوات الإيجابية التي قامت بها الدولة المصرية خلال السنوات الماضية خير برهان على الاهتمام بدعم الشباب وتحفيزهم على المشاركة في الحياة السياسية، على سبيل المثال، ساندت الدولة ممثلة في وزارة التعليم العالي نماذج المحاكاة المختلفة التي تقوم بتنفيذها بعض الجامعات الحكومية أو الخاصة والتي تعتبر أنسب وسيلة للتدريب والتعلم وصقل المهارات واكتساب الخبرات السياسية.
وساندت الدولة المصرية أيضاًالشباب من خلال المشاركة بفعاليات المؤتمرات الوطنية للشباب ومنتديات شباب العالم. كماأتاحت الفرصة والدعم لنجاح التجربة الأبرز والأحدث في الحياة السياسية المصرية؛ وهي تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، التىتضم 25 حزباً سياسياً بالإضافة إلىعدد من شباب السياسيينالمستقلين من مختلف التوجهات والأيدولوجيات السياسية لتصبح بذلك من أبرز الكيانات الشبابية على الساحة السياسية في مصر. لتكون النتيجة أن يحصل الشباب على نسبة 32 % من مقاعد البرلمان في عامي 2015، 2020 وكذلك تمت الاستعانة بالعديد من الكوادر الشبابية المدربة في مناصب قيادية كمعاونين للمحافظين والوزراء ومناصب قيادية مهمة بالأجهزة الإدارية والجهات الحكومية المختلفة.
طموحات الشباب
لأنهم شباب ولأن طموحاتهم وتطلعاتهم ليس لها حدود، فهم الآن بعد الدعوة الرئاسية لإجراء حوار وطني شامل يتسع للجميع يتطلعون إلى المزيد من الخطوات التي تدعم مسيرتهم وتحقق مبتغاهم.
يحتاج الشباب المصري الآن لإعطاء مجال أوسع للتعبير عن الرأي والرأي الآخر، والذي بدوره لا يخرج عن حدود النقد البناء. وأن يناقش الحوار الوطني وسيلة لضمان حياة حزبية جادة على مختلف المستويات.
وأن نضع أولوية – ونحن في عام المجتمع المدني- لمناقشةآليةتفعيل وتعظيم دور مؤسسات المجتمع المدني من نقابات مهنية وعمالية وجمعيات أهلية ومراكز بحثية بصورة أكبر في القضايا الهامة والمصيرية التي تمس المجتمع المصري، وتشجيع الشباب على الانضمام لهذه المؤسسات وأن تدعم الدولة التوجه الجاد لأن تتحول هذه المؤسسات إلى (مراكز فكرThink tanks) تقدم يد المشورة والمساعدة والأفكار والمبادرات للدولة وللمجتمع.
يستطيع الشباب بما يمتلك من قدرات كبيرة على التفاعل والحركة والتواصل مع بعضهم البعض أن يقوموا بدور هائل في معركة ترسيخ الوعي في المجتمع، لذلك يجب تنظيم حلقات نقاش وتوعية دورية مع الشباب بكل الأحزاب والنقابات والجامعات والنوادي ومراكز الشباب بشكل يضمن وصول المعلومات الصحيحة لهم وبصفة خاصة ما يخص مشروعات البنية التحتية القومية التي تنفذها الدولة، ومواجهة الفكر المتطرف والإرهاب لحمايتهم من أي محاولات استقطاب من قوى خارجية أو داخلية.
كما يطمح الشباب المصري من الحوار الوطني أن يضع خطة طويلة المدى للاستثمار في القوة الناعمة المصرية بمختلف مقدراتها من فنون وإعلام، وأدب وثقافة، ورياضة وتاريخ ممتد منذ آلاف السنين.
فما يحققه ،على سبيل المثال، الفن المصري والدراما المصرية الوطنية الهادفة في نفوس الشباب من تأثير كبير هو بحق أفضل استثمار يعود بالفائدة على الأجيال القادمة. ولا يقتصر هذا التأثير على الشباب في الداخل فقط، بل إنه يضع الدولة المصرية في مصاف الدول الكبرى التي سبقتنا في استثمار قوتها الناعمة. وليس بعيداً عن الذاكرة ما حققه (موكب المومياوات الملكية) و(افتتاح طريق الكباش) من رواج سياحي وانبهار عالمي بالمزج بين الفن المصري الحديث والتاريخ المصري القديم.
مما سبق يمكن لنا أن .. نطلب من إدارة الحوار الوطني أن تتبنى فكرة انشاء منصة الكترونية خاصة لاستقبال أفكار ومقترحات الشباب، ومن خلالها يمكن لكل شاب/شابة أن يكون طرفاً في الحوار وأن يكون متواجداً في كل الجلسات والمناقشات. فالشباب لديهم دائما أفكاراً مبتكرة وحلولاً بديلة لقضايا وأزمات عديدة تواجه مجتمعنا، والحوار الوطني هو أفضل فرصة للإنصات إليهم.