تقديم:
أسس لهذا العمل وقام بوضع الإطار البحثي له الاستاذ الدكتور / جهاد عودة بصفته رئيسا لوحدة دراسات العلاقات الدولية والجيوبوليتك بمركز جسور للدراسات الاستراتيجية. وفي مراحل الإعداد النهائية لنشر هذه الدراسة إنتقل الي جوار ربه تاركا لنا إرثا فكريا وإطارا مهنيا نقتدي به في أعمالنا البحثية ومنارة لنا لتعزيز مستقبلنا كأحد مراكز التفكير المعنية بالدراسات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
مقدمة:
تستعد إسرائيل خلال الشهور القليلة المقبلة لإجراء انتخاباتها الخامسة في أقل من أربع سنوات، وذلك بعد الموافقة على مشروع قانون لحل البرلمان «الكنيست» إثر انهيار الائتلاف الحكومي برئاسة رئيسي حزبي «يمينا» و«هناك مستقبل»، «نفتالي بينيت» و «يائير لابيد»، الذي لم يدم طويلاًبعد الإطاحة قبل عام مضى برئيس الوزراء الأسبق «بنيامين نتانياهو» من منصبه من خلال تشكيل تحالف نادر جمع الأحزاب اليمينية واليسارية والعربية التي تغلبت على اختلافات إيديولوجية كبيرة لإزاحته، لكن التحالف تعثّر وسط اقتتال داخلي وانشقاقات شلت قدرته على إقرار التشريعات. وحاليًا، يتولى «يائير لابيد»، وزير الخارجية الإسرائيلي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال من «نفتالي بينيت»، رئيس الوزراء السابق، بموجب اتفاق قائم لتقاسم السلطة، ومن المتوقع إجراء الانتخابات في بداية نوفمبر المقبل.
ومع اقتراب انتخابات الكنيست في نوفمبر، تسعى الورقة البحثية التالية إلى بحث وتحليل النظام الانتخابي الإسرائيلي من حيث النقاط التالية:
أولاً: النظام الانتخابي الإسرائيلي:
من الناحية القانونية، يتم تعريف إسرائيل على أنها “ديمقراطية برلمانية”، تستند إلى وجود برلمان ينكون من غرفة برلمانية واحدة تضم 120 عضوًا، وهو “الكنيست”. ويُنتخب الكنيست لمدة أربع سنوات عن طريق نظام قوائم مغلقة للتمثيل النسبي، ويعمل البلد بأكمله كدائرة انتخابية واحدة.
وبسبب عدم وجود غرفة برلمانية ثانية، يتمتع النظام السياسي الإسرائيلي بمستوى عالٍ من المركزية، مما يؤكد أهمية الكنيست. وبما أن إسرائيل ليس لديها دستور منظم، فقد أقر الكنيست العديد من “القوانين الأساسية”، التي تعمل بمثابة دستور في طور التكوين. وفي هذا السياق، يرى بعض علماء السياسة مثل “أريند ليجفارت” أن عناصر التوافق: التمثيل النسبي، والنظام متعدد الأحزاب، والائتلافات الكبيرة، تلائم إلى حد كبير مجتمع إسرائيل متعدد الانقسامات، لذلك ظل النظام الانتخابي الإسرائيلي دون تغيير إلى حد كبير منذ تأسيسه قبل 72 عامًا.
هذا، وهناك ثلاثة خصائص يتميز بها النظام الانتخابي الإسرائيلي، كما يلي (1) نظام التمثيل النسبي. (2) استخدام نظام الدائرة الواحدة على مستوى البلاد لتخصيص مقاعد الكنيست. (3) نظام القوائم المغلقة.
أولاً: نظام التمثيل النسبي في إسرائيل:
منذ أن نشأت إسرائيل في عام 1948، وُضِع نظامها الانتخابي على أساس التمثيـل النسبي، بمعنى أن توزيع المقاعد (120 مقعدًا) في الكنيست يكون بالتناسـب مـع النسبة المئوية التي يحصل عليه كل حزب من مجموع الأصوات. وهذا يعني أن نظام التمثيل يعني أن كل حزب يقدّم قائمة من المرشحين في كل واحدة من الدوائر الانتخابية متعددة التمثيل.
ولكن في الحالة الإسرائيلية التي هي تقوم على دائرة انتخابية واحدة، فإن الناخبين يَدلون بأصواتهم لصالح الأحزاب، حيث يفوز كل حزب سياسي بحصة من مقاعد الدائرة الانتخابية تتناسب مع حصته من أصوات الناخبين. ويفوز بالانتخاب المرشحون على قوائم الأحزاب وذلك بحسب ترتيبهم التسلسلي على القائمة.
وعندما يحصل الحزب على حصة من مقاعد الكنيست بناءً على عدد الأصوات التي تحصل عليها، لابد أن يستوفي الحد الأدنى من الأصوات، والمعروف باسم «نسبة الحسم». ففي الفترة من عام 1951 إلى عام 1991، بلغت نسبة الحسم 1 في المئة، ثم تم تغيير هذه النسبة إلى 1.5 في المئة للمرة الأولى في الفترة السابقة لانتخابات الكنيست في عام 1992، ولكن تم تعديلها إلى 2 في المئة للمرة الثانية في عام 2004، وأخيرًا في عام 2014 حيث أصبحت 3.25%.
وتعني نسبة الحسم (العتبة الانتخابية القانونية) “النسبة المئوية للأصوات التي يجب أن يحصل عليها الحزب بموجب القانون من أجل الحصول على مقعد في الهيئة التشريعية”. وفي النظم البرلمانية، حيث يتم تشكيل الحكومة من ائتلاف حزبي، تأتي نسبة الحسم كمبرر رئيسٍ لمنع دخول الأحزاب الصغيرة إلى الهيئة التشريعية،وبالتالي الحد من التفتت الحزبي في البرلمان وبالتالي تعزيز استقرار الائتلاف. بيد أن منع دخول الأحزاب الصغيرة من شأنه أيضًا أن ينتهك حق الأقليات (سواء كانت إثنية أو دينية أو إيديولوجية) في أن تمثل في البرلمان.
ورفع نسبة الحسم يعني رفع الحاجز الذي يجب أن يتغلب عليه أي حزب سياسي لدخول الكنيست، فالحزب الذس يحصد أصواتًا أقل من النسبة المقررة أي (3.25 في المئة) سيُترك على الهامش، وبالتالي تضيع بطاقات الاقتراع المُدلى بها لهذا الحزب.ولكن في ضوء التكيف مع نسبة الحسم المتغيرة، فإن ذلك قد يدفع الأحزاب الصغيرة إلى الدخول في قائمة مشتركة لزيادة فرصها في تجاوز العتبة الانتخابية. وهكذا، فإن قرار رفع العتبة الانتخابية إلى 3.25 في المئة لانتخابات الكنيست العشرين في العام 2015 دفع بأربعة أحزاب عربية إلى خوض الانتخابات بشكل مشترك على الرغم من الخلافات الإيديولوجية.
وزيادة نسبة الحسم في العملية الانتخابية، من حيث المبدأ، لا توجّه ضربة قاضية للديمقراطية ولمبدأ التمثيل النسبي، خاصةً وأن العديد من الأنظمة الديمقراطية تضع حواجز تحول دون دخول برلماناتها، سواء من خلال نسب حسم انتخابية رسمية أو غير ذلك من الوسائل. وعليه، فإن رفع النسبة سيزيد من احتمال تشكيل تحالفات حزبية وسيقلل من عدد الأحزاب الممثلة في الكنيست. وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول ما إذا كان عدد أقل من الأحزاب يعني تحسين القابليةالحكم والمساعدة في استقرار الحكومة، إلا أن الحد من عدد الأحزاب في الكنيست من شأنه أن يحقق استقرار النظام البرلماني، ويبسّط البدائل السياسية المقدمة للناخبين.
في غضون ذلك، تحدد المادة الرابعة من القانون الأساسي للكنيست الإطار العام للنظام الانتخابي، حيث ينص على «أن الكنيست سيُنتخب بانتخابات عامة، وطنية، مباشرة ومتساوية، وسرية وبانتخابات نسبية وفقًا لقانون انتخابات الكنيست». وهذا يعني أن انتخابات الكنيست هي «انتخابات عامة» إذ يُدلي الناخبون بأصواتهم لحزب سياسي واحد. ومن المهم الإشارة إلى أن كل مواطن إسرائيلي بلغ سن الثامنة عشرة يحق له الإدلاء بصوته، كما ويحق لكل مواطن إسرائيلي يبلغ من العمر 21 عامًا على الأقل أن يترشح للانتخابات. وتعتبر انتخابات الكنيست أيضًا «انتخابات وطنية»، إذ تُشكل البلاد كلها دائرة انتخابية واحدة. وهي أيضًا «انتخابات مباشرة» أي أنها تُجرى من خلال عملية اقتراع مباشر من قبل الناخبين. وكذلك هي «انتخابات متساوية» أي أن جميع الأصوات التي يتم الإدلاء بها يكون لها نفس الوزن الانتخابي. هذا فضلاً عن كونها «انتخابات سرية» أي أن عملية الاقتراع تُجرى بصورة سرية تامة. وهي «انتخابات نسبية» أي أن عملية الانتخاب تقوم على أساس التصويت لحزب سياسي واحد وليس لأشخاص؛ وبما أن التصويت يكون للحزب، فإن كل حزب يضع قائمة تراتبية لأعضائه المرشحين للكنيست. وتعني لفظ «قائمة تراتبية» أن الحزب يكون حريص على أن تكون قياداته البارزة علی رأس هذه القائمة لاستمالة الناخبين.
ثانيًا: إسرائيل دائرة انتخابية واحدة:
وهي تعتبر السمة الثانية للنظام الانتخابي الإسرائيل. وتختلف هذه السمة عن العرف المتبع في العديد من الدول الديمقراطية الأخرى التي تستخدم المقاطعات دون الوطنية، بينما تضمن في الوقت نفسه التمثيل النسبي على الصعيد الوطني من خلال استخدام مجموعات المقاعد الوطنية. ويرجع قرار إنشاء دائرة انتخابية واحدة في إسرائيل إلى أسباب عملية، من بينها ظروف الحرب عام 1948، والتي كانت تمنع العديد من الجنود من العودة إلى أماكن إقامتهم حيث ينتقلون باستمرار.
وتعتبر إسرائيل واحدة من مجموعة صغيرة مُكوّنة من خمسة بلدان تَجري انتخابات على الصعيد الوطني؛ أي أن البلد لا ينقسم إلى عدة دوائر انتخابية (كما هو الحال في معظم البلدان)، وإنما يُجري التصويت على جميع مقاعد الهيئة التشريعية في دائرة واحدة تشمل البلد بأكمله. فإلى جانب إسرائيل، يتم استخدام هذا النظام في هولندا والجبل الأسود وسلوفاكيا وصربيا، حيث يتم تخصيص جميع مقاعد البرلمان على أساس فرز بطاقات الاقتراع على مستوى البلاد.
وفي كل بلد من تلك الدول، يُخصص النظام النسبي مقاعد في الجمعية الوطنية؛ أي أن كل حزب ممثل في الهيئة التشريعية بما يتناسب مع عدد الأصوات التي يحصل عليها.وفي غياب نسبة حسم (العتبة الانتخابية) محددة قانونًا، فإن دخول الأحزاب إلى الهيئة التشريعية يقيّده عتبة طبيعية، تتأثر أساسًا بعدد المقاعد في الدائرة الانتخابية. ووجود عتبة طبيعية أو منخفضة يعني ضمنًا أن الفروقات بين مبدأ “القابلية للحكم” ومبدأ “التمثيل” سوف تكون بارزة في البلدان التي تُجرى فيها انتخابات وطنية، بما في ذلك إسرائيل. وعلى الرغم أن غياب عتبة قانونية يساعد على تحقيق مستوى عالٍ جدٍا من التمثيل لأنه حتى الأقليات الصغيرة الموجودة على هامش المجتمع من الممكن أن تفوز بتمثيل في الهيئة التشريعية؛ إلا أن مبدأ “القابلية للحكم” سيواجه عقبات في مثل هذه الحالات لأن تفتيت الهيئة التشريعية -الذي يتفاقم بسبب العدد الكبير من الأحزاب الصغيرة- يمكن أن يجعل من الصعب للغاية بناء تحالفات مستقرة.
وفي الممارسة العملية، تمكنت غالبيةالبلدان التي تجري انتخابات على الصعيد الوطني أي تمتلك (دائرة انتخابية واحدة)، من تحديد عتبة انتخابية قانونية تحد من قدرة أي حزب على الفوز بمقاعد في الهيئة التشريعية، وإن كان ذلك قد يحسن من القابلية للحكم. ومن ثم، تعيق العتبة الانتخابية القانونية إلى حد ما الدرجة العالية من التمثيل التي يوفرها هذا النظام؛ وفي الوقت نفسه، يخفف أيضًا من مشاكل القابلية للحكم من خلال منع الأحزاب الصغيرة بشكل خاص من دخول السلطة التشريعية، مما يحد من فرصة تفكك البرلمان.
هذا، ويتم انتخاب الكنيست المكون من 120 عضوا كل أربع سنوات بموجب نظام ينص على التمثيل النسبى حتى للأحزاب السياسية الصغيرة. ويختار الناخبون (الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر) من بين القوائم الوطنية للمرشحين (الذين تبلغ أعمارهم 21 عامًا أو أكثر) التي تقدمها الأحزاب والجماعات السياسية. والشعب كله ممثل في دائرة واحدة؛ حيث لا توجد أي مقاطعات. وإذا حصلت قائمة الحزب، على سبيل المثال، على 5 في المئة من الأصوات، يصبح الأشخاص الستة الأوائل (5 في المئة من 120) في تلك القائمة أعضاء في الكنيست. ويحدد الطرفان ترتيب الأسماء في قوائمهما. وبما أنه من الصعب على حزب واحد أن يفوز بأغلبية المقاعد، فإن الحكومة يتم تشكيلها من خلال ائتلاف هو أمر شائع في إسرائيل.
وتتولى لجنة مركزية للانتخابات، يرأسها قاض من المحكمة العليا وتضم ممثلين عن الأحزاب التي تشغل مقاعد في الكنيست، مسؤولية إجراء الانتخابات. وتشرف لجان الانتخابات الإقليمية يبلغ عددها حوالي 18 لجنة على سير عمل لجان الاقتراع المحلية، التي تضم ممثلين عن ثلاثة أحزاب على الأقل في الكنيست المنتهية ولايته.
وقبل الانتخابات، يقدم كل حزب برنامجه وقائمة المرشحين للكنيست، حسب الأسبقية. وتختار الأحزاب مرشحيها للكنيست في الانتخابات التمهيدية للحزب أو بإجراءات أخرى.
ثالثًا: نظام القوائم المغلقة:
يتيح نظام القائمة المغلقة على مستوى الوطن للحزب أو الكيان السياسي الانفراد في اختيار وترتيب مرشحيه في القائمة، ولا خيار أمام الناخب سوى اختيار القائمة كاملة، بمعنى لا يُسمح للناخب باختيار مرشح دون آخر في القائمة.
ونظام القائمة المغلقة في الانتخابات الإسرائيلية هو السمة الثالثة التي تميز النظام الانتخابي الإسرائيلي، فلا يمكن للناخب أن يُدلي بصوته إلا لحزب أو تحالف أحزاب قدم معًا قائمة مشتركة من المرشحين. وعمليًا، عند دخول لجنة الاقتراع، يتم ترتيب بطاقات الاقتراع التي تشير إلى حزب أو تحالف أحزاب، ويتم تزويد كل ناخب بمظروف، ويختار ورقة اقتراع واحدة من حزبه أو تحالف الأحزاب الذي يمثل توجهاته، ويضعها في المظروف ويُسقطها في صندوق الاقتراع. وبمجرد احتساب عدد المقاعد لكل قائمة، يتم انتخاب المرشحون الأوائل على رأس القائمة، بناءً على عدد المقاعد المخصصة. وإذا إستقال عضو في الكنيست، فإن الشخص التالي المدرج اسمه على قائمة المرشحين يحل محله.
وفي إطار القائمة المغلقة، يُسمح للأحزاب بتشكيل تحالفات انتخابية من أجل الحصول على عدد كاف من الأصوات الجماعية للوفاء بالعتبة الانتخابية (إذا كان الأمر كذلك، يجب أن يفي التحالف ككل بالعتبة، وليس الأحزاب الفردية) وبالتالي يتم تخصيص مقاعد له. والعتبة المنخفضة نسبيًا تجعل تمثيل الأحزاب الصغيرة أكثر ترجيحًا في ظل النظام الانتخابي الإسرائيلي مقارنة بالعديد من الأنظمة المماثلة المستخدمة في بلدان أخرى. ويمكن للطرفين أن يتوصلا إلى إتفاق من أجل جمع مجموع الأصوات الفائضة لدى كلا الطرفين، وإذا كان مجموع الأصوات الفائضة يساوي مقعدًا إضافيًا، فإن المقعد الإضافي يذهب إلى الحزب بعدد أكبر من الأصوات الفائضة.
وجدير بالذكر أن، النظام الإسرائيلي يرتكز بشكل كبير على الأحزاب السياسية التي تؤدي دورًا حاسمًا ورسميًا ومحوريًا في العملية الانتخابية، فقبل خمسة وأربعين يومًا من الانتخابات، يجب على جميع الأحزاب أن تسجل نفسها وتقدم قائمة بمرشحيها المقترحين، مرتبة حسب المناصب (التي عادة ما تتراوح بين 1 و 120 عضوًا). والعضو الأول في القائمة يكون زعيم الحزب، وهو عادة ما يكون مرشح الأحزاب الكبيرة (الليكود والعمل) لتولي منصب رئاسة الوزراء، ويليه في القائمة -بالترتيب التنازلي-أسماء المرشحين المفضلين لدى الحزب. وبمجرد تقديم هذه القوائم، لا يمكن تغييرها أو إعادة ترتيبها بأي شكل من الأشكال.
ويمكن لكل حزب أن يقرر كيفية تشكيل قائمته، حيث (1) بعض الأحزاب لا سيما أكبر الأحزاب، تقوم بتنظيم انتخابات أولية بين أعضاء الحزب المسجلين من أجل إجراء عملية التصويت على المرشحين للقوائم الانتخابية، أو (2) يختار قادة الأحزاب الأخرى -من غير الأحزاب الكبيرة- المرشحين بأنفسهم، أو (3) تختار لجنة من الحاخامات بعض مرشحي الأحزاب الدينية. ويتم تنشر أسماء جميع الأحزاب المسجلة وقوائمها المرشحة ليطّلع عليها الجمهور. ثم يعين كل حزب أو تحالف حزبي رمز أو حروف أو أرقام تُسهّل على الناخبين اختيارها. وتقليديًا، كان حزب الليكود معروفًا بالحروف العبرية الثلاثة لـ “ماشال- Machal,”، أما حزب العمل كان معروفًا بـ “إيميت -Emet”
نظام التصويت في الانتخابات العامة للكنيست:
في الأحوال العادية، يشترط القانون الأساسي في إسرائيل إجراء انتخابات وطنية للكنيست يوم الثلاثاء في الشهر اليهودي “شيشفان” أي من أوائل أكتوبر إلى منتصف نوفمبر، بعد أربع سنوات من الانتخابات السابقة. بيد أنه من الممكن، وغالبًا ما يحدث ذلك، إجراء انتخابات مبكرة قبل الموعد المحدد في القانون الأساسي.
ويمكن الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة عن طريق تصويت أغلبية أعضاء الكنيست، أو بمرسوم من الرئيس، وعادة ما تُجري هذه الانتخابات في حالات الجمود السياسي وعدم قدرة الحكومة على الحصول على دعم البرلمان لسياساتها. كما أن الفشل في الحصول على موافقة الكنيست على مشروع قانون الميزانية السنوية بحلول 31 مارس (أي بعد ثلاثة أشهر من بداية السنة المالية) يؤدي تلقائيًا إلى إجراء انتخابات مبكرة. ومن الممكن أيضًا تأجيل موعد الانتخابات بأغلبية خاصة من أعضاء الكنيست.
ويبدأ التصويت قبل 12 يومًا من موعد الانتخابات العامة في البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم بالنسبة للإسرائيليين العاملين في الخارج بصفة رسمية ولأسرهم، وبالنسبة للبحارة الإسرائيليين على متن السفن الإسرائيلية في البحر. وتفتح مراكز الاقتراع للجنود العاملين قبل 72 ساعة من يوم الانتخابات وقد يُدلى الجنود بأصواتهم من ذلك الحين حتى نهاية الانتخابات.
ولكل ناخب أن يصوت في مركز الاقتراع الذي يظهر اسمه في قائمته. وفي يوم الانتخابات، وقبل ذلك بأيام قليلة، ستحتفظ اللجنة المركزية للانتخابات بمراكز معلومات هاتفية تزوّد الناخبين بالموقع الدقيق لمقرهم الانتخابي، وكذلك عبر موقع اللجنة المركزية للانتخابات على شبكة الإنترنت.
ويوم الانتخابات هو يوم عطلة وطني نصّ عليه القانون. وتفتح معظم مراكز الاقتراع أبوابها بين الساعة السابعة صباحًا والساعة العاشرة مساءً، ولكن إذا ظل الناخبون في الطابور في الساعة العاشرة مساء، فإن المركز سيبقى مفتوحًا حتى يُدلى الجميع بأصواتهم. كما تفتح مراكز الاقتراع في المجتمعات الصغيرة التي يقل عدد سكانها عن 350 شخصًا، والمستشفيات والسجون أبوابها بين الساعة الثامنة صباحُا والساعة الثامنة مساءً. ويحق للمرضى والموظفين في المستشفيات الذين لا يستطيعون التصويت خلال ساعات الانتخابات الحصول على تصاريح خاصة تسمح لهم بالتصويت بعد إغلاق مراكز الاقتراع في المستشفيات أمام أي شخص آخر.
ووجدير بالذكر أن كل مواطن مقيم ومؤهل للإدلاء بصوته يقوم بالتصويت في أقرب مركز اقتراع قريب من عنوانه المسجل، ويحتفظ كل مركز اقتراع بقائمة بجميع الناخبين المؤهلين للتصويت في تلك المنطفة. وفي مركز الاقتراع، يتحقق المسؤولون من هوية الناخبين لضمان أنهم ينتمون للمنطقة التي يتواجد بها مركز الاقتراع، ويدققون من أسمائهم في قائمة الناخبين الخاصة بتلك المنطقة، ويسلموا ورق الاقتراع للناخب، الذي يختار بدوره ورقة الاقتراع أو القائمة الخاصة بحزبه المفضل.
يتلقى الناخب بعد ذلك مظروفًا أزرقًا فاتحًا تظهر عليه عبارة «انتخابات الكنيست رقم….». وهذا المظروف مغلق ويحمل ختم لجنة الانتخابات المركزية، ورئيس لجنة الانتخابات المركزية، وتوقيعات عضوين في لجنة الاقتراع. ثم يدخل الناخب كشك التصويت بمفرده، ويُمنع أي شخص آخر من الدخول معه، والاستثناء من هذه القاعدة هو مرض أو إعاقة تجعل الناخب غير قادر على إجراء التصويت بنفسه. في هذه الحالة، يُسمح للناخب أن يرافقه شخص ما لإجراء التصويت الفعلي. ولا يسمح للشخص المرافق بأن يكون مديرًا أو موظفًا في منزل أو مؤسسة يقيم فيها الناخب، ولا يجوز أن يرافق أكثر من ناخبين اثنين.
ويوجد داخل الكشك الخاص بعملية الاقتراع بطاقات تحتوي على رمز أو حروف أو أرقام لكل حزب مسجل، ويقوم الناخب باختيار الحزب الذي يعكس توجهاته، ويضع البطاقة في المظروف. هذا، ويتم الإعلان عن أسماء القوائم الحزبية ورموزها أو أرقامها أو حروفها في الصحافة وعلى الموقع الشبكي للجنة الانتخابية المركزية.
وبمجرد إغلاق مراكز الاقتراع العادية، يقوم المسؤولون في تلك المراكز بحصر الأصوات وإرسال وثيقة تسجل النتائج وصندوق الاقتراع إلى أحد مراكز حساب الأصوات البالغة 25 في جميع أنحاء البلاد، حيث يتم فحص البطاقات بحثًا عن أي مخالفات، ثم يتم إدخالها في النظام الحاسوبي للجنة الانتخابات المركزية، وهو نظام مغلق غير متصل بالإنترنت، لإعادة التحقق من بطاقات الاقتراع. ويتم الإبلاغ عن أي مخالفات تم اكتشافها من قبل البرنامج إلى قاضي المحكمة المحلية الموجود في المنطقة التي يتواجد بها مركز الاقتراع طوال عملية فرز الأصوات، والذي يفصل في جميع هذه القضايا. ثم تنشر لجنة الانتخابات المركزية النتائج.
مرحلة تشكيل الحكومة:
بعد الانتهاء الانتهاء من فرز نتائج الانتخابات، يتضح على وجه التحديد من سيكون الأعضاء الـ 120 الجدد في الكنيست. ويجب أن يُصوّت هؤلاء الأعضاء الآن على اختيار رئيس وزراء من بين صفوفهم، يقوم بدوره بتعيين وزراء، وبالتالي تشكيل حكومة
ومن أجل تحقيق هذه الغاية، يتعين على أغلبية الأعضاء (61 على الأقل من إجمالي 120) أن يعملوا على تشكيل ائتلاف حاكم، وأن يتفقوا على رئيس الوزراء المنشود، فضلا عن الاتجاه الذي يتعين على الحكومة الجديدة أن تسلكه. وجدير بالذكر، أنه في تاريخ إسرائيل كله، لم يفز أي حزب بأغلبية بسيطة من 61 مقعدًا أو أكثر في الكنيست. وبالتالي، يجب تشكيل تحالفات بين أحزاب متعددة من أجل الحكم. لهذا السبب توصف ديمقراطية إسرائيل بأنها ديمقراطية اتحادية.
ومن المهم الإشارة إلى أن العديد من الأحزاب تعلن ولاءاتها قبل الانتخابات، وغالبًا ما تُعلن من تفضل أن ترى رئيسًا للوزراء؛ والنتائج النهائية للانتخابات غالبًا ما تظهر من سيكون على رأس الائتلاف الحاكم بشكلٍ جلي.
وبموجب القانون، وبعد أن تكون النتائج نهائية، يتم استدعاء ممثلي كل حزب للقاء الرئيس الإسرائيلي، الذي يسألهم عمن يفضلون أن يكون رئيسًا للوزراء. وبعد إستشارة جميع الأحزاب، يقرر الرئيس عندئذ من الذي يعتقد أنه يملك أفضل فرصة للحصول على دعم أغلبية أعضاء الكنيست، ثم أمام رئيس الوزراء المحتمل ثلاثين يومًا لمحاولة تشكيل حكومة (ومن الممكن أيضًا أن يطلب تمديدًا لمدة 14 يومًا لمرة واحدة).
ويشمل تشكيل حكومة إجراء مفاوضات مع أطراف أخرى في محاولة للتوصل إلى اتفاق دعم، وسوف تقدم الأحزاب الأصغر حجمًا بعض المطالب في مقابل الانضمام إلى ائتلاف. وتشمل هذه المطالب عادة عددًا معينًا من المناصب الوزارية وغيرها، بالإضافة إلى الالتزام بسياسات وتوجيهات معينة. وبمجرد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة، لابد من كتابة الاتفاقيات الخاصة بالانضمام إلى التحالف، ولابد من الإعلان عنها علنًا. وعند حشد الدعم لما لا يقل عن 61 عضوًا، يمكن أن يصبح زعيم الائتلاف الناجم رئيسًاللوزراء، بدعم من أغلبية الكنيست.
وإذا لم ينجح رئيس الوزراء المحتمل في تشكيل ائتلاف في الوقت المحدد، يمكن للرئيس عندئذ أن يطلب من مرشح بديل محاولة تشكيل حكومة. في تلك الأثناءـ حدث استثناء غير مألوف للغاية لهذا النظام في أعقاب انتخابات أبريل 2019، حيث لم يتمكن رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” من تشكيل ائتلاف جديد خلال الفترة الزمنية المطلوبة، ولكن قبل منح مرشح آخر فرصة تشكيل ائتلاف، صوّت الكنيست على حل نفسه، مما أدى إلى إجراء انتخابات جديدة. وبهذا أصبح الكنيست الحادي والعشرين أقصر برلمان في التاريخ الإسرائيلي، ولم يصوت قط على حكومة، بل إن الحكومة السابقة استمرت في العمل كحكومة مؤقتة إلى أن حان موعد الانتخابات الجديدة في أيلول. كما أصبح الكنيست الواحد والعشرون نفسه كنيست مؤقتًا بعد أسابيع قليلة من أدائه اليمين الدستورية.
بمجرد تشكيل ائتلاف وحكومة، يبقى رئيس الوزراء الجديد في السلطة إلى أن يفقد دعم غالبية أعضاء الكنيست، وعندها يتم الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، كما هو الحال مع ائتلاف رئيس الوزراء السابق “نفتالي بينيت”.
ثانيًا: القوى الحزبية على الساحة السياسية الإسرائيلية:
في معظم تاريخ إسرائيل، كان الحزبان السياسيان الرئيسيان اللذان يهيمنان على الانتخابات، هما “حزب العمل” من يسار الوسط، و “حزب الليكود” من يمين الوسط،. وكان “حزب العمل”، الذي تم تشكيله في العام 1968 من خلال اندماج ثلاثة أحزاب أخرى، هو الأكثر هيمنة على الاثنين في العقود الثلاثة الأولى من تاريخ البلاد، متخليًا عن السلطة للمرة الأولى في العام 1977 لصالح “حزب الليكود”، الذي كان نتاج اندماج العديد من أحزاب اليمين في العام 1973.
على مدى العقدين التاليين، تبادلت الأحزاب السلطة مع الاحتفاظ بالهيمنة الإجمالية، فاحتفظت بما بين نصف وثلثي مقاعد الكنيست. وقد بدأ هذا التحول في أواخر التسعينيات، حيث بدأ عدد من الأحزاب الصغيرة في الفوز بحصص متزايدة من الأصوات الوطنية. فالسياسة الإسرائيلية تتسم بقدر كبير من السيولة، حيث تعمل الأحزاب في كثير من الأحيان على تشكيل التحالفات والعمل معًا، وتفكيك نفسها وإعادة تشكيل هيئتها.
وفي أعقاب الانتخابات التي أُجريت في مارس 2021، كان “الليكود” أكبر حزب في الكنيست، يليه حزب “يش عتيد”، ثم حزب “شاس”، وحزب “أزرق أبيض”. أما “حزب العمل”، الذي كان ذات يوم القوة المهيمنة في السياسة الإسرائيلية، فقد حصل على سبعة مقاعد فقط في الكنيست. وخلال هذه الانتخابات، مُنح نتنياهو تفويضًا بتشكيل حكومة جديدة بحلول نهاية 4 مايو 2021، لكنه فشل في تشكيل حكومة بحلول الموعد النهائي، ليتم تكليف “يائير لابيد”، زعيم حزب “يش عتيد”، رسمياً بتشكيل حكومة في 5 مايو 2021، وتم ترشيحه لرئاسة الوزراء من قبل 56 عضوًا في الكنيست من سبعة فصائل. إذن، من الملاحظ أن الساحة الحزبية الإسرائيلية
أبرز القوى الحزبية الموجودة في إسرائيل قبل الانتخابات العامة للكنيست:
لا تزال الساحة الحزبية في إسرائيل متشرذمة بشكلٍ ملحوظ، مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة للكنيست المقررة في الخريف المقبل. ولكن، بدأت تظهر بعض التحالفات الحزبية لعل أبرزها تحالف “غانتس وساعر” أو قائمة “أزرق أبيض-أمل جديد”؛ وهو تحالف وسطي أعلن عنه كل من “بيني غانتس”، رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت، و “جدعون ساعر”، وزير العدل الإسرائيلي، يوم 10 يوليو الماضي ويسعى إلى خوض الانتخابات المقبلة ضمن قائمة واحدة.
ومن ناحيته، طرح النائب «إيلي أبيدار»، وهو وزير سابق من حزب«إسرائيل بيتنا»، فكرة ضم القائمة المشتركة للأحزاب العربية إلى الائتلاف الحكومي لتشكيل حكومة أكثرية ثابتة. والقائمة المشتركة للأحزاب العربية تضم أحزاب “بلد” و “حداش” و”تعال”، أما “رعام-القائمة العربية الموحدة” الذي يقوده منصور عباس، فمن المتوقع أن يترشح بشكل مستقل في الانتخابات المقبلة، كما فعل في الانتخابات السابقة.
وفي السياق الداخلي للأحزاب من أجل إعداد مرشحيها أو قوائمها الحزبية لانتخابات الكنيست، تناقلت تقارير إعلامية أن حزبي “العمل” و “الليكود” قد أعلنا يوم الأحد الموافق 7 أغسطس الجاري، أن الانتخابات الأولية المقرر إجراؤها خلال الأسبوع الجاري من أجل تحديد القوائم الحزبية للكنيست من المرجح أن تتأجل بسبب “عملية الفجر” التي شنتها إسرائيل ضد حركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين شهر أغسطس الجاري.
ولكن في 9 أغسطس، بدأ حزب “العمل” التصويت لتقرير قائمته الخاصة بالانتخابات، حيث تم التصويت عن بعد عبر الهاتف الذكي، كما تم فتح أربعة مقار انتخابية تابعة للحزب في القدس وتل أبيب وحيفا وبئر السبع.
وجدير بالذكر أيضًا أن “عملية الفجر” أثرت أيضًا على أنشطة العديد من القوى الحزبية التي بدأت حملاتها الانتخابية، حيث أصدر “بيني غانتس”، رئيس حزب “أزرق-أبيض” الوسطي ووزير الدفاع الإسرائيلي، تعليمات إلى أعضاء حزبه في الكنيست بتجميد أنشطة حملاتهم الانتخابية وتخصيص وقتهم لزيارة ومساعدة سكان منطقة الحدود مع غزة والجنوب.
وبالنسبة لـحزبيّ “ميرتس” و “الصهيونية الدينية”، فمن المقرر إجراء الانتخابات التمهيدية لهما في 23 أغسطس الجاري، بينما اختار الحزبان العربيان الإسرائيليان”رعام” و “بلد” ، ممثليهما المرشحين لانتخابات الكنيست المقبلة يوم السبت أغسطس الجاري. أما الحزب العربي “حداش- الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” فمن المقرر أيضًا أن يختار مرشحيه لانتخابات الكنيست قريبًا. وبالنسبة للحزب العربي الأخير “تعال”، فسيختار مرشحيه لانتخابات الكنيست في 27 أغسطس الجاري.
ويرى استطلاع رأي حديث أجرته أجرته قناة “12” العربيةيوم الاثنين 8 أغسطس الجاري، أن”عملية الفجر” لم تؤدِ إلى إحداث تحول في الكتل السياسية قبل انتخابات 1 نوفمبر، ومن المتوقع أن يحصل اليمين على 59 مقعدًا في الكنيست إلى 55 مقعدا من يسار الوسط.
وذكرت قناة “12” العبريةأنه إذا أُجريت الانتخابات في هذا الوقت، فإن حزب “الليكود” سيفوز بـ 34 مقعدًا في الكنيست وحزب “يش عتيد- هناك مستقبل” الذى يرأسه يائير لابيد سيفوز بـ 24 مقعدًا. ومن المتوقع أن تحصل قائمة “أزرق أبيض-أمل جديد” المشتركة على 12 مقعدًا، يليه حزب “الصهيونية الدينية” على 10 مقاعد، وحزب “شاس” الأرثوذكسى المتطرف على 8 مقاعد، وحزب “يهودية التوراة” على 7 مقاعد، و”القائمة العربية المشتركة” على 6 مقاعد، وحزب “إسرائيل بيتنا”على 5 مقاعد، وحزب “العمل” على 5 مقاعد، وحزب “رعام-القائمة العربية الموحدة” على 5 مقاعد، وحزب “ميرتس” على 5 مقاعد.ومن غير المتوقع أن يتجاوز حزب “الروح الصهيونىة” بقيادة ” أيليت شاكيد” وزيرة الداخلية الإسرائيلية ورئيسة حزب يمينا، عتبة الانتخابات “نسبة الحسم” المكونة من أربعة مقاعد.
وتعطي هذه النتائج كتلة اليمين 59 مقعدًا في الكنيست- أي أقل بمرتين من الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة والبالغة 61 مقعدًا – و 55 مقعدًا لكتلة يسار الوسط، باستثناء القائمة العربية المشتركة -التي تضم الأحزاب العربية “بلد” و “حداش” و”تعال”- التي من غير المرجح أن تنضم إلى أي ائتلاف.
تأثير استطلاعات الرأي على الانتخابات العامة للكنيست:
تعتبر استطلاعات الرأي وترتیب المرشحين وتوقعات الفائزين أحد الوسائل الإعلامية المهمة والمؤثرة في الأوقات الانتخابية، خصوصًا مع اقتراب موعدها. وهذا يدفع العديد من دول العالم إلى منع إجراء استطلاعات قبل أسبوع أو عدة أيام من الانتخابات لعدم التأثير على قرار الناخبين. ومع انطلاق الحملات الانتخابية الخامسة في إسرائيل، عادت إستطلاعات الرأي العام إلى صلب الخطاب الوطني. فهي تشكل التغطية الإعلامية، وتؤثر على أي الأحزاب ينتهي بها المطاف إلى العمل وأي الأحزاب تنسحب أو تدمج، وفي نهاية المطاف، تؤثر على سلوك الناخبين.
وثمة لوم يُلقى على عاتق استطلاعات الرأي الإسرائيلية في الذهاب إلى انتخابات عامة للمرة الخامسة. فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، وجدت إسرائيل نفسها في واحدة من أكثر الحالات الدستورية إشكالية وخطورة في تاريخها، مع عدم استقرار غير مسبوق في النظام السياسي وخمس حملات سياسية متتالية واحدة تلو الأخرى. وفي مثل هذه الحالة السياسية المعقدة،أصبحت استطلاعات الرأي الانتخابية هي الممارسة الأكثر شعبية في وسائل الإعلام الإسرائيلية- حتى عندما كان هناك شعور للحظة بأن النظام قد استقر مع إنشاء الحكومة السادسة والثلاثين، بقيادة نفتالي بينيت ويائير لابيد. ولكن، كل مساء تقريبًا (على التلفزيون)، وكل صباح (في الصحف المطبوعة) واجه الناس استطلاعات الرأي الانتخابية، لدرجة أنهم أصبحوا قسمًا منتظمًا من الأجندة الصحفية الإسرائيلية.
وعلى عكس الرأي العام، فإن قوة الانتخابات ليست بالضرورة تكون انعكاسًا للواقع السياسي، ولكن بشكل أساسي في بناء وسائل الإعلام لهذا الواقع بحكم الدلائل السياسية الواقعية. ومجملاً، فإن الاستطلاعات لها ثلاثة تأثيرات مهمة في:
الأول: تهيئة بيئة تتسم بالصراع السياسي من أجل الانتخابات المقبلة.
كانت إستطلاعات الرأي شبه الأسبوعية، والتي تم بثها طيلة العام الماضي، في واقع الأمر أداة بين أيدي اليمين السياسي في إسرائيل، وحزب “الليكود” بقيادة بنيامين نتنياهو، والعديد من الصحافيين المرتبطين به، مثل أميت سيغال من القناة الإسرائيلية الثانية عشرة، الذي أستخدم إستطلاعات الرأي لإضعاف حكومة بينيت ولابيد، ولجر إسرائيل إلى انتخابات خامسة، وهي الانتخابات التي من شأنها أن تمنح نتنياهو فرصة أخرى (ربما تكون الأخيرة) للعودة إلى السلطة.
بطبيعة الحال، سوف يظل هناك بعض الضعف في وضع وسلطة الحكومة القائمة، لأنها بمجرد تشكيلها سوف تظل دومًا مخيبة للآمال. ويصدق هذا بشكل خاص في حالة الحكومة التي ظلت في السلطة لمدة عام واحد فقط، ولم يكن لديها الوقت الكافي للإصلاحات طويلة الأجل التي من شأنها أن ترضي الرأي العام.
وجدير بالذكر أن إجراء استطلاع شبه يومي لشعبية الحكومة في وسائل الإعلام من الممكن أن ينتج عنه واقع من الصراع السياسي المستمر وعدم الاستقرا؛ والشعور بأن الانتخابات قادمة، حتى عندما كان الواقع الموضوعي مختلفًا تمامًا في المقام الأول. فعلى سبيل المثال، اضطرت “النائبة إيديت سيلمان”، عضوة الكنيست من حزب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، التي تركت الائتلاف في أوائل أبريل الماضي، إلى متابعة استطلاعات الرأي الأسبوعية تقريبًا، الأمر الذي من الممكن أن يكون قد لعب دورًا في قرارها بمغادرة الائتلاف والانضمام إلى الليكود إذا أرادت أي مستقبل سياسي. في هذا المثال، نرى بوضوح قوة استطلاعات الرأي في التغيير النشط للتوازن السياسي والبنية.
الثاني: التشديد على تفسير النتائج وصياغتها بدلاً من التركيز على النتائج الموضوعية ذاتها
يمكن تقديم التأطير الإعلامي والصحفي لنتائج الاستطلاع بطرق مختلفة ومتنوعة، ويمكن أن يؤثر على الطريقة التي ينظر بها المستهلكون الإعلاميون إليها. لا يتعلق الأمر بالأرقام، ولكن بالمعاني التي نقدمها للأرقام. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك تفسير موقف نتنياهو، حيث تشير نتائج الاستطلاع في السنوات الأربع الماضية إلى أن نتنياهو ليس لديه أغلبية في الكنيست. ويتألف الكنيست من 120 نائبًا، ويتراوح أنصار نتنياهو بانتظام في استطلاعات الرأي من 55 مقعدًا إلى 60 مقعدًا.
ومع ذلك، نصادف مرارًا وتكرارًا عناوين رئيسية تقول “إن نتنياهو يقترب من الفوز بـ 61 مقعدًا”. وحتى عندما لم يحصل نتنياهو سوى على 55 مقعدًا في النتائج النهائية لانتخابات سبتمبر 2019، كانت العناوين الرئيسة متشابهة. قد تصبح صياغة نتنياهو الثابتة كـ “فائز” في العديد من إستطلاعات الرأي، بعد خمس جولات من الانتخابات، نبوءة ذاتية التحقق.
الثالث: طرح أسئلة يتم التلاعب بها وغير ذات صلة بمسائل الانتخابات
من الممكن أن تكون العديد من أسئلة الاستطلاع غير ذات صلة بالموضوع، ويتم طرحها بطريقة متلاعب قد تملي النتائج أيضًا. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك مسألة “ملاءمة رئيس الوزراء” المتكررة. ففي الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، مثل إسرائيل، لا يصوت الناس لصالح شخص ما، بل لصالح حزب. ومع ذلك فإن مسألة “أي من الساسة أكثر ملاءمة لشغل منصب رئيس الوزراء” تُطرح مرارُا وتكرارُا في إستطلاعات الرأي.
في إسرائيل، عادة ما يحدث ذلك لصالح “بنيامين نتانياهو”، ففي استطلاع أجرته القناة”13” الإسرائيليةونشره قبل حوالي شهرين أي في يونيو الماضي، تم إعطاء المشاهدين الخيارات التالية: بنيامين نتنياهو، بيني غانتس، نفتالي بينيت، ويائير لابيد. وحصل نتنياهو على تأييد حوالي 50 في المئة من المشاهدين، في حين كان 50 في المئة من نصيب المرشحين الآخرين.
إن التلاعب هنا واضح، حيث لم يُمنح المشاهدون سوى خيار واحد من المعارضة (نتنياهو)، وثلاثة خيارات من الائتلاف (غانتس، وبينيت، ولابيد) ، مما أدى إلى تقسيم الرد لصالح نتنياهو.
لعبت الانتخابات دورًا مهمًا في الأزمة السياسية في إسرائيل خلال السنوات الأربع الماضية. ومن غير المعقول أن نفترض أنه لو كانت وسائل الإعلام السياسية في إسرائيل أكثر مسؤولية وأخلاقًا ومهنية، فإن الأزمة الدستورية والسياسية التي نواجهها الآن كانت لتصبح أقل حدة.
سيناريو مقترح لتشكيل الحكومة الجديدة:
وفقًا لاستطلاعات الرأي، فإن معظم الناخبين الإسرائيليين لا يريدون حكومة دينية، أي تضم أحزاب الأرثوذكسية المتشددة مثل “شاس” أو “يهودية التوراة المتحدة”. ولكن بعض قادة الأحزاب يشيرون إلى نيتهم ضم حزب “يهودية التوراة” أو حزب “شاس” إلى حكومة مستقبلية في محاولة لزيادة الضغط على الأحزاب للانفصال عن إتفاقها الطويل مع حزب “الليكود” بزعامة رئيس المعارضة “بنيامين نتنياهو” وزيادة عدد الحلفاء المحتملين في الكنيست.
ولكن في كل الأحوال، لا يبدو أن أي من الكتلتين: اليمينية أو اليسارية، قادرة على تشكيل حكومة. ولكن وفقًا لأحدث الاستطلاعات، فإن حزب الليكود بزعامة “بنيامين نتنياهو” لا يزال على رأس السلطة. ومن ثم، فإنه من المرجح أن تكون الحكومة القادمة “يمينة موسّعة” بقيادة بنيامين نتنياهو.