تزداد أهمية العمل البرلماني (مجلسي النواب والشيوخ) ومخرجاته السياسية كونه أحد سلطات الدولة الثلاث وهذا من خلال جمعها لثلاث اختصاصات وظيفية هامة، فهي هيئة برلمانية تعبرعن هموم وآراء المواطنين وحلقة الاتصال الرئيسية بين المواطنيين والسلطة التنفيذ لتلبية توقعات الناس وسد إحتياجاتهم، وهي آلية تشريعية تضع القوانين والتشريعات وتصدق علي الاتفاقيات التي تنظم عمل مؤسسات الدولة بشئونها الداخلية وعلاقاتها الخارجية، كما هي جهة رقابية على المؤسسات التنفيذية تراقب مخرجاتها ونتائجها وتلزمها بجودة واستدامة مشروعاتها من ناحية وحسن تدبير الموارد المالية للدولة من ناحية أخرى، وفي الحالة المصرية هي أيضا جهة خدمية تسعى الي تلبية إحتياجات الدوائر الانتخابية من مشروعات عامة وخدمية من خلال الضغط علي المؤسسات التنفيذية لتقديم الخدمات التي يطالب بها المواطنيين.
ومن خلال تحليل وظائف وأدوار العمل البرلماني تتضح أهميته لنظام الحكم ومدى رضا المواطنيين وهم الهدف الأساسي من التنمية، وعليه أصبح الاهتمام بتحليل ورصد الأداء البرلماني ووضع توصيات لتحسين الأداء من خلال منهجيات محايدة وموضوعية أصبح ضرورة لا غنى عنها لأي مجتمع يبغي فاعلية مؤسساته الوطنية ويعمل علي سد الفجوات الأدائية أينما وجدت.
وإنطلاقا من الأهداف الوطنية التي تأسس عليها مركز جسور للدراسات الاستراتيجية JSS لتقديم دراسات نوعية وكمية للسياسات العامة والتعمق في الدراسات البرلمانية لتأصيل منهج موضوعي ومحايد في رصد وتحليل الأداء البرلماني فقد تم تطوير “مؤشر أولي لرصد وتحليل الأداءات البرلمانية” بعنوان مؤشر جسور الوطني ونستهدف أن يتم تطوير هذا المؤشر ليحقق نتائج فاعلة في الثلاث مناطق الرئيسية لقياس الكفاءة والفاعلية البرلمانية وهم:
– سياق الإدارة المحيطة بالعمل البرلماني: التي تمثل استقرار البيئة الداخلية، والعلاقة مع الحكومة والمجتمع المدني، ومدى الحيز السياسي لدعم المشاريع التنموية وتأثيرها على الدولة.
-الثقافة البرلمانية: وهي مجموعة من المعتقدات السياسية والممارسات المحركة والمقيدة المرتبطة بأعضاء البرلمان.
-أداء المجلس: هل لدية القدرة التنظيمية، الرقابة المالية، الامتثال، الكفاءة، الفاعلية، الملاءمة، الاستدامة.
ولحين الوصول للكفاءة والمهنية المطلوبة لقياس الثلاث محددات السابقة فإن فريق مركز جسور قام بإعتماد المنهج الرقمي الإحصائي لقياس كفاءة وفاعلية أعضاء مجلسي النواب والشيوخ. وهذا المنهج لا يختلف عليه إثنين حيث أن المعلومات المرصودة والتي تم تحليلها نابعة من وثائق المجلس وموقعه الإلكتروني وما يصدر عنه من تقارير. وتجنبنا في هذه المرحلة تحليل فاعلية الاعضاء في المكون الجماهيري والخدمي لحين تأثيث منهجية موضوعية تمكنا من قياس هذا المكون دون أدني درجة من درجات التحيز التي قد تصيب الباحثين من تعاملهم المباشر مع أعضاء البرلمان.
ويسعى برنامج الدراسات البرلمانية في مركز جسور للدراسات الاستراتيجية إلي تحقيق عدة أهداف:
-قياس كفاءة الأداء البرلماني
-تقديم مقترحات وتوصيات لزيادة فاعلية الاداء البرلماني
-دعم تحقيق استدامة الأثر الناتج عن العمل البرلماني الفعال
-تعزيز عملية التواصل الجماهيري مع البرلمان بما يحقق تحسين مؤشرات المشاركة المدنية في صناعة القرار العام
-تطوير حزمة من السياسات التي تخدم أداء أعضاء مجلسي النواب والشيوخ
لقد كان السؤال المكرر في المجموعات البحثية من يراقب المراقبين ؟ كان سؤال يشغل دائما بال الباحثين عن مفهوم حقيقي لمعنى المسائلة … من يضمن أن من انتخبهم الشعب لتمثيلهم في المجالس النيابية أن يكونوا بمقدار توقاعتهم منهم؟ وماذا يضمن للناخب أن تقييم الناس عن أداء نوابهم تقييما موضوعيا
كلها تساؤلات تضعنا إلي عدم إختراع العجلة .. التجارب الدولية تقول أن الإعلام ومراكز التفكير والمعاهد البحثية هي من تقوم بإصدار مؤشرات قياس للأداءات البرلمانية تضمن تقييما موضوعيا محايدا للنواب ومثلما يأتي بعضا منها بتقييم سلبي فكثير منها يأتي بتقييم إيجابي. التقييم السلبي يكون مثل جرس إنذار من أجل تحسين الأداء والتقييم الإيجابي يكون بمثابة ضوء أخضر لأن يستمر في الأداء الفعال والمؤثر. وهذا ما إنطلق منه ووصل إليه الباحث المرموق عبد الناصر قنديل نائب رئيس مركز جسور والخبير في الدراسات البرلمانية ودراسات المجتمع المدني والديمقراطية.
نؤمن بان عملية تحسين الأداء عملية مستمرة وإن كنا نطلق جرس إنذار للأخرين فإننا نطلقه أيضا لأنفسنا … جرس إنذار لنعمل بكل جهد وموضوعية لتحقيق أفضل النتائج من عملنا البحثي والفكري
هاني ابراهيم
رئيس مركز جسور للدراسات الاستراتيجية