إعداد : منير جمال يوسف
باحث في العلوم السياسية
القمة العالمية للحكومات هي أكبر تجمع حكومي سنوي عالمي تقام في الإمارات العربية المتحدة، تعمل كمنصة دولية تهدف إلى الارتقاء بمستقبل الحكومات وتمكينها من تحقيق التفوق والريادة، تجمع القمة الحكومية قيادات الحكومات والفكر وصانعي السياسات والقطاع الخاص لمناقشة سبل تطوير مستقبل الحكومات بناءً على أحدث التطورات والاتجاهات المستقبلية، حيث تهدف القمة العالمية للحكومات إلى تحسين حياة 8 مليار شخص وتنميتها للأفضل في كل نواحي الحياة للحصول على حقوقهم الأساسية من خلال تبني أهداف التنمية المستدامة.
يرأس القمة محمد القرقاوي وهو في ذات الوقت يشغل منصب وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي، بالإضافة إلى عهود الرومي التي تشغل منصب نائب رئيس القمة ووزارة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل الإماراتية، بينما يشغل عمر سلطان المدير العام للقمة.
عقدت أول قمة في 2013 في دبي ومنذ ذلك التاريخ تعقد بشكل سنوي بدولة الإمارات وتتناول موضوعات مختلفة تبعًا للتحديات التي يواجهها العالم في هذه الفترة فعلى سبيل المثال: –
- 2013 تضمنت الموضوعات بناء ثقة المواطن في الهيئات الحكومية، ووسائل التواصل الاجتماعي كأداة للمشاركة المدنية، وشراكات القطاعين العام والخاص، وقياس التنمية.
تضمنت موضوعات بناء ثقة المواطن في الهيئات الحكومية، ووسائل التواصل الإجتماعي كأداة للمشاركة المدنية، وشراكات القطاعين العام والخاص، وقياس التنمية ،وتنمية الأبتكار في تقديم الخدمات الحكومية،صناديق الأدوات الحكومية الذكية (بأستخدام تكنولوجيا المعلومات لإشراك المواطنين، وجهود مكافحة الفساد ومساعدة المواطنين المتضررين من النزاعات) والحكومات الرقمية ركزت القمم أيضاً على محاور رئيسية مثل : تغير المناخ والأمن الغذائي، رفاهية المواطنين وسعادتهم، خفة الحركة الحكومية والجغرافيا السياسية والمساعدات الإنسانية، بهدف التركيز على الأسئلة الأساسية التي تهدف إلى تمهيد الطريق للمستقبل في جميع أنحاء العالم
في 2015 حدثت طفرة في القمة من حيث دورها الدولي حيث تم تغيير أسم القمة من القمة الحكومية إلى القمة العالمية للحكومات وتغيير هيكل المنظمة واعتماد هدف تقديم خدمات معرفية متكاملة لأكثر من 150 حكومة ومنظمة عالمية .
القمة العالمية للحكومات بدبي من 13 -15 فبراير 2023: –
تعقد القمة تحت عنوان “استشراف مستقبل الحكومات ” ، وهي تضم عدد كبير من رؤساء الدول والوزراء ، فقد ذكر المكتب الإعلامي لحكومة دبي على حسابه الرسمي بموقع “تويتر”، أن القمة العالمية تجمع 20 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 250 وزيرا و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين، ويشارك بها أكثر من 80 منظمة دولية واقليمية وحكومية، وقد كان جدول اعمال هذه القمة غني بالجلسات حيث عقدت حوالي بها حوالي 300 جلسة وأكثر من 200 متحدث، أبرزهم ايلون ماسك أغنى رجل في العالم، ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي ، ايان بريمر رئيس ومؤسس الجمعية الاوروبية الاسيوية، راي داليو رئس شركة بريدج وتر للاستثمار، واحدة من أكبر صناديق التحوط في العالم وغيرهم من الشخصيات العالمية المؤثرة على مستوى العالم، كل ذلك يدلل على أهمية القمة وحرص عدد كبير من الدول والشخصيات العامة على المشاركة فيها .
وإذا ألقينا نظرة عامة على محاور المؤتمر نجد أن هناك 6 محاور رئيسية تناولها المؤتمر كالآتي: –
تسريع التنمية والحوكمة
وقد ركز على تمكين الحكومات من وضع النماذج الحكومية والسياسات والتكنولوجيا المبتكرة من خلال الارتقاء بالخدمات الحكومية والابتكار، حيث كانت هناك جلسة تحت عنوان حوار حول مستقبل الخدمات الحكومية، وكان وزير الاتصالات المصري الدكتور عمرو طلعت وسالم الشعمي مدير إدارة تطوير الخدمات الحكومية، مكتب رئاسة مجلس وزراء الإماراتي أبرز المتحدثين فيها.
مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية
تناول أثر العولمة على المجتمعات الافتراضية وأهمية معالجة القضايا المتعلقة بأخلاقيات العمل والسلوك ومعالجة حالة أنظمة الصحة العالمية بما يتضمن الصحة العقلية وتحليل التطورات المستقبلية، وكانت هناك جلسة تحت عنوان كيف نتعامل مع الانبعاثات الكربونية في ظل النمو العالمي، وكان سعادة إيف ديزازيل المدير العام للمنتدى الذري الأوروبي، جون ديفتيريوس أستاذ إدارة أعمال، جامعة نيويورك أبو ظبي أبرز المتحدثين.
استكشاف آفاق جديدة
أهتم هذا المحور بالبحث عن أهمية استكشاف آفاق جديدة للعلم من خلال العلوم والتكنولوجيا لحل أبرز التحديات واغتنام فرص العقد المقبل، حيث كانت هناك جلسة هامة عقدت عن بعد عبر الفيديو مع اليون ماسك مدير شركة تسلا والرئيس التنفيذي لتوتير.
حوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل
ناقش عمليات دعم وتطبيق الأطر والهياكل الاقتصادية والسياسات التي تساهم في تعزيز الانتعاش الاقتصادي وتمكين الحكومات من تحقيق المرونة الاقتصادية والازدهار والشفافية عن طريق الحد من آثار الأزمات التي هي من صنع الإنسان، حيث عقدت ورشة عمل حول أهمية المعلومات الجغرافية للحكومات والاقتصاد بالتعاون مع ESRI، حيث كانت ليندا بيتيرز أخصائي الناتج المحلي ESRI بمعهد بحوث النظم البيئية، وسرجيو فرننديز دي كردوفا من مؤسسة بفليك أبرز المتحدثين.
تصميم واستدامة المدن العالمية
سلطت الضوء على أهمية تسريع عملية الاستدامة وتوفير الموارد لعالمنا نحو التوسع الحضري السريع ويمكن للحكومات أن تنشأ مدن مستدامة من خلال علم النفس الحضري والبنية التحتية الذكية وأنظمة النقل المستدامة وإنتاج واستهلاك الطاقة المستدامة، إلى جانب مشاركة المواطنين والحكومات، حيث كانت هناك جلسة تحت عنوان “مدن المستقبل: مدن بلا حدود” تحدث فيها المهندس داوود عبد الرحمن الهاجري مدير عام بلدية دبي، عن كيفية تصميم واستدامة المدن العالمية.
التعليم والوظائف كأولويات الحكومة
يركز هذا المحور على إعطاء الأولوية للتعلم والعمل كأمر أساسي في تحقيق التغييرات للأجيال المقبلة وتطويرها، وأهمية تكيف الحكومات مع الظروف والتغيرات السريعة في القوى العاملة والقطاعات التعليمية لدعم الفكر الجديد ونماذج العمل والتنمية الوطنية وتطوير المهارات.
المنتديات: –
شملت منتديات القمة العالمية للحكومات عقد جلسات منفصلة تغطي مواضيع محددة ضمن نطاق عام وخاص، وعادة ما يتم عقدها بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين لجمهور معين، ومما سيتضح ان المنتديات تناقش مواضيع مرتبطة بالمحاور الرئيسية السابق ذكرها ، سوف نسلط الضوء على ابرز المنتديات التي تم عقدها في القمة .
منتدى أهداف التنمية المستدامة
منتدى أهداف التنمية المستدامة انطلق عام 2016 وأصبح منصة لتعزيز الابتكار نحو تحقيق الأهداف العالمية، يناقش المنتدى في القمة العالمية للحكومات 2023 التحديات العالمية من خلال حلول ومشاريع ومبادرات مبتكرة لتسريع تطبيق مبادرة “عقد العمل” لإيجاد حلول مستدامة لجميع التحديات الكبرى في العالم.
منتدى المرأة في الحكومة
شكل منتدى المرأة في الحكومة منصة عالمية للحوار عن القيادات النسائية الحكومية ويدعوا القادة من النساء إلى مناقشة فرص تمكين المرأة وتعزيز مكانتها في الحكومة، ويوفر المنتدى منصة عالمية للحكومات لدعم وتوحيد الجهود في تمكين واستكشاف إمكانات المرأة في صنع القرار.
منتدى الصحة العالمي
وفر منتدى الصحة العالمي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية منصة تفاعلية حوارية تسلط الضوء على نماذج للرعاية الصحية ومستقبل الصحة وتشمل هذه النماذج إدارة الأنظمة الصحية وصحة المجتمع واستخدام التكنولوجيا في تحسين جودة الحياة وتوفير الرفاهية.
منتدى مستقبل التراث الإفريقي
ناقش منتدى مستقبل التراث الإفريقي بمشاركة نخبة من المسؤولين وصناع القرار من دولة الإمارات ومؤسسات دولية وجهات حكومية مختلفة أهمية الحفاظ على مواقع التراث العالمي في قارة إفريقيا، وإداراتها تبعاً لأفضل الممارسات العالمية لإغناء التراث الإنساني العالمي في القارة، إضافةً إلى مناقشة أفضل الطرق لتسجيل مواقع أثرية أخرى ضمن عناصر اليونسكو تحت هذا الملف المهم.
منتدى المالية العامة للدول العربية
أهتم منتدى المالية العامة، الذي ينظمه صندوق النقد العربي سنوياً بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ملتقى لتعزيز فرص تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية من خلال مناقشة تحديات السياسة المالية في إطار التطورات الاقتصادية الراهنة.
المنتدى العالمي لتكنولوجيا وسياسات المناخ
بالشراكة مع المجلس الأطلسي، تستضيف القمة العالمية للحكومات المنتدى العالمي لتكنولوجيا وسياسات المناخ، والذي سيحدد بعض التحديات والفرص الرئيسية للقادة العالميين لمعالجة قضايا سياسات الطاقة والتكنولوجيا للحد من تغير المناخ.
ما وراء القمة: –
تعتبر مثل هذه القمم فرصة قوية للتقارب بين الدول والانفتاح على بعضهم وتعميق التعاون الاقتصادي والسياسي بينهم، والأهم من ذلك قد تكون فرصة لحل الخلافات بين الدول والبحث عن أرضية مشتركة تربطهم يستطيعوا من خلالها تجاوز بعض الصراعات، في الأغلب تشير الجلسات والمقابلات الثنائية التي تعقد على هامش هذه القمم وكلمات المسؤولين والرؤساء إلى الكثير من الاعتبارات المهمة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار بجانب الجلسات والمحاور العامة.
من الملاحظ أيضًا من خلال المحاور الرئيسية الموضوعات المثارة في المنتديات والجلسات المطروحة أن القمة تركز بشكل كبير على القضايا العامة التي تهم جميع الدول مثل مجال الصحة والتعليم والتحول الرقمي والتعاون الاقتصادي وقضايا المناخ وغيرها من القضايا التي تتفق عليها جميع الدول وتتجنب بشكل كبير الحديث عن القضايا السياسية ذات الخلافات العميقة التي يصعب بالطبع الوصول إلى رؤية مشتركة لها.
أبرز المواقف الاقليمية :-
مصر
كان لمصر دور كبير في المشاركة في لقاءات وجلسات القمة حيث شارك السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في جلسة مدتها حوالي 30 دقيقة تحدث فيها عن التحديات التي واجهت مصر من أحداث 2011 والتي تسببت في خسارة مصر 450 مليار دولار، ولكن لم تواجه مصر التحديات الاقتصادية فقط ولكن أشار الرئيس أن الدولة كانت تواجهه تحديات أمنية أيضًا حيث أن المواطن كان لا يشعر بالأمن ولكن أكد على أن ذلك أصبح من الماضي لأن مصر أستطاعت الأنتصار على الإرهاب، أيضًا كانت هناك تحديات في الطاقة وجودة التعليم وجودة الصحة وسوء البنية التحتية ولكن أستطاعت مصر التغلب على بعضها مثل الطاقة والبنية التحتية مع وجود تحدي كبير في قدرة الدولة في تحسين جودة الصحة والتعليم لأنها تتطلب ميزانيات ضخمة جدًا من الصعب توافرها في الوقت الحالي، في نفس الوقت ركز الرئيس في كلمته بشكل كبير على دعم الأخوة والأشقاء لمصر وقال أن لولا هذا الدعم لم تكن مصر تستطيع أن تمر من أزمتها يجب أن لا ننسي هذه المواقف فقد أشار إلى زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى مصر يوم 3 يوليو عام 2013 أي بعد ثورة 30 يونيو مباشرة والدعم الذي عرضة الشيخ على مصر من المواد البترولية والتي كان لها دور كبير في حل أزمة الطاقة وأيضًا أشار إلى الودائع التي وضعتها دول الخليج لدعم الأحتياطي النقدي لمصر، كل هذه الكلمات الطيبة تظهر بشكل كبير مدي عمق العلاقات المصرية الخليجية والتي قد تتأثر في بعض الوقت نظرًا لعدم اتفاق المصالح بشكل كامل أتجاه القضايا الإقليمية مثل القضية السورية وغيرها ولكن هذا لا يعني وجود عداوة فالعلاقات الدولية في الوقت الحالي تتسم بالتشابك والتعقد إلى حد كبير حيث يجمعها المصالح بشكل كبير، حيث أن الرئيس أكد في كلمته على انه حتى إذا كان هناك خلافات لا يجب ان ننسى المعروف الذي بيننا ، أشار الرئيس المصري إلى أنه أوصى رئيس دولة الأمارات أن يذيد من الدعم المقدم لسوريا بسبب الزلزال الأخير ولكن لم يذكرانه أوصى بتقديم نفس الدعم إلى تركيا على الرغم أنها متضررة بشكل أكبر من الزلزال، قد يشير ذلك إلى استمرارية وجود حساسية بين الدولتين على الرغم من محاولات التقارب الأخيرة بين الدولتين .
لقاءات مصر على هامش القمة:-
شاركت مصر أيضًا في عدد من الجلسات على هامش المؤتمر بحضور السيد الرئيس ورئيس البنك المركزي المصري ووزير المالية ووزيرة التخطيط وغيرهم من الوزراء وتمثلت هذة المشاركات في الآتي : المائدة المستديرة للشركات المليارية بحضور عدد من كبريات الشركات الناشئة المليارية، وعقد جلسة بعنوان أستثمر في مصر تجربة الصندوق السيادي المصري، ومقابلة الدكتور محمد الجاسر رئيس مجموعة البنك الاسلامي للتنمية، والسيدة كريستينا جورجيفانا المدير العام لصندوق النقد الدولي، من الملاحظ بالطبع أن معظم الجلسات التي شاركت فيها مصر على هامش المؤتمر اقتصادية بامتياز وذلك يظهر بشكل كبير أولوية الدولة المصرية وتوجهاتها في الفترة الحالية ، ولكن يوجد لقاء وأحد يمكن وضعة تحت اطار التنسيق السياسي وهو التقاء السيد الرئيس بالسيدة نجلاء بودن رئيسة وزراء جمهورية تونس فمن المعروف أن مصر وتونس لهم خبرة مشتركة في ان كلاهما مر بثورات ورحيل أنظمة الحكم في نفس المدة تقريبا وكلاهما أيضًا سيطر عليهم الإخوان المسلمين لفترة، والمعلن بشكل رسمي أن الدولتين تناولا سبل تعزيز التعاون بين الدولتين ونقل خبرة مصر التنموية الى تونس، ولكن بالطبع تطرق الحديث إلى مساندة مصر لنظام التونسي ودعمة ضد حركة النهضة خشية من أن سقوط النظام التونسي سيسهل وصول الاخوان المسلمين الى رأس السلطة وهو ما سيهدد أستقرار المنطقة وقد يؤدي إلى انهيار دولة تونس وتفككها مما سيؤثر بالتأكيد على العلاقات المصرية التونسية، من المحتمل أيضًا تطرق الحديث إلى القضية الليبية حيث أن كل من الدولتين يشتركان بحدود مع ليبيا التي توجد بها حكومتين حكومة حفتر وحكومة السراج ومن المعروف أن حكومة السراج تحصل على دعم كبير من تركيا وهو ما يهدد أمن وسلامة مصر وتونس .
غياب محمد بن سلمان عن القمة:-
من اللافت للنظر غياب السعودية عن المشاركة في مؤتمر القمة العالمية للحكومات وفي الحقيقة أن هذا ليس الغياب الأول للسعودية في الفترة الأخيرة عن اللقاءات العربية فعلى سبيل المثال، غابت السعودية عن القمة العربية في الجزائر التي عقدت في نوفمبر الماضي، وغابت أيضًا عن قمة أبو ظبي التي عقدت في يناير الماضي ، وغابت السعودية ايضا عن قمة العلمين التي عقدت في اغسطس الماضي ، كل هذه الغيابات بالطبع لا يمكن أن تكون صدفة خاصة وانها لقاءات عربية وكانت بحضور دول خليجية مثل الإمارات والبحرين، وتناقش قضايا الخليج التي تهم السعودية بشكل كبير بالطبع كطرف فاعل مهم جدًا .
قد فسر البعض غياب السعودية عن المشهد أنه قد يرجع إلى وجود خلافات مع الأمارات حول القضية اليمنية حيث أن الدولتين لم يتفقوا في رؤية مشتركة حول القضية اليمنية ، وقد أثير ايضاً في الفترة الأخيرة وجود خلافات أقتصادية خاصة بمنظمة الاوبك ، علاوة على ما أثير أيضاً بوجود بعض التوترات مع مصر حول رؤيتهم المشتركة لبعض القضايا الأقليمية والأقتصادية وهذا قد يؤثر بدورة على التحالف الثلاثي بين مصر والسعودية والأمارات إلى حين الاتفاق على رؤية مشتركة في القضايا التي تمثل ذلك الخلاف .
تركيا: –
لم يحضر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القمة بشكل شخصي نظرًا للأوضاع السياسية الصعبة التي تمر بها بلادة بعد التعرض لزلزال عنيف يوم 5 فبراير وأودي بحياة حوالي 35 الف شخص ولكن هذا لم يمنعه من المشاركة في أحداث المؤتمر من خلال كلمة مسجلة عرضت في اليوم الثاني للمؤتمر وفي الحقيقة أبرز ما تناوله الرئيس التركي في كلمته أن تركيا ودول الخليج العربي هم المحور المركزي لأمن المنطقة واستقرارها ورخائها وتحقيق التكامل الاقتصادي وقال أيضاً أن أمن وأستقرار تركيا مرتبط بأمن واستقرار دول الخليج ونوه إلى أن تركيا ودول الخليج يولون أهمية قصوى لبنية النقل البري وشبكة السكة الحديدية التي ستربط منطقة الخليج بأوروبا وآسيا عبر تركيا، وهذه النقاط التي أشار لها توضح مدى ادراك تركيا بأهمية الأحتفاظ بعلاقات قوية مع دول الخليج كشريك استراتيجي مهم في المنطقة نظرًا لاتفاقهم على بعض القضايا الاقليمية مثل رغبة كلاهما في اسقاط النظام السوري وعداوة كلاهما لإيران ، غير أن المشكلة الاقتصادية التي تمر بها تركيا حاليًا وسقوط عملتها يعد من أهم عوامل التقارب مع دول الخليج كدول غنية يمكنها حماية اقتصاد تركيا من الانهيار كما فعلت قطر بتقديم 15 مليار دولار لتركيا، ولكن من الملاحظ خلال كلمة الرئيس التركي عدم ذكر مصر في كلمته حيث كان تركيزه بشكل كبير على دول الخليج وتجاهل التنويه عن دور مصر الإقليمي أيضا في المنطقة وهذا يظهر بشكل أو بآخر وجود بعض الحساسية بين تركيا ومصر نظرًا لاختلافهم في بعض القضايا مثل حقول غاز شرق المتوسط والتواجد التركي في ليبيا ومساندة حكومة السراج ضد حفتر التي تسانده مصر بقوة للحفاظ على وحدة وأمن الأراضي الليبية التي تمثل أمن قومي لمصر نظرًا لوجود حدود مشتركة بينهم تتجاوز ألف كيلو متر.
مشاركة إقليم كردستان في القمة: –
الأكراد هم مجموعة عرقية ليس لهم لهجة موحدة، لغتهم هي الكردية، يدين اغلبهم بالديانة الإسلامية، ولكن ليس لهم دولة مستقلة حيث يشكلون مجموعات تقع في عدة دول أبرزهم العراق وسوريا وإيران وتركيا وأرمينيا ويشكلون أقلية في كل هذه الدول ويتراوح عددهم بين 20 الى 30 مليون وفق اّخر التقديرات، يتمتعون بحكم ذاتي في العراق فقط فيما يسمي بإقليم كردستان العراق.
شارك أقليم كردستان في القمة الدولية للحكومات بشكل رسمي رغم أنه ليس دولة مستقلة مما أثار العديد من علامات الاستفهام حول مشاركتهم في قمة الحكومات، حيث شارك مسرور بازاراني رئيس وزراء أقليم كردستان العراق ، وعقد عدد من اللقاءات على هامش القمة، حيث ألتقى بنائب رئيس دولة الأمارات محمد بن راشد آل مكتوم وألتقى أيضًا بحاكم إمارة رأس الخيمة سعود بن صقر القاسمي، الذين اكدوا دعم دولتهم للأكراد من خلال مشاريع استثمارية ضخمة للطاقة النظيفة والمتجددة في اقليم كردستان، لكن هذه ليست بالطبع المشاركة الوحيدة لإقليم كردستان في المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية مثل مؤتم دافوس الاقتصادي ومؤتمر مينوخ الأمني وغيرها من الفاعليات الدولية.
دلالات مشاركة إقليم كردستان في القمة العالمية للحكومات: –
في البداية إقليم كردستان له قيمة اقتصادية كبيرة حيث أنه إقليم غني جدًا من حيث الأحتياطي من البترول التي تمثل حجر الزاوية لأي نهضة اقتصادية بالنسبة للدول الصناعية كبرى وبالتالي مشاركته مهمة في هذه المؤتمرات نظرًا لأهميته الاقتصادية، أيضًا يمثل الإقليم موقع جغرافي مهم على الخريطة السياسية حيث أنه يقع على حدود 4 دول مهمة وكبيرة في الشرق الأوسط وهما كما ذكرنا العراق وسوريا وإيرإن وتركيا، لذلك مشاركة الأكراد له أهمية من الناحية الجغرافية بجانب الأهمية الاقتصادية.
أخيرًا يعتبر الأكراد شوكة في ظهر الدول التي يتواجدون فيها حيث أنهم يسعون إلي الانفصال وعمل حكم ذاتي مستقل وعدم الخضوع لحكومات الدول التي يتواجدون فيها، يسهل ذلك وجود جيش أو قوات تسمى بالبشمركة تستخدمها في بعض الأحيان ضد أي خطر أو تهديد تواجهه مثل مقاومتها لتنظيم الدولة الاسلامية، أيضًا عامل من عوامل تسهيل رغبتهم في الانفصال وجودهم على حدود تلك الدول وليس في وسطها غير أنهم منعزلين نسبياً عن باقي الأعراق نظرًا لاعتزازهم بلغتهم وثقافتهم، وقد يحصلون على الدعم من بعض الدول لتشجيع هذه النزعة الانفصالية ضد دولهم لذلك قد تحاول دولهم احتوائهم من خلال دعوتهم على المشاركة في الفعاليات الدولية وأيضًا في المقابل تحاول الدول الأخرى دعوتهم للاعتراف بهم كقوة فاعلة معترف بها دوليًا وتقوية موقفهم الدولي ضد دولهم.
الخاتمة :-
القمة العالمية للحكومات واحدة من أهم الفاعليات الدولية التي يتم عقدها سنوياً ذلك بسبب مشاركة معظم دول العالم فيها ومشاركة ايضاً شركات متعددة الجنسيات وهيئات دولية وشخصيات عامة ومؤثرة ، ايضاً تستمد اهميتها من المحاور والمواضيع التي تناقشها حيث أنها تهم جميع دول العالم تقريبا نظراً
لشموليتها ، قد يستشف من وراء مثل هذة القمم عدد من الدلالات من خلال تحليل الخطابات واللقاءات الهامشية التي تعقد على هامش القمة ، والدول التي كانت حريصة على الحضور والدول التي امتنعت وغيرها من الأحداث التي يكون لها قيمة ودلالة غالباً ما تكون مختلفة عن المعلن منها ، فقد حاول التقرير عرض المحاور الرئيسية للقمة وأهم المنتديات التي تم عقدها بالأضافة الي مناقشة قضايا بعض الدول كان أبرزها مصر وتركيا وغياب السعودية ومشاركة أقليم كردستان ، في الحقيقة مثل هذة القمم تكون ضرورية بشكل كبير للتفاهم بين الدول وتقارب وجهات النظر من الناحية السياسية ، وتكون ضرورية لعقد شراكات وأتفاقيات أقتصادية من الناحية الأقتصادية ، ومهمة للتنسيق الدولي في قضايا مهمة مثل التغير المناخي والصحة والتعليم من الناحية البيئية والأجتماعية .